إقبال الطلاب على ورش مراكز الموهوبين والتعلم الذكي بإدارة شرق الإسكندرية    تراجع أسعار الذهب في ختام تعاملات الأربعاء 26 يونيو    تقرير عبري: إسرائيل مستعدة لمحاولة إضافية من أجل التوصل إلى تسوية في الجبهة الشمالية    انسحاب المرشح قاضي زاده هاشمي من الانتخابات الإيرانية    جورجيا تضرب البرتغال بالهدف الثاني في يورو 2024    بالأسماء.. مصرع وإصابة 9 أشخاص إثر اصطدام سيارتين بالطريق الزراعى بالبحيرة    السيطرة على حريق في محول كهرباء بقنا    كريم عبد العزيز يعلق على ظهوره برفقة الملاكمين جوشوا ودوبوا: الخناقة هنا بمستقبل    مسئول أمريكى يؤكد بأن الجميع لا يريد حربا بين إسرائيل وحزب الله    5 صور ترصد زحام طلاب الثانوية العامة داخل قاعات مكتبة الإسكندرية    جولر يقود تشكيل تركيا ضد التشيك فى يورو 2024    التعليم تعلن نتيجة امتحانات الدور الأول للطلاب المصريين بالخارج    قرار جديد من الداخلية بشأن التسجيل بدفعة معاوني الأمن الجديدة للذكور    تفاصيل عرض برشلونة لخطف جوهرة الدوري الإسباني    على أنغام أغنية "ستو أنا".. أحمد سعد يحتفل مع نيكول سابا بعيد ميلادها رفقة زوجها    "يا دمعي"، أغنية جديدة ل رامي جمال بتصميم كليب مختلف (فيديو)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    القوات المسلحة تنظم مؤتمراً طبياً بعنوان "اليوم العلمى للجينوم "    صندوق النقد الدولي يقر بتمويل 12.8 مليون دولار للرأس الأخضر    «قطاع الآثار»: فيديو قصر البارون عار تمامًا من الصحة    أزمة جديدة تواجه شيرين عبد الوهاب بعد تسريب 'كل الحاجات'    لماذا يقلق الغرب من شراكة روسيا مع كوريا الشمالية؟ أستاذ أمن قومي يوضح    الرئيس السيسي يوقع قوانين بربط الحساب الختامي لموازنة عدد من الهيئات والصناديق    وزير الرى يدشن فى جنوب السودان مشروع أعمال التطهيرات بمجرى بحر الغزال    "شباب النواب" توصى بصيانة ملاعب النجيل الصناعي في مختلف محافظات الجمهورية    بشرى لطلاب الثانوية العامة.. مكتبة مصر العامة ببنها تفتح أبوابها خلال انقطاع الكهرباء (تفاصيل)    مساعد وزير البيئة: حجم المخلفات المنزلية يبلغ نحو 25 مليون طن سنويا    كيف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الرحلات الجوية؟.. عطَّل آلاف الطائرات    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    مهرجان فرق الأقاليم المسرحية.. عرض «أحداث لا تمت للواقع بصلة» و«الحضيض» الليلة    منتخب اليد يتوجه إلى كرواتيا 4 يوليو استعدادا لأولمبياد باريس    خبير شئون دولية: فرنسا الابن البكر للكنيسة الكاثوليكية    «مياه كفر الشيخ» تعلن فتح باب التدريب الصيفي لطلاب الجامعات والمعاهد    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    بيراميدز يترقب مصير أحمد حجازي مع اتحاد جدة    المشدد 15 سنة لصاحب مستودع لاتهامه بقتل شخص بسبب مشادة كلامية فى سوهاج    اخوات للأبد.. المصري والإسماعيلي يرفعان شعار الروح الرياضية قبل ديربي القناة    «التمريض»: «محمود» تترأس اجتماع لجنة التدريب بالبورد العربي (تفاصيل)    الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي: صرف معاشات شهر يوليو اعتبارا من الخميس المقبل    نجم ميلان الإيطالي يرفض عرض الهلال السعودي ويتمسك بالبقاء في أوروبا    وزيرة البيئة تتابع حادث شحوط مركب سفاري بمرسى علم    الصحة: استجابة 700 مدمن للعلاج باستخدام برنامج العلاج ببدائل الأفيونات    الإعدام لثلاثة متهمين بقتل شخص لسرقته بالإكراه في سوهاج    شديد الحرارة رطب نهارًا.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس غدا الخميس    لجنة القيد بالبورصة توافق على الشطب الإجبارى لشركة جينيال تورز    ختام دورة "فلتتأصل فينا" للآباء الكهنة بمعهد الرعاية    تعيين 4 أعضاء جدد في غرفة السلع والعاديات السياحية    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال يمارس جرائم حرب ضد الإنسانية في قطاع غزة    فحص 764 مواطنا فى قافلة طبية مجانية بقرى بنجر السكر غرب الإسكندرية    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    الأكاديمية الطبية تفتح باب التسجيل في برامج الماجستير والدكتوراة بالمعاهد العسكرية    أحمد فتحي: انسحاب الزمالك أمام الأهلي لا يحقق العدالة لبيراميدز    «حلو بس فيه تريكات».. ردود فعل طلاب الثانوية الأزهرية بقنا عقب امتحان النحو    الجريدة الكويتية: هجمات من شتى الاتجاهات على إسرائيل إذا شنت حربا شاملة على حزب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مثقفون في مواجهة قوي الشر
نشر في الأهرام المسائي يوم 24 - 04 - 2018

لا يزال معظم أو قل غالبية المثقفين يقفون علي مسافة تسمح بوضع الاستعداد لمواجهة أي أفكار تدعمها قوي الشر لضرب المجتمع المصري.ولا يزال هؤلاء يمثلون ضميرا حيا للأمة يضعون من خلاله قضايا الوطن في مقدمة الاهتمامات ويستمدون من ذلك قوة خارقة للتصدي بقوة للدعاوي الظلامية والهدم والانهزامية والإحباط التي تخرج عن أشخاص مرة وعن جهات أخري سواء من تلك الجهات التي اعتادت توجيه سمومها نحو الوطن, أو تلك التي تشعل الفتن والخلافات بمواقفها الناتجة عن الانغلاق الفكري وغلق العقول أمام التجديد والتطوير والتحديث.
