فلا ينبغي لأحد أن يفاجأ إزاء تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية, وتحديدا حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب2016, والاشتباه في اختراقها لحملة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فقبل إعادة انتخابه في عام2012, صرح بوتن لإحدي صحف موسكو أن( القوة الناعمة تتألف من مجموعة من الأدوات والأساليب المستخدمة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية دون استخدام القوة, من خلال المعلومات وغيرها من وسائل النفوذ). من منظور الكرملين وفقا لجوزيف ناي سكرتير مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق, كانت الثورات الملونة في البلدان المجاورة وانتفاضات الربيع العربي أمثلة لاستخدام الولاياتالمتحدة للقوة الناعمة كشكل جديد من أشكال الحروب. وقد أدمج مفهوم القوة الناعمة في سياسة روسيا الخارجية في عام2013, وفي عام2016 ذكر رئيس الأركان العامة الروسي فاليري جيراسيموف أن الاستجابة لمثل هذه التهديدات الأجنبية باستخدام القوات التقليدية أمر مستحيل, بل لا يمكن التصدي لها إلا بنفس الطرق. ولكن ما هي القوة الناعمة؟ يري بعض المراقبين أنها تعني أي عمل غير القوة العسكرية وغير استخدام التهديدات المباشرة للدول الأخري. وربما تستخدم قوة الجذب الناعمة لأغراض هجومية. فقد أنفقت الدول المليارات علي الدبلوماسية العامة وبث القنوات الدعائية في لعبة الجاذبية التنافسية أو معركة الفوز بالقلوب والعقول, وقد ساعدت أدوات القوة الناعمة, مثل خطة مارشال في تحديد نتائج الحرب الباردة. بعد الحرب الباردة, تصورت النخب الروسية أن خطط توسع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي, والجهود التي يبذلها الغرب للترويج للديمقراطية, هدفها عزل روسيا وتهديدها. وفي الرد علي ذلك, حاولت هذه النخب تطوير القوة الناعمة الروسية من خلال الترويج لإيديولوجية سيادة الدولة, والتفرد الوطني. وكان لهذا صداه الذي تردد في دول مثل المجر, حيث امتدح رئيس الوزراء فيكتور أوربان الديمقراطية الروسية, وكذلك امتدحت علي طول الحدود الروسية, في بلدان فقيرة في آسيا الوسطي, وبين الحركات الشعبوية اليمينية في أوروبا الغربية. وقد تستخدم حرب المعلومات هجوما لتقويض الخصوم, وقد نعتبر هذا( قوة ناعمة سلبية), فمن خلال مهاجمة قيم الآخرين, يستطيع المرء أن يقلل من جاذبيتهم وبالتالي قوتهم الناعمة النسبية. وتشير الأدلة المتاحة إلي أن هدف الروس عندما شرعوا في التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام2016 كان تلويث وتشويه سمعة العملية الديمقراطية في الولاياتالمتحدة, وكان انتخاب دونالد ترمب, الذي امتدح بوتن, بمثابة مكافأة. يهدف التدخل الروسي في السياسة الداخلية الآن للديمقراطيات الأوروبية إلي الحد من جاذبية حلف شمال الأطلنطي, الذي يجسد القوة الصارمة الغربية التي تري فيها روسيا تهديدا خطيرا. وفي عالم وسائل الاتصال الاجتماعية أصبح من السهل فبركة أصدقاء زائفين وتلفيق أخبار كاذبة والترويج لها بواسطة أشخاص مأجورين. ورغم أن حرب المعلومات ليست جديدة, فإن التكنولوجيا الإلكترونية جعلتها أرخص وأسرع وأبعد مدي.