من المنتظر أن تصبح الشيخوخة واحدة من أهم التحديات الاجتماعية والأكثر تأثيرا سياسيا واقتصاديا في القرن21 والتي شهدتها معظم بلاد العالم سواء النامية أو المتقدمة, الأمر الذي يدعو إلي القلق. وتزايدت التقارير الدولية حول هذا التحول في التركيبة السكانية ونتائجه محذرا من خطورة تنامي المشاعر المعادية للمهاجرين للبلدان المتقدمة التي تبدو بأمس الحاجة إليهم. ففي البلدان المتقدمة انخفضت معدلات المواليد ومن ثم أصبح عدد الأشخاص الأكبر سنا في زيادة مستمرة ومن المتوقع أن يتضاعف عدد السكان الأكبر سنا أربع مرات علي مدار السنوات الخمسين المقبلة. وأكد تقرير دولي صدر عن الأممالمتحدة أن تدفق المهاجرين يمثل أفضل علاج لهذه الأزمة التي تعانيها الدول المتقدمة رغم التحديات الكثيرة المترتبة عن الهجرة غير المنظمة. ويشير التقرير إلي أن مؤشرات النمو السكاني ارتفعت بشكل كبير منذ بداية هجرة اللاجئين بعد الحروب في المنطقة, خاصة منذ2015 في مناطق كثيرة لتصل معدلاتها إلي2.8 مليون شخص سنويا وأرجح ذلك إلي أن الهجرة التي بلغت91 مليونا هي العامل الرئيسي لهذه الزيادة وبذلك سيفوق عدد المواليد عدد الوفيات بنحو20 مليونا بين عامي2015 و.2050 وحدد التقرير الدول التي استقبلت المهاجرين بكثافة مما أدي إلي زيادة في عدد سكانها وهي الولاياتالمتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا وألمانيا وروسيا وإيطاليا بينما الهند وبنجلاديش والصين وباكستان والمكسيك هي الأكثر تصديرا للمهاجرين وعلي الرغم من الفوائد الاقتصادية للهجرة إلا أن المهاجرين غير مرحب بهم في الدول المتقدمة لاعتبارات سياسية. ويقول خبراء الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: إن العالم سيتمكن من تفادي تفشي الشيخوخة بحلول2020 وذلك بالاستفادة من المهاجرين وإن الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلي جذب عدد كبير من العمال من الخارج والتغلب علي معارضة الرأي العام. وتمثل ألمانيا نموذجا نوعيا في أوروبا بتحولها الديموجرافي إذ يزداد تعداد المسنين وتقل نسبة المواليد ويعتبر الأمر قنبلة موقوتة حيث تشيخ اليد العاملة وتتراجع بسرعة وبحسب توقعات معهد الأبحاث الاقتصادية الألماني دي آي دبليو فإن ألمانيا بلد يعيش بها نحو50 مليون شخص في سن العمل أي بين20 إلي65 عاما لكن النسبة ستنخفض إلي36 مليون شخص بحلول عام.2060 فنسبة الولادات في ألمانيا لا تتجاوز نسبة1.4 طفل لكل امرأة منذ40 عاما ومن دون الهجرة لن يشكل الجيل المقبل سوي ثلثي الجيل الحالي وإن انخفاض الأيدي العاملة سيؤدي إلي تراجع نمو الاقتصاد الألماني علي المدي الطويل. وأكد المعهد أن أسباب تزايد الأعمار يرجع إلي ممارسة أسلوب صحي والتغذية السليمة والرياضة والتقدم الطبي. وعن هذا المنطلق قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تتطلع لفترة ولاية رابعة في حديث لها مع صحيفة فيلت ام زونتاج أنها ليست نادمة علي قرارها عام2015 بفتح حدود بلادها أمام الآلاف من اللاجئين. وقالت إن هذا القرار كان صائبا سياسيا وإنسانيا رغم وصول عدد اللاجئين إلي مليون لاجئ علي مدار العامين الماضيين ورغم أن هذا القرار خلق المزيد من الخلافات داخل حزبها وضر شعبيتها وأنه لو عادت الأيام لاتخذت نفس القرار بنفس الطريقة وأنها ستقوم بزيارة مناطق معارضيها وإن كانت هناك أزمة فإنها ستتجاوزها. وانتقدت المستشارة نظام دبلن الخاص بتوزيع اللاجئين في الاتحاد الأوروبي وقالت: إنه لا يمكن أن تتحمل اليونان وإيطاليا الأعباء وحدهما. وبذلك بدت ألمانيا نموذجا مثاليا لسياسة اللجوء رغم الاعتداءات الإرهابية في فورستبورج وانسباخ ومؤخرا برلين. وأشاد بها دوليا البابا فرانسيس وأوباما لأنها حولت الأهمية السياسية المتزايدة لألمانيا علي مستوي العالم إلي سياسة لجوء منفتحة. ونشرت صحيفة الفايننشيال تايمز صورة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تقريرا تحت عنوان ألمانيا مستعدة لقبول المزيد من اللاجئين السوريين بدءا من2018 وأنها تنظر بشأن لم شمل عوائل اللاجئين أصحاب صفة الحماية الكاملة باستخدام والديهم وأطفالهم, الأمر الذي يثير الجدل لدي الدول المعادية للهجرة فحاولت المستشارة استرضاءهم بالتشديد علي أن غالبية القادمين من سوريا والعراق سيعودون إلي بلادهم بعد انتهاء الصراع هناك.