تستكمل الأهرام المسائي في الجزء الثاني من ملف أزمة المهرجانات السينمائية في مصر, مشكلة مهرجان القاهرة السينمائي والذي يعد الأقدم في المنطقة العربية, خاصة بعدما تدهور وضعه بشكل ملفت بينما مهرجانات وليدة في دول عربية أخري باتت تتبوأ مكانة دولية كبيرة; حيث نبحث مع رئيس المهرجان د.ماجدة واصف أسباب التراجع ونضع أيدينا علي الأزمات في محاولة للبحث عن حلول لعودة المهرجان إلي مكانته السابقة, كما نتناول في هذا الملف مع الدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة للسينما, عضو لجنة المهرجانات, أسباب تراجع المهرجانات, وهل الدعم المادي وحده هو المسئول أم أن اعتبار الأمر مجرد سبوبة لدي البعض وغياب التنظيم وفتح قنوات مع الجمهور كلها عوامل أدت إلي انهيار المهرجانات بشكل عام, كما يضع عدد من النقاد في هذه السطور روشتة علاج في محاولة للخروج بالمهرجانات من هذا النفق المظلم. فتحت الدكتورة ماجدة واصف رئيس مهرجان القاهرة السينمائي النار علي المنتقدين; حيث قالت إن أي مهرجان في العالم خاصة المهرجانات الوليدة ليس فرضا عليها أن تصبح مهرجانات جماهيرية في فترة قصيرة, ويرجع هذا إلي الفجوة الكبيرة التي خلفها غياب دور العرض عن المحافظات في السنوات الماضية, ليصبح مهرجان مثل الأقصر يقام في مدينة لا توجد بها دور عرض, رغم أن عددا كبيرا من الأقاليم كانت بها صالات عرض شعبية للعائلات, بينما اليوم لا يوجد بها أي دور عرض, وبالتالي فإن عادة التنزه للسينما اندثرت تدريجيا الخروجة الشعبية المصرية علي مدار عشرات السنوات حيث كان تقليدا متعارفا عليه وتدريجيا أغلقت خلال فترة السبعينيات وتحولت إلي جراجات لأن الأرض لها قيمة أكبر بجانب عدم وجود دعم من جانب الدولة للسينما, لنبدأ من الصفر. وأضافت عندما يقام مهرجان في الأقصر أو شرم الشيخ أو الإسماعيلية يتم استيراد الجمهور من القاهرة من أصحاب الأفلام والإعلاميين فقط ولذلك يجب بناء علاقات مع أهالي المدن كما يجب تقديم أعمال يستوعبها الجمهور وتجذبه وهنا يأتي دور قصور الثقافة في خلق تواصل بين الجمهور والأفلام, من خلال تنفيذ برنامج علي مدار العام يعطيهم تنوعا ثقافيا وسينمائيا بشكل تدريجي, موضحة أن المناخ الحالي غير مناسب لخلق ثقافة سينمائية للشباب والأطفال لذا لابد من تدخل الدولة ودعمها لتنشيط الحركة السينمائية بدلا من لجوء الشباب للقرصنة علي الأفلام من خلال الإنترنت دون اهتمام بالحقوق. وأشارت إلي أهمية الحفاظ علي مهرجان مثل الأقصر ودعمه لتقديم دوره في جلب الأجانب الذين يكونوا سفراء لنا في الخارج وهذا ما لاحظته أيضا في مهرجان شرم الشيخ للسينما الأوروبية لأنهم يغادروا بانطباع جيد وبالتالي أصبحوا خير دعاية للبلد, ولذلك المهرجانات تحتاج إلي دعم مستقر, كما أنه لابد من الوضوح والشفافية من ناحية الميزانيات بدلا من الوعود الزائفة خاصة أننا في حالة تخبط مع الموظفين الصغار ولذلك يجب