تابعت علي فترات مسابقات إبداع التي نظمتها وزارة الشباب مع وزارة التعليم العالي للكشف عن المواهب الجامعية في كل مجالات الإبداع. وهو ما تبناه مشكورا في برنامجه الأسبوعي التليفزيوني الأستاذ إبراهيم حجازي حيث وضع بعض هذه المواهب في دائرة الضوء, في مبادرة طيبة وإن جاءت متأخرة من المنظور الإعلامي بعامة. والواقع أن المقارنة مع برامج المواهب الدعائية تعد في غاية الظلم من حيث الدعاية والترتيبات ونجوم التقييم لما لها من بعد تجاري وتسويقي جعلت البرامج ذات الأهداف الحقيقية للكشف عن المواهب مثل إبداع تتواري خجلا من حيث عناصر الجذب التي تقوم عليها برامج الفضائيات. و نحن لسنا بصدد المقارنة لكون البرنامج الرسمي إبداع إنما يرمي لأهداف أكثر رسوخا تخرج عن كل الأطر الحاكمة لبرامج مسابقات الفضائيات. ولكي نثمن هذا الجهد ينبغي علي القائمين علي هذا البرنامج الطموح الذي يغطي كل الجامعات المصرية, أن يراعي بعض النقاط الكفيلة بخلق عامل الجذب المفتقد الذي من شأنه أن يوسع دائرة الاهتمام علي كل الأصعدة. من ذلك مثلا التعرف علي أسلوب التصفيات الأولية ومدي توافقه مع نشاط رعاية الشباب في الجامعات منعا للتكرار. أضف إلي ذلك التساؤل الخاص بمدي مشاركة الجامعات الخاصة في تلك المسابقات لما تضمه من قطاع عريض من شباب الوطن الذي لا يمكن أن يفتقرللمواهب. الأمر الآخر يرتبط بالتوسع الهائل في نوعية الإبداع إذ أحسب انه لا يمكن بحال من الأحوال التقييم الفوري لعرض مسرحي أو فن تشكيلي وهذه آمل أن تكتفي قناة العرض تليفزيونيا بتصوير أجزاء منها كي تعرض الأعمال الفنية الفائزة في يوم إعلان النتائج وتوزيع الجوائز. كما أنني من المتشيعين لضرورة التركيز علي كشف مواهب الإنشاد الديني والابتهالات حتي لا ينقرض هذا الفن أما هوجة المهرجانات المسفة وكليبات دعاوي الغناء. أما عن الأغاني الوطنية فأرجو ألا تكون مثار اختيار بل إجبار كي يدرك هذا الجيل سر استمرار ترديد الأغاني الوطنية القديمة واندثار الحديث منها علي غرار اخترناك مقابل ياحبنا الكبير و وطني وصبايا وأحلامي, التي تمثل حالة من الرومانسية الغنائية الوطنية نفتقدها كثيرا, مثلما الحال في الأغاني الجماعية التي تخرج في مغزاها عن الإطار الجماعي إلي المفهوم الجمعي الذي يعلي من قيمة وحدة عناصر الأمة حتي لو كانت المشاركة بأغنية. و لعل من أكبر مثالب مسابقات إبداع الجانب الكمي علي حساب الزمن مما جعلها تميل للإستطالة التي يصعب متابعتها, لذا يلزم أن تكون أقصر وأقوي تركيزا,علي أن تحظي بالاهتمام الإعلامي الذي بدأ علي استحياء من إشراك بعض الأصوات المتميزة في حفلات أضواء المدينة الصيفية. وهو ما يحتاج لمزيد من الفكر التسويقي الإحترافي لتقديم هؤلاء الشباب للمجتمع الفني كل في مجاله, ويا حبذا لو تواكب هذا الأمر مع وجود فنانين حقيقيين في لجان التقييم ممن يحبهم الشباب ويقدمون فنا يحترمونه. و ختاما لابد ان ندرك أن هذا الشباب الموهوب مع زملائهم بل وفي تخصصاتهم العلمية هم عدة المستقبل لهذا الوطن شريطة ألا يتم تسييس الأمر. وكأننا نستهدف ردا علي فئات بعينها باسم هؤلاء الشباب, وهو أمر لو تعلمون مغبته عظيم. إننا نستهدف كشف مواهبهم كي يكون المستقبل بهم أكبر كاشف لقيم هذا الوطن وإمكانات أبنائه.