أنا امرأة كتبت عليها الأقدار أن تعيش شريدة في الحياة بلا أهل أو زوج علي الرغم من أن والدي وزوجي علي قيد الحياة ولكنهم جميعا يلفظونني ولا يريدونني بينهم. أعيش بمفردي وأحمل بين أحشائي طفلا ليس له ذنب في الحياة غير أنه سيأتي إلي الدنيا لأب غاب عقله مع ألسنة الدخان الأزرق وجلسات أصدقاء السوء حتي تملك منه الإدمان ما جعله يبيع كل ما يملك ليشتري جرعات السم المخدرة ولم يبق له غير أن يبيعني أنا أيضا ولم يكن يعنيه أن يريدني أحد أصدقائه مقابل دين السم الذي يسري في دمه فهربت بما بقي لي من آدمية وشرف وذهبت لوالدي ألوذ به فما كان منه هو الآخر إلا أن يطردني قائلا: واجهي مصيرك وحدك مش ده إللي اخترتيه واتجوزتيه دون رضانا.. وخرجت من بيت أهلي لا أدري إلي أين أذهب لولا أن امرأة عجوز تعيش بمفردها تمت بصلة قرابة بعيدة من أمي آوتني عندها لالتهمتني ذئاب الشوارع وضاعت حياتي إلي الأبد. ورغم مشقة الحمل أقدرني الله عز وجل أن ألتقط لقمة عيشي بالخدمة في المنازل ومن بيت إلي بيت ألهث هنا وهناك أجري علي نفسي ومن في بطني والمرأة العجوز التي أعيش معها فقد كان معاشها قليلا وتعيش علي مساعدات الناس وترحمهم بها بعد أن مات عنها زوجها وابنها الوحيد ولم يعد لها من يعولها. وتمضي الأيام والشهور وجاء موعد ولادتي, لم يكن معي ما يدخلني مستشفي للولادة ولكن الدنيا لم تعدم قلبا رحيما يعطف علي ويدخلني المستشفي بل وجدت من يتكفل بنفقات الصغير كاملة. عندما ذهبت لوالده أخبره بمجيء ابنه لم أجده كان حيا ميتا لا يعي نفسه ولا من حوله فليرحمه الله مما هو فيه فالموت راحة له من عذاب السم الذي تملك منه وسيطر عليه. وعدت خالية الوفاض أجر أذيال الخيبة أبحث لي عن رحم تحتضنني وولدي فلم أجد وقررت أن أذهب لوالدي ثانية لعله يرق لحالي ويتذكر أني ابنته وإن كنت قد أخطأت فهذا قدري وقد دفعت فاتورته غالية ولكن والدي كان لا يزال علي عناده ورفضه لي, كانت أمي مشفقة علي تريدني أن أبقي إلي جوارها بالبيت لكن أبي نهرها وأبي إلا أن أخرج للشارع. سيدي جئتك شريدة بائسة, شاردة تحاوطني الحيرة بأسوار اليأس من الحياة لا أدري من أمر نفسي أو ولدي شيئا فلا أنا قادرة علي الحياة مشردة ولا أريد لولدي أن يعيشها. س. ج. شبرا ما أنت فيه يا ابنتي قدر محتوم, كانت إرادتك هي بداية المأساة فيه بالاختيار السيئ لشريك حياة لم يكن بقدر المسئولية التي علي كاهله كزوج ولكن ما يدهشني حقا هو موقف والدك فكيف لأب أن يلفظ فلذة كبده وإن أخطأت ويتركها فريسة سهلة لذئاب الشوارع يلوكون شرفها الذي هو شرفه في الأساس؟ مهما كانت قسوة قلبه وغلظة طباعه فأنت ابنته والطفل الذي رزقك به الله عز وجل هو حفيده وعليك ألا تملي الذهاب إليه واستعطافه وكما لان لك قلب أمك لعل قلب أبيك يلين لك يوما ويحتويك بحنانه وإن لم تستطيعي ذلك حاولي أن توسطي له واحدا من أقاربكم أو صديق عزيز عليه وإن شاء الله يرق لك ويعيدك إلي ظل بيته سترا وحنانا.