الرئيس السيسي نجح في وضع أسس للعلاقات مع السودان وإثيوبيا.. والتوصل لموقف مشترك بشأن سد النهضة أكد د. محمد مجاهد الزيات رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط سابقا أن العملية سيناء2018 نجحت في اجتثاث البنية الأساسية للتنظيمات الإرهابية, وأنها تشمل تجفيف منابع الإرهاب في كل ربوع مصر, مشيرا إلي نجاح مصر في حل الخلافات مع دول الجوار منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة مما أسفر عن تفاهمات مشتركة مع السودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة, مشيرا إلي الدور المصري الرائد في إحلال المصالحة الفلسطينية والسعي المستمر للتوصل إلي هدنة مع الجانب الإسرائيلي لحماية الفلسطينيين بالداخل, وأوضح د.مجاهد أن مصر تسعي لتأمين حدودها مع ليبيا من خلال المشاريع التنموية التي تهدف لزيادة الاستثمارات وفرص العمل وعدم السماح بوجود فراغ سكاني واقتصادي يسمح بوجود بيئة حاضنة للإرهاب. وحول أهم التحديات التي يواجهها الأمن القومي المصري وإجراءات الدولة والقوات المسلحة لمواجهتها, والدور المصري في حل المشكلات الإقليمية كان هذا الحوار. - بداية ما النتائج التي حققتها العملية سيناء2018 وما الرؤية المستقبلية للعمل علي هذا المستوي؟ يجب أن نوضح أن سيناء2018 ليس مقصودبها مواجهة عمليات إرهابية بصورة ضيقة ولكن مقصود بها عملية شاملة لاجتثاث جذور الإرهاب ليس فقط في سيناء ولكن أيضا في الصحراء الغربية وفي الجنوب وعلي امتداد الوطن بالكامل, وتجفيف منابع الإرهاب وتحقيق التنمية الشاملة في المناطق التي كانت مجالا للعمليات الإرهابية حتي لا تتوافر بيئة حاضنة لهذه العناصر, علي أن تكون هذه التنمية علي كل المستويات وهو ما يجري الآن من تنمية علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي, لذا فإن تقييم العملية سيناء2018 يجب أن يأخذ هذه الاعتبارات في الذهن فليس المقصود فقط كم عدد الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم فهذا أمر قائم ويتم إعلانه بصورة أساسية, وأعتقد أن مقاومة الإرهاب في سيناء قد نجحت حتي الآن في القضاء علي البنية الأساسية للتنظيمات الإرهابية ولم يبق سوي بعض حالات إرهاب عشوائي من بعض العناصر التي كانت تختفي داخل المناطق السكنية. - وماذا عن المدنيين في سيناء؟ الرئيس عبد الفتاح السيسي حرص علي ألا تؤثر العمليات العسكرية في سيناء علي السكان والمدنيين وبالتالي لم تتجه مصر للحلول السهلة والتي كان منها تهجير أهالي سيناء علي غرار تجربة تهجير أهالي القناة خلال حرب الاستنزاف, فكان مطروح أن يتم تهجير المدن التي تشهد مناطق إرهاب إلي مناطق أخري ولكن الرئيس رفض ذلك حرصا علي بقاء المدنيين, والعمليات العسكرية تتحاشي أن تتم داخل المناطق السكنية, وهذا ما يصعب العمليات العسكرية علي القوات المسلحة والشرطة وأجهزة الأمن, لذا فإن هذه الصعوبات أدت إلي طول فترة العملية سيناء2018. الشاهد الآن أنه تم القضاء علي معظم التنظيمات الإرهابية بصورة كاملة تقريبا بسيناء واتجهت التنظيمات إلي مناطق أخري داخل الوطن وهو ما تتم مقاومتها. - وهل توقف تدفق العناصر الإرهابية إلي مصر من مناطق الصراع بالمنطقة؟ النقطة الثانية في هذا الموضوع أن الإرهاب الذي يتم القضاء عليه في سوريا والتي كانت ميدانا لتدريب التنظيمات الإرهابية والإعداد لهذه العناصر ويتم دفعها إلي مصر تأثرت كثيرا بخروج التنظيمات الإرهابية من مناطقها وسيطرة الجيش السوري علي الأرض وبالتالي فإن إمداد العناصر الإرهابية وتحركها نحو مصر قل بصورة أساسية في الفترة الأخيرة. - هل المنطقة الغربية تمثل خطرا علي الأمن القومي المصري؟ وما إجراءات الدولة في مواجهة ذلك؟ وهل يمكن تصور تحقيق الأمن علي الحدود الليبية؟ نعم المنطقة الغربية صعوبتها أنها تمتد لأكثر من1000 كيلو علي الحدود عكس سيناء التي التي كانت ترتبط بنحو14 كيلو مع قطاع غزة الذي كان مصدرا للعناصر الإرهابية ذهابا وعودة. النقطة الثانية أن المنطقة الغربية علي الحدود مع ليبيا تواجه مصر صعوبة في تأمينها, لأن في دول العالم كلها كل دولة معنية بتأمين حدودها من جهتها إلا فيما يتعلق بليبيا فلم تكن هناك دولة, ولم تكن لها قوات تحمي الحدود فكان علي مصر أن تحمي الحدود من ناحيتها ومن ناحية الحدود الليبية, وبالتالي حدث التعاون مع الجيش الوطني الليبي الذي قام بعمليات لتصفية الإرهاب. النقطة الثالثة أن منطقة شرق ليبيا كانت منطقة تدريب للعناصر الإرهابية, فهناك يتم تدريبها بداية, ويتم نقلها إلي سوريا للمشاركة في العمليات الإرهابية هناك, والانضمام للتنظيمات الإرهابية, كما كان يتم تسريب عناصرها إلي داخل مصر إلي سيناء, بل إن العناصر التي كانت تذهب إلي سوريا تتلقي تدريبا وترفع كفاءتها في استخدام الأسلحة والمتفجرات وتصنيعها, وتعاد إلي سيناء, ثم تهريب السلاح نفسه من ليبيا إلي داخل مصر وإلي سيناء, وكانت هناك طرق لتهريب السلاح سواء من الشمال أو من منطقة الجنوب التي تقترب من منطقة الساحل والصحراء الإفريقية التي لا تخضع لسيطرة أي دولة من الدول وتنتشر فيها تنظيمات تجارة السلاح والمخدرات والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين, وكانت تأتي إلينا من هذه المنطقة الأسلحة والعناصر الإرهابية. - وكيف واجهت القوات المسلحة ذلك؟ القوات المسلحة في خطة سيناء2018 جعلت المنطقة الغربية جزءا أساسيا من هذه الخطة فتم تأمينها, وعلي المستوي الاقتصادي يتم الآن التعمير, وأعتقد أن إقليم العلمين الجديد هو جزء أساسي في تحويل هذه المنطقة إلي منطقة جاذبة للاستثمار وتوفير فرص عمل بالإضافة إلي منطقة الضبعة والمحطات النووية التي تتم, حتي لا تتكرر تجربة الفراغ السكاني والفراغ الاقتصادي, والبيئة الحاضنة للإرهاب, والإجراءات الحكومية تهتم بأن يكون هذا الإقليم يمتد من البحر المتوسط حتي الواحات, حتي لا يكون هناك فقط تأمين أمني للحدود, ولكن أيضا توفير تأمين اقتصادي, ومجتمع حضري يسمح بتمركز السكان ليحول دون توافر بيئة حاضنة للإرهاب. - ما بين الحراك الفلسطيني والقمع الإسرائيلي كيف تري المشهد علي الحدود الشرقية؟ ما يجري الآن في الملف الفلسطيني إجراءات لافتة للنظر, المستوي الأول فيه هو محاولة عقد هدنة ما بين حركة حماس وبين إسرائيل بداية, ثم يكون بين الفلسطينيين عموما وبين إسرائيل, حماس كانت تجري مفاوضات وتعقد هدنات مع إسرائيل وكانت مصر الوسيطة في الهدنات التي تمت ما بين الطرفين, إسرائيل في الفترة الأخيرة استهدفت الآتي: كانت في الأول تعلن مبدأ وقف القصف الفلسطيني مقابل وقف القصف الإسرائيلي, لكنها وجدت في الفترة الأخيرة أن هناك بعض العمليات الفلسطينية مثل إطلاق البالونات الحارقة والتي أصبحت تهدد الأمن الإسرائيلي, ثم الحفريات التي تتم علي الحدود, الهدف الإسرائيلي بالدرجة الأولي هو وقف عمليات التهديد للأمن القومي الإسرائيلي من منظور الدولة الإسرائيلية في مقابل التهدئة مع غزة, وتخفيف الحصار الموجود عليها والبحث عن أسلوب للإنعاش الاقتصادي للسكان, وكانت الخطة تقتضي أن تكون هناك مرحلة أولي ليتم وقف عمليات الانفاق ووقف البالونات الحارقة, ووقف مسيرات العودة التي تزعج إسرائيل وتحرك الرأي العام العالمي, في مقابل أن يتوقف القصف الإسرائيلي لغزة, في مقابل أن يتم فتح المعابر بصورة أساسية, ثم الانتقال بعد ذلك إلي مرحلة تالية لتسليم جثث قوات الاحتلال الإسرائيلية الموجودة لدي حماس, ومدنيين إسرائيليين معتقلين لديها, في مقابل أن تتحرك إسرائيل لعمل ميناء يتم من خلاله التصدير إلي غزة وعمل مطار, وتصل هذه المباحثات إلي المرحلة الثانية حتي الآن, لأنه لا تزال هناك قضايا شائكة, فحماس التي كانت تزايد بصورة أساسية فيما يتعلق بسلاح المقاومة, مطلوب منها اليوم إذا وافقت علي الهدنة تجميد سلاح المقاومة ويتم التأمين وتكون حماس مسئولة عن توفير الأمن الإسرائيلي. - وماذا عن المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية التي تتم بوساطةمصرية؟ هناك مشكلة بين حماس والسلطة الفلسطينية, والسلطة تري أنه لا يمكن أن تتم هدنة ما بين إسرائيل وحماس منفردة, ولا بد أن تشارك وبالتالي فإن هذه الهدنة لكي تنجح يجب أن يحدث تقدم فيما يتعلق بالمصالحة ما بين السلطة وبين حماس وما زال هذا الملف شائكا حتي الآن, ومازالت مصر تبذل جهودا الهدف الأساسي فيها هو تهدئة الموقف العسكري وحماية الشعب الفلسطيني في الداخل, المشكلة في حماس والسلطة الفلسطينية إلي أن يتفقوا. - وماذا عما يثار من آن لآخر بشأن ضرورة فتح معبر رفح؟ الحديث عن معبر رفح متي يغلق ومتي يفتح ليست مسئولية مصر, لأن المعبر له اتفاقيات تحكمه وهي الأساس لفتح المعبر من عدمه, الشروط الموضوعة أن يكون ممثل السلطة موجودا علي الحدود, وإذا توافرت تلك الشروط وحدث التصالح لفتح المعبر بصورة أساسية, لا تزال قضية المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية شائكة, ولا تزال قضية الهدنة مع إسرائيل متوقفة, ولكن الجهود المصرية تسعي للتقريب أولا بين السلطة وحماس, ثم الانتقال لمرحلة هدنة طويلة الأجل ما بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. -هل تراجع خطر هروب العناصر المسلحة والأسلحة من قطاع غزة لمصر؟ أعتقد أن هذا الأمر توقف بعد التفاهمات التي تمت مع حماس وتحميلها مسئولية تسلل الأفراد, ثم عمل منطقة عازلة من الجانب المصري, ومنطقة عازلة من الجانب الفلسطيني, وأعتقد أن الأنفاق قلت بصورة أساسية ولم تعد هناك أنفاق بين البلدين, وأعلنت مصر تحمل حماس لمسئوليتها في هذا المجال. - بعد زيارة الرئيس السيسي للسودان, ولقاء وزيري خارجية البلدين هل عادت العلاقات بين البلدين إلي مسارها الصحيح؟ من الملاحظ أنه منذ تولي الرئيس السيسي السلطة حرصه الشديد علي حل الخلافات مع دول الجوار بالدرجة الأولي, وإزالة الاحتقان القائم في العلاقات, وقد تحمل الكثير في هذا المجال, واستوعب المواقف السودانية التي كانت حادة في التعامل مع مصر وتعامل معها بطريقة هادئة, ونجح في وضع أساس للعلاقات يسمح بالبناء عليه, وفي اعتقادي أن العلاقات وصلت إلي مستوي إيجابي في الفترة الحالية لم تشهده هذه العلاقات من قبل, ويمكن تطويره إيجابيا في مراحل قادمة, وبالتالي أعتقد أن ذلك سيؤمن أولا الحدود ويخلق مجالات للتفاهم ما بين البلدين, بيننا وبين السودان تفاهم أمني وسياسي واقتصادي, وفي اعتقادي إذا نجحنا في إعادة التعاون الاقتصادي بين البلدين سوف ينعكس سياسيا وأمنيا علي مصر والسودان, لكن في هذه المرحلة هذبت السودان موقفها من سد النهضة وأصبحنا الآن نتحدث عن تفاهمات وليس عن مواقف منفردة, وأصبحنا نتحدث عن صياغة موقف سوداني مصري مشترك للتعامل مع سد النهضة. - بالنسبة لملف سد النهضة والعلاقة مع إثيوبيا, وزيارة وزير الخارجية سامح شكري ورئيس المخابرات المصرية لأديس أبابا.. إلي أين يتجه هذا الملف؟ مع بداية الحديث عن سد النهضة كان أمامنا أحد حلين إما أن نتعامل معاملة جافة وحادة فيما يتعلق بالعلاقات مع إثيوبيا وهذا أسلوب رفضه الرئيس السيسي, وكان البديل هو خلق أرضية تفاهم بين البلدين تسمح بتعاون مشترك يحقق مصالح الجميع ولا يضر بالمصالح المصرية, وهذا ما سلكه الرئيس السيسي ونجح في التركيز علي خلق مناخ إيجابي للعلاقات الثنائية, وخاطب البرلمان وجاء رئيس الوزراء الإثيوبي إلي مصر, وأصبح الحديث ليس عن أن يكون هناك سد النهضة أو لا يكون, ولكن ألا يكون إقامة سد النهضة ضارا بالمصالح المصرية, وهو ما حدث في التفاهمات بين البلدين بخصوصه, وأعتقد أن العلاقات الثنائية علي المستوي الرئاسي بين البلدين أصبحت أكثر إيجابية, وفي الوقت نفسه أصبحت العلاقات الثنائية مرشحة لمزيد من التحسن وذلك ينعكس علي سد النهضة, والتطورات الأخيرة فيما يتعلق ببناء السد ذاته وأنه سوف يتأخر أعتقد أنه يخدم التفاهمات بين البلدين, وأصبحت القضية هي أن تطول مدة التخزين بدرجة لا تضر بالمصالح المصرية, ولا تؤثر علي استخراج الطاقة. وأصبح الحديث الآن عن كيفية خلق مصالح مشتركة بين مصر وإثيوبيا فيما يتعلق بسد النهضة, وكيف يمكن استثمار الطاقة الكهربائية التي تخرج منه, وكيف يمكن أن تساعد مصر بنفسها في بناء السد, وأعتقد أن الزيارة الأخيرة للوفد المصري من جانب رئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية سامح شكري تسير في هذا الاتجاه وتتحدث عن مستوي أكثر إيجابية للعلاقات الثنائية بين البلدين.