وسط حضور جماهيري كثيف, اختتمت أمس السبت فعاليات صالون الجزائر الدولي للكتاب, في طبعته الحادية والعشرين, وبخلاف الطبعات السابقة كان أهم ما ميز هذه الطبعة هو التنظيم الجيد الذي رافقها منذ بدايتها إلي نهايتها, والذي حولها إلي عرس حقيقي رغب الجزائريين في الدخول إلي أجنحة الصالون أفرادا وعائلات, فكان الحدث ثقافيا ناجحا بالتمام والكمال, شارك فيه أكثر من900 دار نشر من50 بلدا. وفي هذا السياق عبر الكثيرون عن ارتياحهم وفرحهم بهذه الطبعة, وإن وصفها كل من وجهة نظره الخاصة, حيث أكد وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي عندما سألته عن سر فرحه بانتهاء الدورة الحادية والعشرين لمعرض الجزائر: أنه لمن دواعي السرور أن نسجل بهذه المناسبة أن ما يقرب مواطنا من أصل سبعة وعشرين قد زار الصنوبر البحري( يقصد أرض المعرض) بمفرده أو في مجموعة. وفي هذا الزخم, لا يسعنا إلا أن نعبر عن سرورنا بالتنوع الكبير للجمهور المكون من جميع الفئات العمرية والمتميز بحضور قوي للعنصر النسائي, كما لاحظنا وسط هذه الجموع الهادئة والمبسوطة, اختلاط كل شرائح المجتمع الجزائري في انسجام تام, فيما تشير لوحات السيارات في مواقفها إلي أن زوار المعرض جاءوا من جميع أرجاء الوطن. وأضاف متسائلا: أليس هذا جميلا حقا, ينبغي الحفاظ عليه وتعزيزه, ذلك إذا أردنا أن نختار للثقافة صفة أو رسالة جوهرية تعرف بها, سوف تكون هي خلق روح التلاقي. وإذا أردت أن ألخص مهام ودور وزارة الثقافة في مهمة ورسالة واحدة, أقول إنها تكمن في جمع شمل الجزائريين حول تراثهم الأصلي, وإبداعهم الفني والأدبي, وحاجتهم إلي الانفتاح علي العالم. ومن جهته قال السيد حميدو مسعودي محافظ صالون الجزائر الدولي للكتاب إن نجاح هذه التظاهرة التي عبرت تاريخ الجزائر الحديث منذ فترتها المأساوية إلي غاية استعادة الاستقرار في إنجاز واحد وعشرين طبعة, وإحراز تقدم كبير في عدة نواح, علي مر السنين, أمر لا يستهان به, مشيرا إلي عدة أسباب منها: إقبال جماهيري كبير جعل منها أكثر التظاهرات الثقافية الدورية شعبية, وأيضا واحدة من أكبر التظاهرات في جميع القطاعات مع تمثيل واسع من كافة شرائح المجتمع, ومن جميع أنحاء الجزائر, ثم من خلال مشاركة وطنية ودولية واسعة ومتنوعة تشهد علي مدي جاذبية المعرض للكتاب والمثقفين الجزائرين والأجانب. كل ذلك بفضل برامج ثقافية متنوعة وجادة تتميز بإثراء مستمر للقضايا واللقاءات. وأوضح أنه بفضل مشاركة دولية كبيرة تتوسطها مصر الشقيقة, موطن نجيب محفوظ الحائز علي جائزة نوبل للآداب, كضيف شرف, جسد الصالون أكثر من أي وقت مضي الانفتاح الثقافي الجذاب علي عالم الكتابة والقراءة من خلال أعماله الكلاسيكية التي لا غني عنها ولا عن الأعمال الجديدة. واقع الحال أن الطبعة ال21 من معرض الجزائر للكتاب تميزت باحتفائها بمصر ضيفا للشرف, إلا أن غياب وزير الثقافة حلمي النمنم عن حفل الافتتاح آثار الحيرة والظنون المربكة, فقد كرم معرض الجزائر مصر الخمسينيات والستينيات, مصر طه حسين ونجيب محفوظ ويوسف شاهين, لا هذه التي شاركت في فعاليات معرض الجزائر, فمصر التي تعد بلا منازع أحد أهم مركز الأدب في العالم العربي, كان تمثيلها, للأسف الشديد ضعيفا وفقيرا, يعكس سوء إدارة يستحق المساءلة واللوم والعقاب, لأنه بوضوح أكثر يخصم من رصيدها الضخم والفريد الذي يميزها في وجدان الشعوب العربية عموما, والشعب الجزائري علي وجه الخصوص, والذي كان ينتظر أن يري ويستمع إلي أصوات وأسماء أدبية وفنية عديدة لامعة ومهمة, وهي بالمناسبة معروفة للجميع, وبالمئات في مختلف المجالات.