لأنه يؤمن بأن قراءة الحاضر بواقعية, وتقدير الإمكانات التي تمتلكها أمته, تدفع إلي استشراف المستقبل بكل طموحاته, وإدراك تحدياته, جاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في اجتماع الحوار مع الأسواق الناشئة والدول النامية, واضحة الدلالة والغاية حيث طرح رؤية مصرية محددة الوسائل والغايات لتنفيذ أجندة2030 للتنمية المستدامة, مؤكدا أن ما تمتلكه مصر من إمكانات حالية ومستقبلية في ضوء خصوصية تجربتها للإصلاح الاقتصادي, تفتح أمامها آفاقا واسعة للتفاعل مع دول تجمع البريكس, وداعيا في الوقت نفسه إلي إيجاد آلية للتواصل بين الدول النامية بظروفها وإمكاناتها وطموحاتها, ودول التجمع, سعيا لدفع الجهود التنموية, وتحقيق شراكة أقوي, تمثل أساسا لصياغة مستقبل أفضل, في ظل تحديات النظام الاقتصادي العالمي. لقد انطلقت الرؤية المصرية التي طرحها الرئيس السيسي أمام هذا التجمع اعتمادا علي مرتكزات أساسية في مقدمتها: (1) إن مصر مؤهلة لتكون طرفا فاعلا في تحقيق شراكة أقوي مع دول التجمع وهي تطبق برنامجا طموحا للنمو الاقتصادي المستدام من خلال إصلاحات جذرية لمختلف جوانب الأوضاع الاقتصادية. (2) إن الأجندة المصرية للتنمية2030 تمت صياغتها, ويجري تنفيذها وفق الأهداف والأولويات الوطنية الخالصة, توفيرا لفرص العمل, واعتماد الشباب فعليا ركيزة لإصلاحاتها الاقتصادية, مع إيمان مصر بضرورة وجود نظام اقتصادي عالمي عادل وشفاف, يعزز من مشاركة الدول النامية في الحوكمة الاقتصادية العالمية. (3) لدي مصر من الإمكانات الحالية والمستقبلية, ما يمكن أن تقدمه لتجمع البريكس ولعل محور قناة السويس, كنموذج بما يضمه من مناطق صناعية وتكنولوجية ولوجيستية, خدمة لحركة التجارة إقليميا ودوليا, يفتح آفاقا ومنافذ جديدة للتفاعل الاقتصادي مع دول بريكس. (4) إن نظرة مصر إلي إمكانات التفاعل مع المعطيات الدولية والإقليمية الراهنة تجعل من الضروري إيجاد آلية للتواصل والحوار مع الدول النامية القادرة علي أن تكون لها إسهاماتها مع البريكس, لدفع الجهود التنموية تحقيقا لشراكة أقوي من أجل مستقبل أكثر إشراقا لشعوب حان وقت حصولها علي حقوقها, وتحقيق آمالها وطموحاتها في بناء قدراتها, والوجود بفاعلية علي الخريطة الجديدة لعالمنا اليوم وغدا. (5) إن مصر تؤمن بأن العمل الجماعي المشترك أصبح ضرورة لا مناص منها, إذا أردنا مواجهة تحديات التنمية والحياة الكريمة للشعوب, التي يحول دون تحقيقها ما نلمسه في عصر يشهد تحديات جساما من الفقر, والتدهور المناخي, والإرهاب بكل صوره السياسية والفكرية والعرقية. وأعتقد عبر متابعتي هنا في شيامن أن ردود الفعل التي بدت شديدة الوضوح, إزاء ما طرحه الرئيس السيسي, تكشف إلي أي مدي يمكن أن تكون المشاركة المصرية في قمة بريكس, وما صاحبها من لقاءات ومناقشات علي مستوي القادة وممثلي مجتمع الأعمال والاقتصاد والمال, ذات تأثير كبير, في الدفع إلي مسارعة دول التجمع, باتخاذ خطوات جادة لانضمام مصر إليها, لما تمتلكه من رؤي واقعية, ومستقبلية, تستطيع البريكس بتفعيلها إحداث تغييرات اقتصادية, وسياسية, وفكرية علي مختلف الاتجاهات, إذا ما أحسنت استثمار الأجواء والنتائج التي أسفرت عنها قمة البريكس. ومع لقاء الرئيس أمس وحديثه الذي قوبل بإيجابية شديدة من حضور حوار الأسواق الناشئة كانت لقاءاته مع شي جين بينج رئيس الصين, وجاكوب زوما رئيس جنوب إفريقيا, وألفا كوندي رئيس غينيا, وناربندرا مودي رئيس وزراء الهند, حيث توافقت فيها الرؤي إزاء الأحداث الدولية والإقليمية, وأجمع القادة في لقاءاتهم مع الرئيس السيسي علي تقديرهم وإشادتهم بما تحقق في مصر من إصلاحات اقتصادية والخطوات التي حققتها لدفع عملية التنمية, واستعادة الاستقرار, والمشروعات العملاقة التي يجري تنفيذها. وعلي صعيد الجولة المهمة للرئيس السيسي, تأتي زيارته اليوم لفيتنام, وهي أول زيارة لرئيس مصري في تاريخ علاقات البلدين, حيث كانت مصر أول دولة عربية تتبادل التمثيل الدبلوماسي مع فيتنام عام1963, وتعقد مباحثات قمة بين الرئيس السيسي والرئيس الفيتنامي ترونج تان سانج تتناول سبل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات, وفتح آفاق واسعة لتعاون اقتصادي وتجاري ودفع الاستثمارات والتصنيع والتسويق, في ضوء ما تمتلكه الدولتان من مقومات وفرص ومزايا تجعل كلا منهما مكملا للآخر, بالنظر إلي علاقاتهما الراهنة التي تبدو محددة للغاية مقارنة بالفرص الممكنة. إن مشاركة مصر في قمة البريكس, وزيارة الرئيس اليوم لفيتنام تعطينا دلالة واضحة, أن قيادتنا السياسية واثقة بلا حدود في قدراتنا, كأمة تعرف قدرها ومكانتها, ولذلك تأتي تحركات الرئيس السيسي ترجمة واقعية لثقة متبادلة بين القائد وشعبه, تقود بقوة إلي بناء مستقبل واعد, نمتلك بفضل الله كل مقوماته.