الأهرام المسائي تفتح ذلك الملف الشائك وتسأل مثقفين عن أولويات المبدع وأين قضايا المواطنين من تلك الأولويات, وتفتش في ملفات هؤلاء المثقفين ما بين تلك الأولويات والحسابات الدقيقة للتحديات التي يواجهها الوطن, وتستقرئ ما يجري من حوارات وأحاديث بين مثقفي العاصمة والمحافظات, وترصد عن قريب الفوارق بين هؤلاء والمثقفين الذين يبدون في مهمة رسمية بين الإبداع والارتباط بالعمل.
مبدع بدرجة مقاتل
المثقف جزء أصيل من المجتمع وبجانب واجباته كمواطن تجاه بلده, هناك واجبات أخري عليه ومسئولية كمبدع ومفكر وفنان عليه أن يفيد أبناء الوطن بعلمه وأن يكون له دور ومشاركة فعالة تجاه القضايا الشائكة التي تدور داخل وطنه.
وهذا ما أجمع عليه عدد من المثقفين الذين أكدوا لالأهرام المسائي أن علي المبدع أن يشتبك بشكل مباشر وغير مباشر مع قضايا وهموم الدولة من خلال أدوار متعددة ومن خلال المساحات المتاحة له, وأشاروا إلي ضرورة تضافر الجهود بين المثقف والدولة بأن يبادر للعمل وتتيح له الدولة إمكاناتها للعمل وتحقيق المرجو لمواجهة الأفكار المتطرفة وإشاعة الثقافة والتنوير.
دور مهم ولكن غير مباشر
قال الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق إن للمثقف دورا مهما تجاه قضايا الدولة لكنه دور غير مباشر, ويختلف عن الدور المباشر للإعلام والقنوات الفضائية التي يكون لها تأثير سريع علي الجمهور, كما أن هناك خلافا علي فكرة أن دوره مباشر.
وأوضح أن دور المثقف يجب أن يكون بعيدا عن الدعاية الزاعقة التي تفقد مصداقيتها وعليه أن يهتم بقضايا البلد وفنونها وتراثها, وإيجابياتها وإنجازاتها وعيوبها, ثم يقدم بعد ذلك رؤيته من خلال عمل أدبي أو فني ويدخل في حوارات ونقاشات ولا يكون سلبيا ويجب أن يكون صادقا.
وأضاف د.شاكر: مفهوم المثقف يحتاج تحديد هل هو ينطبق علي من يعمل بوزارة الثقافة أو من هم النخبة, بالطبع هناك مثقفون في المهن العادية لديهم وعي وثقافة, فالمثقفون لم يعودوا فئة منعزلة ونخبة, فالمثقف موجود وسط الناس ومهتم بقضايا وطنه, وعلي المثقف أن يقوم بدوره في مناخ حر حتي لا ينزوي أو يعكف علي عمله الخاص فقط.
المثقف الفاعل
وأوضح الشاعر أشرف عامر, رئيس هيئة قصور الثقافة السابق, أن المثقف الحقيقي هو المثقف العضوي الذي يتفاعل مع قضايا مجتمعه ويحمل همومه وتطلعاته بالنسبة لمجتمعه ويعمل علي استشراف المستقبل وتحمل ما هو موجود عن طريق بث الوعي وإعادة الوعي لمفتقديه فيستطيع أن يبني جسورا لبلده ووطنه.
وقال إن المثقف يجب أن يعي اختلاف المستويات الاجتماعية واختلاف أمزجة المتلقي وأن يطرح أفكارا قابلة للفت انتباه من هم بعيدون عن هموم هذا الوطن, سيأتي في هذا السياق أيضا أن هذا المثقف العضوي يكون علي مسافة قريبة جدا من قضايا وطنه ومشاكله وهمومه بمعني أن يحاول جاهدا رؤية الواقع كما هو والتحرك به تجاه ما يتمني أن يكون وأن يراه كما هو, أي هي قدرة علي تحديد ما هو كائن فيستطيع أن يذهب به لما يحب أن يكون, والمثقف هو من يقرأ الواقع قراءة حقيقية واقعية ويتطلع به للمستقبل.
