مصنع غزل النسيج بالفيوم كان من المصانع الرائدة في صناعة الغزل, ليس في الفيوم فقط, بل في مصر كلها, وبدأ إنتاجه عام1962. وكان يعمل به أكثر من7 آلاف عامل وعاملة. ويدر ملايين الجنيهات مكاسب وأرباحا كل عام من بيع غزله الذي كان من أجود أنواع الغزل في مصر, وكان ينتج يوميا ما يزيد علي7 أطنان من الغزول المتميزة. والآن أصبح لا ينتج شيئا, وماكيناته لا تغزل سوي الفساد, وحجراته تم تأجيرها كمخازن لمن يريد مخازن كبيرة مؤمنة داخل جدران مبني كبير يحفظ منتجاتهم, والمفارقة أن أعدادا كبيرة من الشركات المستأجرة هي شركات للملابس, وتقوم بالتصدير فقط, ولا يتم بيع منتجاتها في السوق المحلية. وبعد أن كان يضم7 آلاف من العمال, أصبح مبني بلا عمال, وبعد أن كان ينتج يوميا7 أطنان غزل, باتت الجرذان تلهو في أرجائه. وبعد أن كان يدر ملايين الجنيهات, أصبح يجني ملاليم من إيجارات المخازن, وبعد أن كان الملجأ الوحيد للعمل, أصبح معطلا مهجورا. الفساد بدأ ببيع الغزل شكك وبدون ضمانات لأفراد تجار غزل, البعض لا يسدد والآخر يسدد بالراحة بما لا يتناسب مع الاحتياجات الفعلية للسيولة المادية لسد احتياجات العمل بالمصنع, بل ويسقطون بعض المبالغ بعد عملية الشراء, مما سبب خسائر متكررة توقفت معها عجلات الإنتاج يوما بعد يوم إلي أن توقفت تماما وتم تسريح العمالة, وأجبروا ما يقرب من6600 عامل حتي عام2008 للخروج للمعاش المبكر, وتكلفت عملية إحالتهم للمعاش وقتها10 ملايين جنيه, كان يمكن بهذا الرقم تطوير وتحديث معدات المصنع والإبقاء علي العمالة التي خرجت للشارع, لكنهم فضلوا من مبدأ الفساد أن يعطلوا المعدات ويتوقف المصنع عن العمل, وقد أرسلت اللجنة النقابية في ذلك الوقت شكوي رسمية للرئيس المخلوع محمد حسني مبارك, لكن النظام البائد كان يتعمد تدمير الصناعات القومية, فلم يتم الرد علي تلك الشكوي, ووقف المسئولون متفرجين علي انهيار صناعة الغزل في مصر. وكشف تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات عن ضياع136 مليون جنيه نتيجة بيع الغزل لبعض العملاء في داخل مصر وخارجها بدون تحصيل الثمن, وبدون ضمانات, حيث أكد التقرير أن هناك36 مليون جنيه أرصدة لعملاء توقفوا عن السداد والتعامل أيضا منذ عام2004, و49 مليون جنيه لدي عملاء بالخارج, و45 مليون جنيه لدي القطاع الخاص, أي أن كل إنتاج المصنع ولمدة نحو أربع سنوات ضاع هباء. وأكد التقرير أيضا أن أرض المصنع لم تفلت أيضا من الفساد والإهمال, حيث تبين أن هناك16 فدانا من بين مساحة المصنع التي تبلغ45 فدانا غير مسجلة, وأن مساحات الأراضي تختلف مع بيانات السجلات. وأكد فتحي عثمان الرئيس السابق للجنة النقابية للعاملين بمصنع غزل الفيوم أن الوضع الحالي مزر وسيئ للغاية بسبب توقف المصنع تماما عن العمل, ويرجع ذلك إلي سياسات العهد البائد تجاه أزمة المصنع بشكل خاص, وصناعة الغزل بشكل عام, لافتا إلي أن إيجار المصنع كمخازن للشركات تم بموافقة ومعرفة إدارة الأصول بالشركة القابضة للغزل والنسيج بعقود رسمية, وتكون مدة التعاقد3 سنوات فقط يتم تجديدها. كما أرسلت اللجنة النقابية للمصنع شكوي رسمية للرئيس المخلوع محمد حسني مبارك من أجل إنقاذ المصنع, وذلك في عام2008, ولكن لم يستجب أحد لتلك الشكوي. والآن وبعد ثورة25 يناير يجب فتح ملف المصنع فورا لمحاسبة المسئولين عن هذه الخسائر الضخمة, وعن تسريح العمال, وعن توقف صناعة من أهم الصناعات التي كانت تعقد عليها مصر الآمال لتوفير فرص العمل للآلاف من المواطنين.