الغاضبون يقولون: إنها السياسة التي انتصرت في جوائز الأوسكار, ونحن نسأل: وهل غابت يوما عن السينما الأمريكية؟ هناك الجديد هذه المرة ويحتاج إلي الرصد الصحيح, لأن القضية أكثر عمقا من مجرد المنافسة علي الجائزة. وحتي إذا كان الفيلم الفائز خزانة الألم يحمل وجهة النظر الرسمية والمنحازة والتي تري أن الأمريكيين قد ذهبوا إلي العراق لأسباب إنسانية, ولمواجهة الوحوش البشرية التي لا تعرف سوي القتل والتدمير, حتي إذا كان ذلك صحيحا, فإن طرح القضية في أهم وأشهر المناسبات التي تجتذب الرأي العام العالمي دون استثناء, وليس في الولاياتالمتحدة فقط يسجل حدثا كبيرا واستثنائيا ويفتح الباب أمام معالجات أخري تعرض الحقائق عندما تذاع كاملة وستكون وقتها أغرب من الخيال. وعلينا اعتبار أن العراق هو صاحب الأوسكار مهما تكن الرؤية حول الدور الأمريكي, ولكن الرسالة الواضحة أنه الملف الأول الآن في دائرة الاهتمام والمتابعة, لأن الواقع يقول إن المهمة التي أشار إليها الفيلم لم تنته بعد وان هناك عشرات الآلاف من الشباب الأمريكي يقاتلون ويتعرضون لأخطار حقيقية تتزايد يوما بعد يوم, مما دعا أوباما إلي التركيز علي إتمام البرنامج الزمني للانسحاب من هناك. والناحية الأخري التي يتعين الاهتمام بها, أن الفيلم المنافس آفا تاروعلي الرغم مما حققه من المليارات ليسجل أعلي إيرادات في تاريخ السينما, هذا الفيلم يندرج في قائمة طويلة لها فلسفة الهروب من الواقع من خلال مخدرات سينمائية تحلق في الخيال لترسم ما يحلو لها من أحلام اليقظة. وقد أراد القائمون علي أوسكار تأكيد أن الواقع يظل الأهم والأولي بالرعاية مهما تكن عوامل الابهار في آفا تار. والمحصلة بعيدا عن التخصص النقدي, أن جوائز الأوسكار قد ترجمت هذا العام عن التوجه الأمريكي نحو الهبوط علي الأرض وان ذلك يشكل مطلبا عاجلا لا يفسح المجال أمام ترف التوهم والخيال. والصعوبة الكبري التي تواجهها السينما الأمريكية أن مشاهد الكوارث والأزمات المتتالية مثل أحداث الحادي عشر من سبتمبر, والأزمة المالية, هي أكثر إثارة وألما من أفلام الواقع والخيال علي حد سواء. [email protected]