المبدع مواطن
أما الكاتب د. أحمد الخميسي يؤكد أن المثقف مثل المهندس والطبيب هذا اختصاصه لكن ما يجمعه بغيره هو الوطن لذلك نحن مواطنون أولا هذه صفتنا الأولي وكما قال الشاعر الروسي سولجينتسين أنت لست ملزما أن تكون شاعرا عظيما لكن ملزما أن تكون مواطنا عظيما لذلك لا يمكن تجاهل دوره كمواطن يشارك في قضايا وطنه وعليه أن يبادر لهذا الدور خاصة أنه مبدع ويعكس الحالة في إبداعه, وعلي الدولة ووزارة الثقافة أن تعطيه فرصة فهو دور له طرفان حتي نستطيع مع بعضنا البعض تحقيق الأفضل, الدولة بإمكاناتها والمثقف بفكره.
وتابع: كان لدي مشروع عبارة عن قافلة ثقافية وفنية تطوف كل مكان من قري ونجوع وشوارع وأزقة لا بد أن نذهب للناس ونبدد الظلام أينما وجد الظلام, فالمثقف ملزم أن يؤدي دوره كمواطن قبل أي شيء هو حر فيما يبدع من قصة أو رواية, لكن ملزم في نشر الوعي بخطورة الإرهاب وبخطورة الطائفية, مصر مرت بغزوات ومجاعات وظروف اقتصادية صعبة لكن عمرها ما انشقت لكن الطائفية والإرهاب خطران, لذلك يجب علي المثقف أن يتصدي للجهل وأن يطور بلده لأنه في تقديري إن لم يعمل ذلك تسقط عنه صفة المواطن, فهناك قامات ثقافية لكنها علي مستوي المشاركة في قضايا الوطن غير موجودة.
وضرب الخميسي مثلا علي مشاركة المثقف وقال: إن الكاتب الروسي توليستوي صاحب الحرب والسلام أدرك دوره كمثقف فاعل وقام بعمل مدرسة لمحو الأمية في بلده, وتساءل أين المثقف من هذا المثقف, لا بد أن يشارك لأنه إن لم يشارك يظل مثقفا لكن تسقط صفة أنه مواطن, مصر تمر بعنق زجاجة, لكن لا نري مبادرات ثقافية, فمثلا هناك اتحاد كتاب به أكثر من ألفي كاتب يمكن أن يقيموا مشروع محو أمية في مناطقهم فعلي المثقف أن يبادر والدوله تشاركه بإمكاناتها.
الدور التنويري أولا
يقول الناقد والفنان التشكيلي, عز الدين نجيب: إن المثقف الآن خارج المشهد يجب أن تتم الاستعانة به في وسائل الإعلام أو عمل قوافل للمحافظات, فعندما كنت أعمل في قصور الثقافة لم يمر أسبوع إلا وأستضيف فيه عددا من المثقفين المعروفين يكونون مع القافلة ليتواصلوا مع الجماهير, هذا إلي جانب إلي أن قنوات الإعلام لا تستضيف إلا وجوها مكررة معظمهم من الصحفيين أو معارف المعدين دون الاستعانة بالمثقف الحقيقي.
وأوضح أن دور الثقافة ليس مجرد خطب وليس دعائيا فقط ولكنه دور تنويري فالفنان التشكيلي يقوم بدوره بأن يشيع الحس بالجمال وهذا في ذاته يواجه قوي الظلام بجانب الشعر والموسيقي وباقي الفنون الرفيعة فضلا عن الأدباء وليس ضروريا أن يشتبك المثقف مع قضايا الوطن بشكل مباشر لكن يتواصل من خلال رسالته الثقافية الرفيعة.
وتابع: يجب أن يكون هناك تضافر للجهود بين المثقف والهيئات الرسمية, فلماذا لا تقوم وزارة التربية والتعليم والجامعات بدعوة كبار المثقفين ليلتقوا بالطلبة وعمل جلسات حوارية أو ورش عمل حول مفاهيم تنويرية, يشرف عليها فنانون معروفون في المسرح والسينما والأدب والفن التشكيلي حول قضية ما, والفنانون التشكيليون يمكن أن تتم دعوتهم لعمل نصب تذكاري للشهداء فلا توجد قرية لم تقدم شهيدا في حربنا علي الإرهاب يجب علينا تخليد ذكراهم وهناك فنانون يمكن أن يتطوعوا بمجهودهم علما بأن هذه المهمة تمثل جسر قوي للتواصل بين الفنان والجماهير لأنه يعرض عمله بعيدا عن القاعات, علي الفن والثقافة أن تذهب للجماهير لا أن تنتظر أن يأتيها المواطنون الذين يعتبرونها رفاهية أمام احتياجات أخري.