علي وزارات السياحة والثقافة والشباب وكل الجهات الحكومية الداعمة تخصيص ميزانية كل عام لمهرجانات محددة ثم يتم تقييمها بشكل موضوعي وليس علي حسب الأهواء. وعن مهرجان القاهرة السينمائي قالت: إن هذا المهرجان وضعه مختلف فهو له تاريخ منذ أسسه سعد الدين وهبة, وارتبط الجمهور بالمهرجان من خلال فكرة الفيلم قصة ولا مناظر وكان يتسبب ذلك في إقبال جماهيري ضخم لمشاهدة الأفلام; حيث لم يكن الهدف الثقافة السينمائية لكن لمشاهدة المناظر خاصة أن الرقابة لا تحذف مشاهد في أفلام المهرجانات, وأسعار تذاكر الدخول زهيدة, ولم يكن المهرجان مدعوما في هذا التوقيت من قبل وزارة الثقافة واعتمد فقط علي إيراداته من التذاكر بينما تتنازل الدولة عن الضريبة, وعندما تغير القانون وأصبحت الضريبة علي السينما محدودة, تراجعت الإيرادات, وبات المهرجان بالتدريج تابعا لوزارة الثقافة وتبعيته حتمية للتمويل الحكومي من ناحية والبحث عن تمويل خاص من ناحية أخري وهذا تحول ناتج عن تغير التشريعات. وأضافت أن جمهور مهرجان القاهرة متنوع من طلبة الجامعات والمثقفين ومحبي السينما في مصر ويتم الوصول له بشتي الوسائل لكنه يفتقد الدعاية ولذلك يحتاج إلي مجهود علي مدار العام فمثلا دعاية الدورة الماضية طرحت في مدينة القاهرة التي يحمل المهرجان اسمها ليلة الافتتاح فقط وذلك لان محافظة القاهرة طلبت مبلغ051 جنيها مقابل كل أفيش في الشارع بدلا من أن تدعمه ماليا كانت تريد الحصول علي مقابل منه ولولا تدخل وزارة الثقافة لما كانت طرحت الدعاية قبلها بليلة واحدة وهذا ليس كافيا. وتابعت علي الرغم من أن وزارة السياحة لم تعطي المهرجان ال2 مليون جنيه الخاصين بالدورة الماضية حتي الآن, إلا انه تم التحضير لأفلام الدورة المقبلة, ومن المقرر أن تبدأ لجنة المشاهدة عملها أول مايو المقبل حيث وصلت بعض الأفلام التي طلبت, ويتولي يوسف شريف رزق الله مشاهدة الأفلام قبل اللجنة كما نعمل علي إيجاد تمويل خاص فلن تعد أموال الدولة تكفي خاصة بعد تعويم الجنيه الذي كان له أثر مدمر علينا ورغم كل شئ يعمل المهرجان بإمكانيات ضئيلة, مشيرة إلي أن وزارة المالية ستدعم المهرجانات بعشرين مليون جنيه بينما القاهرة يحتاج إلي عشرة ملايين, ووزير الثقافة وافق علي ذلك وهي تعتبر الحد الأدني من الوزارة ثم نكمل الباقي من المؤسسات الداعمة. وأوضحت أن شراء الأفلام تتم بالعملة الصعبة وسعر التذاكر أيضا مرتبط بارتفاع وانخفاض الدولار, وكذلك لم يستطيع المهرجان هذا العام الحصول علي جناح باسم مصر في مهرجان كان لأننا لا نملك أموال تسمح بذلك في ظل ارتفاع الدولار وعدم استقراره فتكلفة الجناح وتجهيزه والفريق الذي سيعمل به بخلاف أنه لابد من حجزه في شهر ديسمبر الماضي, تصل تكلفته من04 إلي05 ألف يورو أي ما يعادل مليون جنيه والحفلة أيضا التي كانت من المفترض أقامتها هناك بدعوة الصحفيين والأجانب للإعلان عن الدورة الجديدة لم نستطيع إقامتها.