أكدت هيئة كبار العلماء, في اجتماعها أمس برئاسة فضيلة الإمام الأكبر د أحمد الطيب, شيخ الأزهر الشريف, وبحضور د شوقي علام, مفتي الجمهورية, بعد أن وجهت له الهيئة دعوة للمشاركة في مناقشة وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه. وكشف مصدر بهيئة كبار العلماء أن الهيئة بكامل أعضائها وافقت بالإجماع علي قرارات اللجنة أمس بعد الاطلاع علي تقارير اللجان العلمية المختصة التي تم تشكيلها لبحث هذا الأمر. وقالت هيئة كبار العلماء إنه انطلاقا من المسئولية الشرعية للأزهر الشريف ومكانته في وجدان الأمة المصرية التي أكدها الدستور المصري, وأداء للأمانة التي يحملها علي عاتقه في الحفاظ علي الإسلام وشريعته السمحة علي مدي أكثر من ألف عام من الزمن وتقارير اللجان العلمية, فقد انتهي الرأي في هذا المجلس بإجماع العلماء علي اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم إلي وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه, والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة علي الطلاق, وهو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي- صلي الله عليه وسلم- وحتي يوم الناس هذا, دون اشتراط إشهاد أو توثيق. وأكدت الهيئة بأنه يجب علي المطلق أن يبادر في توثيق هذا الطلاق فور وقوعه; حفاظا علي حقوق المطلقة وأبنائها, ومن حق ولي الأمر شرعا أن يتخذ ما يلزم من إجراءات لسن تشريع يكفل توقيع عقوبة تعزيرية رادعة علي من امتنع عن التوثيق أو ماطل فيه; لأن في ذلك إضرار بالمرأة وبحقوقها الشرعية. وأضافت هيئة كبار العلماء أن ظاهرة شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق, لأن الزوج المستخف بأمر الطلاق لا يعييه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه, وأن جميع إحصاءات الطلاق المعلن عنها هي حالات مثبتة وموثقة سلفا إما لدي المأذون أو أمام القاضي, وأن العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكل أنواعها, وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة, والفن الهادف, والثقافة الرشيدة, والتعليم الجاد, والدعوة الدينية الجادة المبنية علي تدريب الدعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة وعظم شأنها في الإسلام; وذلك لتوجيه الناس نحو احترام ميثاق الزوجية الغليظ ورعاية الأبناء, وتثقيف المقبلين علي الزواج. كما ناشدت الهيئة جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الحذر من الفتاوي الشاذة التي ينادي بها البعض, حتي لو كان بعضهم من المنتسبين للأزهر; لأن الأخذ بهذه الفتاوي الشاذة يوقع المسلمين في الحرمة مطالبة كل مسلم ومسلمة بالتزام الفتاوي الصادرة عن هيئة كبار العلماء, والاستمساك بما استقرت عليه الأمة; صونا للأسرة من الانزلاق إلي العيش الحرام. وحذرت الهيئة المسلمين كافة من الاستهانة بأمر الطلاق, ومن التسرع في هدم الأسرة, وتشريد الأولاد, وتعريضهم للضياع وللأمراض الجسدية والنفسية والخلقية, وأن يتذكر الزوج توجيه النبي- صلي الله عليه وسلم- أن الطلاق أبغض الحلال عند الله, فإذا ما قرر الزوجان الطلاق, واستنفدت كل طرق الإصلاح, وتحتم الفراق, فعلي الزوج أن يلتزم بعد طلاقه بالتوثيق أمام المأذون دون تراخ; حفظا للحقوق, ومنعا للظلم الذي قد يقع علي المطلقة في مثل هذه الأحوال. كما اقترحت الهيئة أن يعاد النظر في تقدير النفقات التي تترتب علي الطلاق بما يعين المطلقة علي حسن تربية الأولاد, وبما يتناسب مع مقاصد الشريعة. وتمنت هيئة كبار العلماء علي من يتساهلون في فتاوي الطلاق, علي خلاف إجماع الفقهاء وما استقر عليه المسلمون, أن يؤدوا الأمانة في تبليغ أحكام الشريعة علي وجهها الصحيح, وأن يصرفوا جهودهم إلي ما ينفع الناس ويسهم في حل مشكلاتهم علي أرض الواقع; فليس الناس الآن في حاجة إلي تغيير أحكام الطلاق, بقدر ما هم في حاجة إلي البحث عن وسائل تيسر سبل العيش الكريم.