لا رفض أو تأييد مطلق
وقال الشاعر شعبان يوسف إن المثقف إذا كان أديبا أو شاعرا أو ناقدا فدوره يجب أن يكون محايدا لحد كبير, كما يجب أن يتواصل مع الناس بالطرق البسيطة التي تتاح له, وهي منابر ليست كثيرة, وأمام التأييد المطلق للأمور والرفض المطلق المثقف ضائع لكن يجب أن ينأي عن هذا ويتحدث إلي الناس عن ما هو واجب وحقوقهم بشكل عام من خلال المنتديات التي يرتادها.
المواجهة والتحديات
الناقد د.مدحت الجيار يقول: أري أن دور المثقف في هذه اللحظة الصعبة دور فعال وجوهري ليس قاصرا علي الكتابة فقط ويجب أن يطرح في كتابته قضايا تشجع المصريين علي الالتحاق بالشرطة والجيش لتحقيق الأهداف السامية عبر العمليات العسكرية لتخرج مصر من عنق الزجاجة إلي آفاق بعيدة وواضحة تعوضه عن الفترات السابقة, لا بد من ندوات ولقاءات وفي هذا السياق وأقترح أن تكون هناك قوافل ثقافية دائمة تذهب للمناطق التي تضار من هذه الأفعال والأفكار المتطرفة ليقف المثقف حائطا ضد من يريد النيل من الوطن أو إضعاف همته.
ضد الفوضي
وأشار الناقد د.محمد عبد المطلب أستاذ النقد الأدبي إلي أن المثقف له دور حتمي في مواجهة سلبيات الواقع الذي نعيشه الآن الذي ما زال فيه نخبة تدعي أنها عالمة بكل الأمور وأنا أتهم هذه النخبة بأنها تعمل جاهدة لإعادة زمن الفوضي لأنها لا تعيش ولا تجد لها متنفسا إلا في الفوضي وينتمون للأسف لطبقة المثقفين لذلك علي المثقفين دورين أولا كشف الألاعيب التي تهدم في الوطن, وتنور أذهان أبناء الوطن للمصلحة الحقيقية.
ما أراه أن الدولة تقوم بنهضة غير مسبوقة كنا نعيش من قبل علي الوعود والكلمات أما الآن فهو وقت الفعل والعمل, وعلي المثقف توعية المواطنين لحقوقهم وواجباتهم فالكل يعرف حقوقه لكن لا يقدم الواجبات حتي تسير عجلة الوطن في الطريق الذي نتمناه حميعا دور المثقفين سلبي ولا أبرئ نفسي لأني لم أكشف المزيفين, كما ضاع بين المثقفين ما يسمي بالتخصص وأتمني أن يعود المثقفون لتخصصاتهم ولا يتكلم أحد فيما لا يفهمه ويجيده لأن فتواهم تكاد تدمر الوطن.
وأضاف د.عبد المطلب أنه يجب الإشارة لدور المثقفين في التعليم الذي يسير في منحضر وإن لم يقف المثقفون أمام هذا الانحدار سيكون الجيل الجديد لا يشبهنا في تقاليدنا ولا ديننا ولا أعرافنا فيروا أن اللغة العربية لغة ثالثة ويتحدثون بركاكة والمثقفون لا يتحركون, فكيف لهذه الأجيال أن تقرأ ثقافتها ودينها وتاريخها فسيكون جيلا مغيبا ومنقطعا عن تاريخه والمثقف لا ينبه لمخاطر هذا, والعبء علي المثقفين يجب أن يكون شاملا وعاما من مثقف علمي وسياسي وأنا حزين للواقع الثقافي الذي نعيشه, ولا ألقي اللوم علي وزارة الثقافة العيب علي المثقف الذي يشارك بحثا عن مكاسبه الشخصية ومصلحته الخاصة وليست مصلحة الوطن فالثقافة تلفظ أنفاسها.
دور أساسي في مواجهة الإرهاب
وقالت الكاتبة سلوي بكر: المثقف دوره الأساسي إنتاج أفكار تواجه الإرهاب والظلامية لأن الإرهاب فكر من منظومة مهيمنة علي كل تفاصيل الحياة التي بلغت ذروتها في مسألة الإرهاب, المشكلة أن المواجهة الأمنية وهي بالغة الأهمية لكنها غير كافية بمفردها يجب أن ترافقها المواجهة الفكرية التي لا تقل أهمية عن المواجهة الأمنية والمنوط بلعب هذا الدور في هذه المواجهة هو المثقف.
وأوضح الشاعر محمد فريد أبو سعدة أن المثقف يكاد يقف مرتجفا وهو يواجه الإرهاب الفكري, يرتجف لأنه مع تواتر الطعنات من خصوم التنوير في المؤسسة الدينية رغم ادعائها الوسطية والاعتدال ولا يجد مساندة من سلطة الدولة رغم نواياها الحسنة المعلنة,سش نحتاج إلي قرار سيادي وجراءات قضائية وتنفيذية لتحمي هذا المثقف وهو يخوض حربه ضد التخلف والتطرف والخرافات وتغييب العقل.
