تظهر لنا بين الحين والآخر مستجدات تفرض نفسها وتحتاج إلي ضوابط وحلول من الناحية الشرعية, ويقابلها علي النقيض أصوات غير مؤهلة تخرج علينا بآراء ما أنزل الله بها من سلطان, ووقع السواد الأعظم من المسلمين في حيرة مابين مطالبات بإغلاق باب الاجتهاد, أو ضرورة أن يظل مفتوحا. لذا لجأنا لعلماء الدين ليدلوا بدلوهم في القضية فقالوا إن باب الاجتهاد لم ولن يغلق بسبب المتغيرات التي تطرأ علي المجتمعات الإسلامية والتي لم يكن قد اتخذت بشأنها أحكام فاصلة,وأكدوا أن لهذا الباب شروطا يجب توافرها لمن يتصدي للاجتهاد, وأكدوا أيضا أن الفترة التي أغلق فيها الباب كانت فترة جمود فكري أضرت ولم تفد الشريعة الإسلامية. يقول الشيخ عبد العزيز النجار أمين عام الدعوة ووكيل الأزهر إن باب الاجتهاد لم يغلق ولن يغلق مادامت هناك حياة وهناك مستجدات تحتاج إلي ضوابط وحلول من الناحية الشرعية, مؤكدا أنه لا يوجد أي إنسان يمكنه وقف إعمال العقل والاستنباط من القرآن والسنة النبوية وإلحاق الشبيه بالشبيه, ومعرفة ضوابط القياس, وما سمي الفقه فقها إلا لأنه يستطيع التجديد في الأحكام. وأكد أن للاجتهاد شروطا اتفق عليها العلماء وهي الإسلام والعقل, لأن العقل هو مدار التكليف, والبلوغ لأنه لا يصح للصبي أن يجتهد, وأن يكون المجتهد عالما باللغة والناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم, وعلي دراية بعلم الحديث لاثبات الصلة بالأحكام, وأن يكون لديه علم بمواقع الإجماع والخلاف بين الفقهاء حتي لا تكون فتواه مخالفة لإجماع أو يدعي حكما وينسبه إلي الإجماع وهو ليس بإجماع, أو يأتي بما يخالف شروط الاجتهاد. ورفض الشيخ النجار بعض المطالبات التي تطالب بإغلاق باب الاجتهاد وقال الهدف منها تجميد بعض أحكام الشريعة مما يحدث إخلالا في حياة البشر خاصة فيما يستجد من أمور لا يجد الناس فيها حكما فقهيا, وقال إن السبب في المطالبة بغلق باب الاجتهاد كانت له أسباب منها ما ذكره ابن خلدون وهو الخوف من أن يتجرأمن هو ليس أهلا للاجتهاد وهدم الشريعة الإسلامية تحت راية حرية الرأي والاجتهاد, واستحداث أمور قد تحدث فتنة بين المسلمين, ولكن الشيخ محمد أبو زهرة أرجع العلة في ذلك للتعصب المذهبي ورأي البعض أن الاجتهاد ينبغي أن يقتصر علي الأئمة الأربعة. ولا يجوز أن يسمح به إلا لمن تتوافر فيه الشروط. وأكد أن الفترة التي أغلق فيها باب الاجتهاد تعتبر فترة جمود فكري أضرت الشريعة الإسلامية أكثر مما نفعتها لأن الشريعة تعطي كل زمن وكل مكان مايناسبه حتي أن الإمام الشافعي عندما انتقل من العراق إلي مصر غير بعض الآراء الفقهية وصار له مذهبان, القديم في العراق والجديد في مصر, فالاجتهاد هو روح الأمة وقلبها النابض لأن الحياة حول الاجتهاد لا تتوقف لحظة, وحين يغلق باب الاجتهاد فإن رصيد الأمة العلمي يتجمد ويتأخر وتنقطع صلة أبناء الأمة بين الحاضر والماضي وتظل تكرر الماضي دون النظر إلي مواكبة الحدث واستشراف المستقبل. بينما تؤكد الدكتورة فايزة خاطر رئيس قسم العقيدة سابقا بجامعة الأزهر أن باب الاجتهاد مفتوحا ولا يمكن أن يغلق ومن يطالب بذلك لا يعرف أن هناك مستجدات للأمور يجب أن يتم التعامل معها بشكل جيد وجديد, لأن العصور تختلف باختلاف الأزمنة وتعاقب السنوات, وأن هناك مستجدات لم تكن موجودة أيام الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم والصحابة ويجب الاجتهاد في أمرها. وأرجعت د. فايزة خاطر الدعاوي التي كانت تطالب بغلق باب الاجتهاد إلي ما رآه البعض من تجرؤ علي الأحكام الشرعية حتي وصل الأمر إلي حد التلاعب بالنصوص والأحكام بدعوي الاجتهاد. وتشير إلي أنه لا يجوز غلق هذا الباب أو المطالبة بإغلاقه بسبب التطور السريع في الأحداث الحياتية وظهور أشياء لم تكن موجودة من قبل ولابد من التعامل معها, موضحة أن للاجتهاد شروطا يجب أن تتوافر بمن ينتوي هذا وهي أن يكون ملما بأصول الفقة ودارسا للمذاهب الاربعة وأساليب القياس وحافظا للقرآن ليفرق بين الحلال والحرام,وملما بالمذاهب غير المعروفة.