تحرص العديد من المؤسسات علي الإحتفاء بمرور سنوات علي إنشائها فيما يعرف باليوبيل أو العيد الفضي والذهبي والماسي حتي المئوية, في تقليد يرسخ عددا من القيم ويستدعي للذاكرة تاريخ المؤسسة ومظاهر عطائها. ويصادف هذا العام إحتفالية جامعة الإسكندرية( فاروق الأول), بيوبيلها الماسي بعدما كانت فرعا لجامعة القاهرة( فؤاد الأول). حيث توفر علي رئاستها الدكتور طه حسين الذي تسمي أعلي جوائز الجامعة باسمه فضلا عن رئاسة الأديب محمد فريد أبو حديد لجهازها الإداري. والواقع إن القضية ليست في احتفالية تقام فذاك متاح للعديد من المؤسسات علي اختلاف مشاربها, ولكن القضية تكمن في أن يكون لمؤسسة كجامعة الإسكندرية تاريخها الشاخص علي أرض الواقع. والمتابع لمسمي الجامعة يدرك معايشتها لأهم حدث في تاريخ مصر المعاصر وهو ثورة يوليو, حيث كان بيانها بمثابة باكورة تأييد للحدث الوليد. ومن يومها وجامعة الإسكندرية تمثل إنعكاسا بينا لأحداث المحروسة بإنكساراتها إنتصاراتها, فضلا عن التحولات الإجتماعية لا سيما في مجال تمكين المرأة كأول جامعة تقدم أستاذة لإعتلاء قمتها ممثلة في رئيستها السابقة الدكتورة هند حنفي. بل خرج من بين جنباتها علماء أجلاء يمثل فيهم الدكتور أحمد زويل ذروة سنام منظومة العلماء الأكفاء. فضلا عن الموهوبين التي شهدت لهم الأوساط المحلية والإقليمية الدولية بالتميز بل وربما الريادة. كما يمثل تفاعل جامعة الإسكندرية مع قضايا خدمة المجتمع نموذجا فريدا للتواصل المجتمعي الذي ينفي عن الجامعات مفهوم البرج العاجي, ويكفي تدليلا في هذا المقام مركزها الهندسي الذي إضطلع بمشروعات قومية عملاقة تزال حديث القاصي والداني. إنني لست بصدد حصر أسماء الجامعة اللامعة أو إنجازاتها المشرفة فذاك يستعصي علي الحصر هنا, بيد أنني أركز علي التفاعل الإيجابي والسلبي لجامعة الإسكندرية التي بات تاريخها يمثل جزءا من تاريخ الوطن. ويمكن القول مثالا لا حصرا أن ما قدمه نادي أعضاء هيئة التدريس للجامعة من شخوص وطنية قد أعطي درسا بليغا في مفهوم المعارضة الوطنية قبل أن تطرق مصر من جديد مدارج المحاولة الديموقراطية المتعثرة. وهو ما يجعلني أنادي بضرورة صبغ النادي بالصبغة النقابية بعيدا عن الجمعيات التابعة لوزارة التضامن!!. كما أن سنة الإخوان قد كفلت حالة من الحراك السياسي بالجامعة أظهرت ما يسمي بالخلايا النائمة التي يعلم الجميع مغبة سباحتها في مؤسسة علمية تعليمية ضد التيار أو الإجماع الوطني, بل وما هو أشد وأنكي هي كشفها للعديد من النماذج التي باتت تمثل طاقة سلبية في الحياة الجامعية لوجودها علي كل الموائد حضورا لا موقفا. سواء كان ذلك ممثلا في منظمة الشباب الإتحاد الإشتراكي, مرورا بحزبي مصر والوطني وأخيرا الإخوان والجماعة السلفية!! وحتي عصرنا الحاضر. وأحسب أن الجامعة قادرة علي المضي قدما في دعم كل عناصرها الإيجابية المشرفة والمشرقة لتعطي بهم النموذج الأمثل لقيم المؤسسة الراسخة عبر ما يربو عن الخمس وسبعين عاما بقليل. ولم تكن مكتبة الإسكندرية إلا وليدا عملاقا نشأ بسواعد وعقول أبناء جامعة الإسكندرية مكانا ومكانة, ويشهد التاريخ في ذلك للدكتورين مصطفي العبادي ومحسن زهران بدورهما الريادي الفاعل فكرا وعملا في هذا الصدد. ليتحقق الحلم الذي بات جاذبا للعاصمة بعدما كانت المرفأ الوحيد للنجومية المجتمعية.