المؤسسة الثقافية تخرج بأنشطتها من القاعات إلي الجمهور
تعمل المؤسسات الثقافية علي أكثر من مشروع تكمل كل منها الأخري لتغطية أكبر قدر من محافظات وربوع مصر بالعمل الثقافي والفني والفكري, للنهوض بالوعي العام ومحاولة تحقيق العدالة الثقافية, وأصبح خروج الفعاليات الثقافية من القاعات إلي الشارع ضرورة ملحة أدركتها المؤسسة الثقافية, ففي هيئة قصور الثقافة هناك عدد من الفعاليات التي تقام خارج مباني القصور وأصبح هناك توجه من خلال إستراتيجية أعدها د.أحمد عواض للاهتمام بالمناطق الحدودية.
وهذه الحال تنطبق أيضا علي قطاع صندوق التنمية الثقافية; حيث أكد د. فتحي عبد الوهاب رئيس القطاع أن هناك أكثر من مشروع ثقافي يتم العمل عليهم من أهمهم مشروع تنمية جنوب الوادي وهو مشروع عن تقبل الآخر والحالة الاقتصادية, يتم تنفيذه في جنوب الوادي والمنيا واشتغلنا في عدد كبير من القري لكننا متوقفون حاليا بسبب الامتحانات وبعد ذلك الانتخابات, لنعاود العمل في أول الشهر المقبل.
وتابع: نعمل من خلال المشروع علي تنمية الحرف وتوصيل العمل الثقافي إليهم, فقمنا بعمل ورش ولقاءات في المنيا لمدة أربعة أيام بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة بمشاركة25 سيدة من القري وشاركوا في لقاءات للتنمية البشرية وتعليم الحرف بخلاف الأنشطة الثقافية والفنية, وبعد ذلك انتقلنا للقري وقدمنا البرنامج نفسه بدون التنمية البشرية, مع ورش رسم للأطفال وعدد من العروض الفنية لعمل نوع من التوعية لأهل القرية, وهناك مطالبات بعمل هذا المشروع بالفيوم أيضا ونحن نستهدف القري الأكثر احتياجا.
وأوضح د. عبد الوهاب أنه علي مستوي آخر يقوم الصندوق بدعم بعض المكتبات بالمعاهد الازهرية, كما ندعم المكتبات في كل مصر وقدمنا17 ألف كتاب للمكتبات, وهناك في بني سويف120 معهدا دعمنا مكتبات72 منها, فعندما يطلب منا دعم الكتب نقوم بحصر ما لدينا من كتب ونستعين بأعمال من باقي قطاعات الوزارة, فكل القطاعات تعمل معا, بقيادة د. إيناس عبد الدائم وزيرة الثقافة, كما أن قطاعات الوزارة تكمل بعضها بعضا وكل منا يعمل بمنطقة لا يعمل الآخر فيها حتي لا يحدث تضارب ونغطي أكبر قدر من المناطق التي تحتاج للدعم الثقافي.
كما أكد د.حاتم ربيع رئيس المجلس الأعلي للثقافة أن المجلس يولي اهتماما بالقضايا الراهنة والتحديات التي تواجه الدولة علي كل الأصعدة لأن الثقافة عنصر فعال ومهم, وعلي مدار عام قدمنا أنشطة تتماس مع تلك القضايا فناقشنا كتاب المواجهة الدينية لظاهرة الإرهاب وترجع أهميته لتبيان خطورة الأفكار المتطرفة ومقاومتها بمنطلقات فكرية ودعم الدولة المصرية في مجابهتها للإرهاب, وأيضا ناقشنا كتاب الإرهاب المتأسلم لفضح الأهداف المستترة للإخوان في تدمير المجتمع المصري, وناقشنا كتاب حدود مصر الملتهبة للتأكيد علي أهمية الحفاظ علي الحدود المصرية وتبيان حقيقة الأوضاع الحدودية لمصر, والتحذير من مخاطر الصراعات الإقليمية ودعم الدولة في الدفاع عن هذه المخاطر الحدودية.
وناقشنا كتاب جيش الشعب.. الصورة الكاملة لتوضيح التضحيات التي يبذلها رجال الجيش والشرطة في الدفاع عن الوطن والتأكيد علي انحيازات الجيش دائما للإرادة الشعبية, كما كان للمرأة مكان بفعالياتنا فعقد مؤتمر بعنوان المرأة المصرية قيمة وقامة وذلك لدعم المرأة في الحصول علي حقوقها المجتمعية كافة, والإعلاء من قيمة ومكانة المرأة مجتمعيا, وعقدت ندوة المرأة والشباب ما بين الحاضر والمأمول, كما عقد يوم ثقافي بمناسبة يوم أفريقيا لتأكيد الاعتزاز المصري بالهوية الأفريقية بخلاف ندوات أخري في هذا الملف, وقمنا بعمل قوافل ثقافية حتي نصل للجمهور في كل مكان.
