عند القبائل العربية يعتقد الآباء خطأ أن إنجاب الولد يختلف كثيرا عن البنت, فالولد عند القبائل هو العزوة والستر وهو من يحمل اسم عائلته فيما بعد, وفي مركز دراو وداخل إحدي قري محافظة أسوان, خرج فرح إلي الدنيا صباح أحد أيام عام1980 ليكون يوم ميلاده عيدا وفرحة لأسرته التي انتظرت هذه اللحظة كثيرا, خاصة أنها لا تزال تتمسك بتقاليدها وعاداتهاالتي تقوم علي التربية الدينية الصحيحة والشهامة والكرم.. في هذا اليوم انهالت التهاني علي أسرة الحاج سالم التي نحرت الذبائح ابتهاجا بقدوم المولود الذي كانت تتمناه سعيدا لا شقيا, ومن فرط فرحة الأب لم يتردد في اختيار اسم فرح ليطلقه عليه وليته ما فعل. مرت الأيام وكبر فرح وزاد اهتمام الأب به فلم يكن يرفض له طلبا وعاش مرحلة الطفولة المدللة التي انعكست عليه في مرحلة المراهقة بعد أن ظن أن شاربه الذي نبت سيجعله رجلا حرا في تصرفاته, فبدأ يعصي والديه وتمرد علي أصدقائه وزملائه في المدرسة التي أدمن فيها الرسوب وانقطع عنها وسط محاولات فاشلة من الأب المكلوم لتقويمه, وفي النهاية تلقي خطابا بفصله ليسقط الأب مريضا من فرط حزنه علي ابنه العاق. وبمرور السنوات لم يجد الأب مفرا من الاستماع إلي نصيحة أهل القرية بإعادة الابن الضال مرة أخري إلي حضنه لعل وعسي أن يبدل الله حاله, وبالفعل تدخل الكبار ومشايخ العرب في عودة المياه إلي مجاريها وعاد الابن باكيا نادما علي ما فعله متعهدا بالاستقامة والتوبة, وهو ما لم يرق لشلة الفساد التي كان أحد أعضائها وظلوا يحومون حوله حتي خضع لهم مرة أخري لينال جزاء الطرد من بيت العيلة بفرمان من الأب. خرج فرح من بيت أبيه وملامح الانتقام تكسو وجهه, مصمما علي أن يثبت للجميع بأنه قادر علي أن يمتلك السطوة والمال حتي ولو عن طريق الحرام, فبدأ مشوار اللعب مع كبار تجار المخدرات المقيمين خارج أسوان, وذلك من خلال تكليفه بتسليم الطلبات إلي تجار التجزئة ديلفري, وكان كلما قبض الثمن يزداد طموحه في أن يقبض المزيد من الأموال التي يسيل لها اللعاب, حتي بدأ في خيانة أحد التجار الذي وثق فيه ثقة عمياء دون أن يدري بأن فرح يضمر في نفسه شيئا ما للاستقلال بتجارته الجديدة. وفعلا وليس قولا, عاد فرح إلي إحدي القري التابعة لمركز دراو ليبحث عن أصدقائه القدامي حتي يبدأ رحلته الجديدة في الخطوة الأولي نحو تحقيق حلمه الكبير بالثراء السريع, ونجح في العثور علي ثلاثة منهم اتفق معهم علي أن يكونوا ضمن تشكيله الإجرامي, فخانه الأصدقاء مثلما خان من قبل مما دفعه للاعتماد علي المثل الشعبي المعروف ماحك جلدك مثل ظفرك. ولأنه كان مرصودا ومراقبا من الأهالي الذين تضرروا من تجارته المحرمة التي أفسدت الشباب, تعددت البلاغات أمام العقيد طارق عواد مأمور مركز دراو الذي قام بإخطار اللواء فتح الله حسني مساعد وزير الداخلية لأمن أسوان, حيث أمر بسرعة ضبطه متلبسا, وبعد التأكد من صحة المعلومات التي أفادت بعزم فرح علي استلام كمية من البانجو استعدادا لتوزيعها فيما بعد, وعقب تقنين الإجراءات وتحديد ساعة الصفر, تحركت حملة أمنية مشددة قادها العميد محمود عوض مدير المباحث الجنائية بالتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات وضباط مباحث المركز, حيث تمكنت الحملة من القبض عليه وبحيازته24 كيلو بانجو و25 جراما من الهيروين, بالإضافة إلي سلاح ناري لزوم الدفاع عن النفس, لتنهار أحلام فرح بعد مثوله أمام النيابة العامة التي أمرت بحبسه لحين إحالته إلي المحاكمة.