في يوم الخميس الموافق30 مارس2017 ألقي الجنرال مايكل فلن مستشار الأمن القومي السابق للرئيس دونالد ترامب قنبلة من العيار الثقيل مفادها أنه سيقص علي لجنة التحقيقات بالكونجرس تفاصيل ما حدث مقابل منحه الأمان. هوذلك الجنرال اليميني المتشدد الذي تمت إقالته بناء علي كذبه علي نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس. وإعطائه إياه معلومات مغلوطة عن مقابلته السفير الروسي في أمريكا وهو ما أصبح يعرف الآن بعملية التدخل الروسي في عملية الانتخابات الرئاسية لصالح ترامب. أصبحت هذه القضية الآن شبيهة بفضيحة ووترجيت التي أودت بالرئيس الأسبق نيكسون وتسببت في إقالته. لا تمر لحظة إلا والإعلام الأمريكي ينشر المزيد من المعلومات التي تظهر العاملين مع الرئيس ترامب الآن وأثناء الحملة الانتخابية وكأن لهم دورا منسقا مع روسيا التي استطاعت التغلغل في العملية الانتخابية. المفارقة أنه في خطابه أثناء مؤتمر الحزب الجمهوري في يوليو2016, إنبري الجنرال فلن بصوت غاضب ملئه الحماس وموجها كلامه لأعضاء الحزب الجمهوري: لو أني فعلت معشار ما فعلته لكنت الآن في السجن. كان يقصد هيلاري كلينتون وما فعلته بخصوص إرسال بريد إلكتروني رسمي من بريدها الخاص. ذلك الاتهام الذي كانت حملة ترامب تكرره مرارا وتكرارا لتشويه المرشحة المنافسة هيلاري كلينتون والتي خسرت الانتخابات الرئاسية فيما بعد كما هو معلوم. ما حدث في ووترجيت الأولي أن بعض المأجورين قاموا بتاريخ17 يونيو1972 بالسطو علي مكاتب لجنة الحزب الديمقراطي الانتخابية ومقرها فندق ووترجيت بواشنطن. ورغم أنه تم انتخاب نيكسون لفترة رئاسية ثانية في نوفمبر1972, إلا أن سحب ووترجيت بدأت تظهر مع بداية.1973 ومع حلول1974, لم يكن هناك حديث في أمريكا كلها غير فضيحة ووترجيت. ونتيجة للضغط الإعلامي الكثيف والشبيه بالذي يحدث الآن, إضطر الرئيس الأمريكي نيكسون حينها في30 أبريل1973 أن يلقي خطابا أعلن فيه رحيل ثلاثة من أقرب مساعديه لتورطهم في ووترجيت, كما أنه ألقي خطابا آخر في29 أبريل1974 أذاع فيه ما حوته تسجيلات البيت الأبيض بخصوص ووترجيت.تزايدت الضغوط نتيجة للتدخل الإعلامي العنيف, وخصوصا ما قام به صحفيان مشهوران في صحيفة الواشنطون بوست هما بوب وودوارد وكارل بيرنيستين, بدأت التحقيقات الأولية في فبراير1973 عندما أصدر الكونجرس لجنة لتقصي حقائق فضيحة ووترجيت. كانت أعمال تلك اللجنة تذاع علي الهواء مباشرة, وقدم فيها مستشار الرئيس نيكسون المقال جون دين, أدلة دامغة عقب منحه الأمان مقابل ذكر حقيقة ما حدث, بالضبط مثلما يطلب الجنرال فلن الآن. استطاعت هذه اللجنة أيضا أن تكشف الستار عن وجود تسجيلات سرية كان يقوم بها البيت الأبيض. بدأت بعدها معركة قانونية حامية الوطيس بين الكونجرس وبين الرئيس نيكسون. مع حلول1974, منح مجلس النواب الأمريكي اللجنة التشريعية به السلطة بأن تبدأ عملية خطوات عزل الرئيس نيكسون وعليه أصدرت تلك اللجنة توصيات بعزل نيكسون. غير أن الضربة القاصمة حدثت عندما حكمت المحكمة العليا بضرورة أن يقوم الرئيس نيكسون بتسليم المزيد من التسجيلات السرية التي كان يقوم بها البيت الأبيض. أظهرت هذه التسجيلات تورط الرئيس نيكسون شخصيا في الفضيحة ومشاركته في محاولة إخفاء ما حدث في تفاصيلها ومحاولته التغطية علي أحداثها منذ23 يونيو.1972 عقبها بدأت الأصوات تعلو في كل أنحاء الولاياتالمتحدة بضرورة رحيله. لم يستطع الرئيس نيكسون الصمود أمام تلك العواصف فقدم استقالته في خطاب مسجل الي الأمة بتاريخ8 أغسطس.1974 في التاسع من أغسطس1974 أصبح نائبه جيرالد فورد رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية طبقا للدستور الأمريكي, ليكون أول نائب رئيس يتولي الرئاسة بدون انتخابات في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية. عقبها قام الرئيس فورد بإصدار عفو تاريخي لينكسون, سيتذكره التاريخ به. يبدو أن التاريخ يعيد نفسه, ولا أحد يتعلم الدرس.