وقال د. أنور مغيث رئيس المركز القومي للترجمة: إن المركز في حالة عمل دائم لأنه مطلوب ترجمة الأدب والروايات والأعمال الفكرية, كما أن هناك موضوعات حساسة ومهمة مطروحة علينا يجب أن يكون لنا فيها رأي أو موضوعات ملحة يجب أن يتم طرحها فنسعي لترجمة أعمال عنها مثل قضية العولمة ما هي؟ وما الأفكار التي تتضمنها؟ فتمت ترجمة كتب عن ذلك, كما أن الدولة تقوم الآن بمواجهة الإرهاب وهي قضية مهمة لذلك هناك كتب مترجمة عن إستراتيجيات مقاومة الإرهاب ومقاومة الشعوب لمثل هذا التطرف, فنركز عليها للاستفادة من تجارب الآخرين, فالمركز يغطي كل أشكال المعرفة الإنسانية, ولو هناك أحد مشغول بموضوع مواجهة الإرهاب هناك كتب التطرف الديني تتناوله من الناحية النفسية وأخري من الناحية الاجتماعية وأخري عن الشبكات السرية وتمويل الإرهاب وعن العنف, فهناك وفرة من العناوين في هذا الموضوع.
وبجانب ترجمة الكتب هناك ندوات تعقد لمناقشة الأعمال الصادرة فتقام ندوات عن أفريقيا أو المرأة أو التعليم تناقش فيها الكتب المترجمة لدينا في كل مجال, وعندما تقام ندوة لعمل واحد يكون بحضور كاتبه الأصلي, ولدينا الأسبوع المقبل ندوة لمناقشة كتاب الدولة والحركات الاجتماعية, وهو كتاب يناقش علاقة الدولة بالحركات الاجتماعية واستخدامها في الصراع الدولي, ولا يقف دور المركز هنا فقط فأيضا تنظم ندوة عن إعداد المترجم يكون فيه حوار بين كبار وشباب المترجمين.
مثقف من جهة رسمية
يشارك المثقف في وضع إستراتيجية العمل الثقافي من داخل المؤسسة الثقافية مثلما يشارك من خارجها لأن العمل علي إشاعة الثقافة هو الهدف الأساسي للمبدع وعليه أن يقوم به من أي منفذ أتيح له.
أكدت الشاعرة والروائية د. سهير المصادفة رئيسة إدارة النشر بالهيئة العامة للكتاب أن المثقف يقف في الخطوط الأمامية أثناء الحرب علي الإرهاب, فمن المفترض أن يكون دوره اقتلاع الإرهاب من جذوره, بتجفيف منابعه بالتعليم والكتاب والفنون, وتظل رسالة المثقف هي تحقيق العدل والخير والسلام ونشر الجمال, وإذا ما استطاع تحقيق ذلك سيكون صعبا علي الإرهاب أن ينتشر أو يجند المزيد من الشباب اليافع.
وأضافت في الهيئة المصرية العامة للكتاب نشرنا خلال العام الماضي فقط أكثر من خمسين كتابا في علم الاجتماع والسياسة والترجمة والفكر والفلسفة والإبداع, جميعها يحارب الإرهاب, ويعمل علي تنوير وتثقيف جمهور القراء, وكذلك تشكيل مكتبة مرجعية كاملة لمن يريد أن يدرس تاريخ أي فكر متطرف ونهايته التراجيدية المحتومة.
ولا يزال لدينا الكثير لنشره وتحجمنا قدرة المطابع وميزانية الهيئة عن نشر المزيد, وهذا دليل علي أن المثقفين والكتاب والمفكرين يقومون بالفعل بدورهم, وأن مداد أقلامهم يدافع ليلا ونهارا عن مستقبل مصر وإيمانهم أنها ستنتصر علي الإرهاب.
يبقي أن تصل هذه الكتب إلي كل ربوع مصر, وأحلم بألا تصل ككتاب فقط, وإنما أن تتحول هذه الكتب إلي سينما ومسرح وأوبريت وأغنية, مثلما كان يحدث في ستينيات القرن العشرين عندما كان المجتمع حتي في قري مصر البعيدة يتنفس الثقافة والفنون مع الهواء النقي, وكان صوته أعلي من صوت دعاة الإرهاب والتطرف في الزوايا المشبوهة.
وقال المؤرخ د.جمال شقرة أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس ومقرر لجنة التاريخ بالمجلس الأعلي للثقافة: إن هناك تاريخا بين المثقف والدولة ومن خلال دراسة تجارب سابقة نستطيع أن نصنف المثقف إلي ثلاثة أنواع, الأول مؤيد للدولة ومستعد يدفع عمره من أجلها, ومثقف معارض, ومثقف منافق يدور حول كرسي السلطة.
ومن يهمنا هنا هو المثقف الذي يؤيد الدولة عندما تكون منحازة للأغلبية العظمة من الشعب فيقدم أفكاره ويتفاعل مع كل قضية تطرح مع الدولة ويمكن أن يختلف معها تدعيما لها, ومن هذا المنطلق نحن في لجنة التاريخ مهمومون بدراسة القضايا الملحة في الدولة والأحداث الجارية لأن المجلس بلجانه يجب أن يشع الثقافة, ونقوم في اللجنة بتشريح الوضع الثقافي والسياسي والاجتماعي ونرصد نقاط الضعف والقوة, وأدركنا في الآونة الأخيرة أن المجتمع يعاني غيبة الوعي وغيبة الثقافة التاريخية, مما أدي إلي تراجع الانتماء وضعف الهوية, فوضعنا إستراتيجيتنا لإشاعة الثقافة التاريخية فقررنا إصدار سلسلة ا ب ثقافة تاريخية كتاب أو اثنان كل شهر.
