لماذا نكتب؟ سؤال يتردد دوما في الأذهان سواء من الكاتب أم من القارئ. هناك العديد من الأسباب التي تصب في أحيان كثيرة في باب النفاق خاصة في الدول المتخلفة فكريا وتنمويا ولكن هناك في تلك الدول من يسبح عكس التيار وهناك من يغرد خارج السرب انطلاقا من فكر يظنه قويم( وقد لا يكون كذلك) وبعضهم لديه اقتناع بأن فكره صحيح ولا صحة لغيره والقلة يعتقد صحة فكره رغم قبول رأي أصح, بما يعني قبوله عمليا بقول الإمام الشافعي: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب. ولعل الشافعي منذ أكثر من اثني عشر قرنا كان يستشرف وضعنا الحالي بقوله: وانطقت الدراهم بعد صمت أناسا بعدما كانوا سكوتا. ولعلي أجتهد في إجابة سؤال مبعث الكتابة الصحيح لأذكر بجانب قول الشافعي أن البعض يكتب لوعيه بوجود مبادئ يمكن أن تشكل حياة مجتمعاتنا والبعض يعتبر الكتابة فرضا علي كل قادر كي ينير الطريق لمواطنيه, وغيرها من الدوافع التي تستحق أن يفرد لها حديث آخر, ولعلنا نتفق علي أن التاريخ مدرسة يمكن أن نتعلم منها!. لم نعد نتذكر مجزرة بحر البقر حينما أغارت طائرات الفانتوم الإسرائيلية علي مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة بمحافظة الشرقية بمصر قلب العروبة لتقتل ثلاثين من فلذة أكبادنا صباح يوم8 إبريل1970 م, صاحب الغارة الإسرائيلية ادعاء كاذب فحواه أن مدرسة بحر البقر المشتركة تقوم بتصنيع الأسلحة تحت غطاء تعليمي وهو ما لم تستطع إسرائيل إثباته. كما لم نعد نتذكر9 إبريل2003 م يوم سقطت بغداد بوابة العرب الشرقية وحاضرة العباسيين علي أيدي القوات الأمريكية. كانت الإغارة علي العراق واحتلاله بادعاء كاذب بوجود أسلحة دمار شامل بحوزتها, دحض بعد احتلال العراق واستشهاد أكثر من نصف مليون عراقي. الطريف في الأمر أن تقرير تشيلكوت البريطاني عن حرب العراق أثبت أنها بنيت علي معلومات استخباراتية خاطئة وأنها خطأ, كما أن العراق لم يكن يسبب تهديد لأمن بريطانيا القومي كما أنه لم يتم استنفاد الوسائل الدبلوماسية لتجنب الحرب. ولقد قبل رئيس وزراء بريطانيا وقتئذ توني بلير فور إذاعة التقرير وجود أخطاء استخباراتية بالنسبة لغزو العراق. وعلي المقابل أقر الرئيس الأمريكي وقتئذ جورج بوش قبلها بسنوات بخطأ غزو العراق كما أقر وزير خارجيته وقتها كولين باول بخطأ المعلومات التي أدت إلي غزو العراق وأهمها وجود أسلحة دمار شامل عراقية ولكن ما هي النتيجة؟ مئات الآلاف من الشهداء وبعض القتلي الأجانب والمرتزقة وتحطيم العراق بمعاونة بعض العرب للأسف كما جاء علي لسان تومي فرانكس قائد القوات الغازية في كتابه جندي أمريكي وكما أشار إليه جورج بوش في كتابه نقاط القرار. ولم يعد الأمر سرا كيف تمكنت طائرات التحالف بقيادة أمريكا من ضرب العراق مرورا بالأجواء العربية, وكيف خان بعض خونة العراق كذلك بلادهم بتعاونهم مع المحتل الأمريكي. وكأننا علي موعد مع ذكري أخري ففي التاسع من أبريل1948 م فقد العرب نحو254 شهيدا في مجزرة دير ياسين في فلسطين والتي مورست فيها أبشع أنواع التعذيب والتمثيل بالأحياء والأموات علي السواء من عصابتي أرجون وشتيرن الصهيونيتين. ولنتذكر أن مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ينتمي لعصابة أرجون بينما ينتمي اسحق شامير رئيس وزراء إسرائيل الأسبق أيضا لعصابة شتيرن. ولا يسعني إلا أن أبعث بتحيتي للعرب علي ألا تنصرف إلي الخونة منهم ومن كل العالم! ويبقي تساؤلنا: هل من عبرة من نكبات التاريخ؟ لعلنا نفيق!. أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة الأزهر [email protected]