يتفاوت مفهوم السعادة بين الناس, وكل ينظر لها من منظوره الخاص, الكثيرون يرون في المال مفتاح السعادة وغيرهم يراها في امتلاك منزل جميل وزوجة صالحة وأسرة سعيدة, والمريض يراها في الصحة المحروم منها, وهكذا يتباين المفهوم كل حسب حاجته. ومفهوم السعادة في بيئة العمل هو محل جدل بين الموظفين, فمنهم من يراه في ترقية مستحقة, تضيف دفئا علي الراتب, ومن يراه في منصب رفيع, وشريحة تري السعادة بأن تمضي أيام العمل من دون أن يكدر صفوها إيميل من الموارد البشرية يحمل كوابيس الخصم والإنذار, وغيرها من الإجراءات المترتبة علي الوقت المهدر أو التقاعس عن العمل وواجباته. العديد من الإدارات المستحدثة في دوائرنا لمواكبة توجهات وتوجيهات القيادة بنشر السعادة لم تقدم أي مبادرات جادة وملموسة لإسعاد المتعاملين, ناهيك عن الموظفين العاملين فيها, بعضهم اعتقد أن دوره يقتصر علي نشر ملصق السعادة أو كما يسمونه سمايل فيس في أرجاء المكان, وانتهي الأمر, بينما السعادة الحقيقية تتطلب جهدا لجعل المكان وبيئة العمل مكانا مريحا, يتعزز فيه الولاء الوظيفي, ويرتقي الأداء, ويساعد علي الابتكار, جهد يصنع من الانتماء لمكان العمل حالة حب لا علاقة موظف كالآلة, يؤدي عمله بتكلف فقط; لأنه ينتظر أجرا عنه آخر الشهر, ودون ذلك فلا قيمة للمكان أو علاقة تربط بينهما مهما طالت مدة الخدمة فيه. قبل أيام قرأت عن دراسة أجريت في كندا أظهرت أن إنفاق المال من أجل توفير الوقت له دور في زيادة الشعور بالسعادة, وقد جاءت هذه الخلاصة بعد مراجعة إجابات أكثر من ستة آلاف شخص, شاركوا فيها ومنهم800 مليونير, أكدوا جميعا أن شراء الوقت يساعد في الشعور بالسعادة بدرجة كبيرة. فضغوطات الحياة العصرية جعلت الجميع يشكو من ندرة الوقت, ومن هنا كان الاستعداد لإنفاق المال لشراء هذا الوقت للاستفادة منه في أشياء يحب المرء عملها. وقد كانت هذه المسألة أي توفير الوقت نقطة ارتكاز في توجه الكثير من الجهات نحو اعتماد الحلول والتطبيقات الذكية في التعاملات, ولكن للأسف البعض منها انتكس انتكاسة شديدة, وبدلا من التسهيل والسرعة تراجع الأداء فيها, وزاد معدل هدر الوقت لإنجاز المعاملات بصورة تثير الغرابة, وكأن القائمين عليه بحاجة لدورة إنعاش في علاقة الوقت بالسعادة.