وأوضح د. سميح شعلان مقرر لجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلي للثقافة أن لجان المجلس ليست لجانا متخصصة بقدر أنها لجان وطنية تبحث في الإرث الخاص للشعب المصري, وهذا ضروري لأنه إن لم يحدث سيؤثر سلبيا علي الأمة وستصبح بلا جذور بلا فهم, ونحن نعمل في حدودنا لأنها لجنة استشارية وليست تنفيذية, لكن اتفقنا أن تكون كل فعاليتنا خارج القاعات لنتحدث للناس ونقربهم من ذاتهم الحضارية من خلال لقاء مباشر وعقدنا موائد مستديرة في الواحات للحديث عن الإرث الحضاري, وهذه اللقاءات لا تكون قاصرة علي المتخصصين فقط ولكن يشارك فيها كل المعنيين بالجذر الحضاري في كل منطقة سنذهب لها سيكونوا شركاء, وأقمنا مؤتمرا بالأقصر عن كيفية أن الثقافة الشعبية هي تعليم في حد ذاتها.
وتابع شعلان نسعي إلي تفعيل بين اللجنة وبين كل الهيئات التنفيذية من خلال لجان فرعية للتواصل مع كل جهات الدولة ليكون هناك دور مشترك مع كل أجهزة الدولة للتأكيد علي الوهية والذات, منها الإعلام والتربية والتعليم والمحافظات كل واحدة علي حدة, وأيضا التواصل مع باقي لجان المجلس, للعمل علي مصلحة ثقافة الشعب والموروث ونحارب الهيمنة الثقافية الخارجية التي تقلل من انتماء الشباب للبلد, لأنه كلما بعدنا عن الثقافة الأم فقدنا هويتنا, فتثبيت الهوية والتأكيد أن الذات الحضارية ضامن ألا نرتمي في أحضان الثقافات الشاذة والغريبة.
مثقفو المحافظات:
لابد من التفاعل مع قضايا الوطن
تزخر محافظات مصر بمثقفين أصحاب مشروعات إبداعية متميزة يحاولون من خلال أعمالهم مشاركة الجمهور بأفكارهم لإحداث تفاعل يستطيعوا به أن يبعدوهم عن الأفكار الظلامية, موضحين أن الثقافة هي السبيل الوحيد للخروج من عنق الزجاجة ويجب أن تقف جنبا إلي جنب بجانب المواجهة الأمنية للتصدي للإرهاب ومن يريدون هدم الوطن.
قال الشاعر السكندري ميسرة صلاح الدين: إن الكاتب والمثقف الحقيقي هو ابن عصره يؤثر فيه ويتأثر به ويعبر عنه, هذه هي الركيزة الأساسية التي بني عليها الكثير من الكتاب والأدباء والمثقفين منهج تفاعلهم مع المجتمع وقضاياه, خاصة من أبناء الخمسينيات والستينيات وإن كانت لتلك الرؤية واجهتها إلا أنه تم التمرد عليها وأصبح الكتاب والمثقفون في عصرنا الحالي أقل ارتباطا بقضايا مجتمعهم وأكثر انفتاحا علي التجريب الذي يلغي الحواجز بين الشعوب والثقافات للتعبير بنظرة عامة عن جوهر التجربة الإنسانية بشكل أكثر نضجا وأعمق تأثيرا.
وأضاف: لدي المثقفين والكتاب أجيال كثيرة واجهت واقعا سياسيا منغلقا وافق محدودا من حرية الفكر والتعبير بينما أهملت جوانب أري أنها تمس البسطاء وتعبر عنهم ويمكنها أن تصبح نواة حقيقية لتغيير في الوعي الجمعي والمجتمع, وأعتقد أيضا أنه قد آن الأوان لأن يعبر الكاتب والمثقف عن القضايا التي يعرفها والتي يتفاعل معها بشكل حقيقي سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو إنسانية ولا ينشغل بشكل أساسي بالقضايا الرائجة التي تطفو علي السطح والتي من طبعها الإحلال والتبديل ليصنع لنفسه تأثيرا حقيقيا في مجتمعه ناتجا عن البحث والدراسة والتعمق بشكل دءوب ومتواصل.
وأشار الكاتب سمير الفيل, من دمياط, إلي أن للمثقف دور أساسي في التفاعل مع القضايا المهمة في بلاده, ومنها القضايا الأساسية كالالتزام بالعدل الاجتماعي, والدعوة للحرية, والتمسك بالديمقراطية, والتوجه نحو القيم العليا, وهو في ذلك يدشن تلك القناعات التي كونها علي مدار سنوات عبر أفعال وسلوكيات وممارسات علي الأرض, لا أقوال مرسلة فقط.
