وكأنه مخطط لإشعال فتنة طائفية بين أبناء الشعب الواحد, فما كادت تهدأ تداعيات التصريحات غير المسئولة التي أدلي بها الشيخ سالم عبدالجليل حتي خرج القس مكاري يونان, رئيس الكنيسة المرقسية الكبري في القاهرة بتصريحات غير مسئولة أيضا يهاجم فيها الإسلام لتتحول هذه الأزمة إلي مشهد عبثي, يرقي إلي حد الجريمة في حق الوطن ويصل إلي قضية ازدراء أديان مكتملة الأركان بل ويرتفع إلي حد الخطر الذي يهدد الأمن القومي, ويتطلب من أجهزة الدولة سرعة التحرك لوقفه وتجميد تداعياته ومنع مخاطره.. نعم أنه خطر أوجدته تصرفات غير مسئولة, وتصريحات غوغائية وتراشقات صبيانية وملاسنات شيطانية لا تحكمها دوافع وطنية ولا نوازع دينية ولا فهم واع للأمور العقائدية. إن الطعن في العقائد والتشكيك في الأديان. والتهكم من الثوابت والنبش فيما يفرق بين أبناء الوطن, يخدم دعاة الفتنة ويحقق أهداف ومخططات المتآمرين علي مصر, والمتربصين بهذا الوطن وأحسب أن تحركا مسئولا من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا تواضروس بات أمرا ضروريا ومطلبا عاجلا.. وليكن الدعوة إلي اجتماع عاجل لبيت العائلة لبحث هذه التداعيات والاتفاق علي ميثاق واضح وخطاب مسئول من رجال الدين يمنع الطعن في الأديان ويقطع الطريق علي أزمة تتصاعد وفتنة تتفاقم. وأعتقد أن الإمام الأكبر والبابا قادران علي وقف هذه المهزلة كما أنني علي ثقة كاملة في حكمة البابا تواضروس في أنه لن يقبل أن يتعرض أحد القساوسة للدين الإسلامي كما فعل الأزهر وأصدر بيانا انتقد فيه تصريحات الشيخ سالم عبدالجليل وأكد أنها تعبر عن نفسه كما أن وزير الأوقاف منعه من الخطابة. إن المسئولية الوطنية تقتضي أن يكون رجل الدين علي قدر من الوعي بظروف البلاد التي تمر بها ويعمل علي إظهار سماحة الدين ويركز علي كل ما يدعم وحدة الأمة واستقرار الوطن. ويدعو إلي كل ما يوحد ولا يفرق, لأن الأديان جاءت بالسلام والمحبة.. فالدين الإسلامي لم يظهر اليوم ولا المسيحية حديثة العهد حتي نتباري في شرح وتفسيرعقائد ثابتة, ونتسابق للتشكيك أو التأويل في أمور راسخة, والرسول الكريم أرسي حرية العقيدة في أول دستور للمدينة, وذلك حينما أقر لليهود بأنهم يشكلون مع المسلمين أمة واحدة, وأيضا في فتح مكة لم يجبر قريشا علي اعتناق الإسلام, رغم انتصاره, ولكن قال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء. وعلي دربه أعطي الخليفة الثاني عمر بن الخطاب للمسيحيين من سكان القدس الأمان علي حياتهم وكنائسهم وقال: لا يضار أحد منهم ولا يرغم بسبب دينه. بل إن الإسلام كفل حرية المناقشات الدينية علي أساس موضوعي بعيدأ عن المهاترات أو السخرية من الآخرين, وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالي: ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وهكذا المسيحية عقيدة سمحاء جاءت بالمحبة والسلام وحب الآخر.وإعلاء قيم المودة والرحمة ولم تكن يوما علي مر التاريخ إلا دعوة للقيم النبيلة والأخلاق الحميدة والمسئولية الوطنية أيضا تتطلب من الإعلام دورا أكثر رشدا وأشد حكمة, وأكثر وطنية, فلاشك أن الإعلام تحول من الإنارة إلي الإثارة وصار مصدرا لكل شرارة تهدد بإشعال الوطن.. ومن تابع التناول الإعلامي لهذه الأزمة وغيرها من القضايا الخاصة بالمسلمين والمسيحيين سيتأكد أن هناك جرائم ترتكب بحق هذا الوطن بعيدا عن كل القيم والتقاليد الإعلامية التي لم تعد حاكمة للقنوات التي تضرب بالقانون عرض الحائط وتعرض لقضايا طائفية بلا أدني مسئولية, وأظن أن المجلس الأعلي للإعلام بات عليه التحرك نحو وقف هذه الفوضي الإعلامية التي تهدد أمن الوطن. في الختام أقول لأولئك الذين يتراشقون باسم الدين, والدين منهم براء: إن الدول تنهار حين تشتعل بها الفتن, والأوطان تتهاوي حين تتصارع باسم الأديان, فلا تكونوا مفتاحا للشر وسببا في جر البلاد إلي مستنقع الصراعات ومنزلق الانقسامات, وتذكروا أن الدول التي تسقط في دوامة العنف الطائفي لن تقوم لها قائمة. واتقوا الله في مصر فالدين لله والوطن للجميع. حفظ الله مصر!