أتصور أن الدور الذي يلعبه المثقف, يكون في إطار حركة جماعية, فتأثير الأفراد أقل تأثيرا من العمل بروح الفريق, وعلي سبيل المثال عندما هاجم أحد أعضاء مجلس النواب نجيب محفوظ, معتبرا إياه قد جرح مشاعره, ومس المعتقدات العامة قمنا في مدينة دمياط بإنشاء قافلة ثقافية تقدم تجارب علمية واجتماعية وفنية وأدبية مستنيرة, حملت القافلة اسم في حب نجيب محفوظ وهنا قارنا الفكر بالعمل, وخلال عشر دورات تمكنا من بث خطابنا الفكري والجمالي في كثير من القري والمراكز.
وأكد الكاتب محمد صالح البحر, بمحافظة قنا أن دور المثقف تجاه وطنه ليس مقصورا علي الفترات التي يعاني فيها الوطن من شبح أزمة ما تخيم عليه, ليسحبه إلي الوراء, ويعطل إمكاناته, ويمنع عنه التقدم ومواصلة الطريق باتجاه حضارة تخصه, وتخص مكانته الدولية والتاريخية, فالمثقف هو العنصر المهيمن, والأداة الفاعلة, لرفعة الوطن, المصباح الذي ينير الطريق, والفنار الذي لا يكف عن بث ضوئه كدليل للسير الآمن والصحيح, لكن هذا الدور, المستمر والفاعل, للمثقف يتجلي ظاهرا كواجب مقدس في ظل هذه الأزمات التي تمر علي الوطن, والمثقف في ظل الأزمة, لا أقصد به المثقف العام, ذلك الإنسان الذي قضي جل عمره في تحصيل المعرفة النظرية, وإنتاج الأفكار المجردة أو الإبداعية, بقدر ما أقصد المثقف النوعي الذي تجلت عبقريته في ظل فكرة التخصص, فصار علما في تخصصه, يستطيع تشريح أزماته وإيجاد الحلول المناسبة للخروج منها, ولأن الوطن هو المجتمع علي الأرض تحت ظل التاريخ وآمال المستقبل, فإن الأزمات التي تواجهه, أو تمر به, ليست أزمات فردية أو نوعية, بقدر ما هي أزمات عامة وشاملة للعديد من مناحي الحياة, بما يتجاوز فكرة التخصص نفسها, لذا فمن الطبيعي جدا أن يتم التصدي لهذه الأزمات من خلال فريق عمل, يضم مثقفين نوعيين في كل المجالات التي تتجلي فيها مظاهر الأزمة.
ويبدو لي تكوين جبهة شاملة, تضم مثقفين في المجالات التي تتعلق بمواجهة الإرهاب, أمرا ضروريا, وسبيلا لازما, للخروج الآمن من هذه الأزمة الطاحنة التي استهلكت, ولا تزال تستهلك, الكثير من المجتمعات والأوطان المحيطة بنا, إن العمل علي تغيير وعي الأفراد لردهم إلي السياق الفكري السليم, الذي يعلي من قيمة الوطن وأهمية الحفاظ عليه كقيمة عليا يجب أن تعلو فوق كل ما هو خاص وشخصي, لدفعه إلي طريق التقدم والتطور والحضارة, هذا هو العلاج والحل للخروج السليم والآمن من خطر الإرهاب, الذي يتجلي الآن كظاهرة سرطانية تأكل الأخضر واليابس, ولا تهب شيئا سوي الظلام والموت.
وأوضح الشاعر السيناوي, حسونة فتحي, أن كل إرهاب هو نتاج تطرف فكري, لذا وجب أن يكون الفكر هو السلاح الأول في مكافحة الإرهاب, أما السلاح والقوة العسكرية والأمنية فنجاحها هو القضاء علي الإرهابي, دون القضاء علي الإرهاب وما يحمله ويبثه من فكر متطرف أو شديد التطرف.
وبما أن ما نواجهه اليوم هو تطرف ديني, نتيجة أفكار ورؤي مغلوطة للشريعة الإسلامية أسهم في غرسها وتدعيمها أعداء الديانة الإسلامية من دول ومؤسسات وجماعات ومنظمات تتحقق مصالحها الخاصة بهدم الدول ذات الأغلبية المسلمة تباعا, سعيا للسيادة علي الأرض ومقدرات هذه الدول بشكل غير مباشر, لذا فدور المثقف له أهمية قصوي لإفشال هذا السعي, والقضاء علي كل فكر متطرف هو في النهاية مجرد وسيلة في يد عدو, وأدوات المثقف هنا هي جملة المعارف والعلوم الدينية والاجتماعية والتاريخية والاقتصادية والسياسية, ما يمكنه من التوضيح التام لكل مظهر من مظاهر تحول الفرد من إنسان عادي فاعل في مجتمعه إلي متطرف يشكل خطرا علي أهله ومجتمعه ودولته ودينه, وما يتيح له محاججة الفكر بالفكر, وأثر التطرف والإرهاب وخطره علي الفرد, التطرف إنما هو فعل إجرامي بحت, وعداء ظاهر للمجتمع بكل أطيافه يوقع فاعله تحت طائلة العقاب القانوني, وأن الله تعالي خلق الإنسان ليعمر الأرض لا أن يفسد فيها ويسفك الدماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.