في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن أن تتحسن ظروفه الاقتصادية في ظل غلاء الأسعار,وبينما يعمل الجميع علي استقرار الأوضاع يخرج علينا بعض المسئولين الكبار في الدولة من فترة إلي أخري بتصريحات أقل ما يقال عنها أنها تهويمات ليس لها علاقة بالواقع وربما تخص مجتمعات أخري أو أنهم كانوا نائمين وهم يقولونها لأنها أبعد ما تكون عن الصحة وتعود إلي عصر أهل الكهف. منذ أيام قال أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن مبلغ322 جنيها شهريا كاف لإنفاق الفرد علي الأكل بدون لحوم ومبلغ482 جنيها شهريا تكفي حاجة المواطن من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ومواصلات وتعليم وغيرها من متطلبات الانفاق. لا أعلم كيف يصرح مسئول كبير بهذا الكلام الذي ليس له أساس من الصحة وينفيه الواقع الذي نعيشه جميعا ويذكرني هذا الكلام بتصريح عثمان محمد عثمان وزير التخطيط في عصر مبارك الذي ادعي فيه أن خمسة جنيهات تكفي المواطن المصري في يومه وعاد هذا الوزير مرة أخري ليؤكد نفس الكلام, ويقول في أحد حواراته التليفزيونية إن المواطن الذي ينفق10 جنيهات في اليوم الواحد يستطيع أن يعيش في الدولة المصرية, تخيلوا واحدا ينفق عشرة جنيهات في اليوم هل يمكنه العيش بأمان؟ وواحدا يمكن أن يأكل في الشهر ب322 جنيها هل يمكن أن يحس بالانتماء والولاء؟ مشكلة هذه النوعية من التصريحات أن أصحابها يتحدثون وكأنهم يعيشون في كوكب آخر وتبريراتهم جاهزة, ويا ليتهم يصمتون ولا يحركون مواجع الناس,بمثل هذه التصريحات الاستفزازية,حقا إنهم يعيشون في بلاد أخري ليس في مصر التي لا نعرفها نحن. وردا علي هذا المسئول الذي لا يدري شيئا عنا أقول له هذه هي مصاريف أسرة مصرية عادية تتكون من زوجين وطفلين فقط في الشهر موزعة بين كيلو لحم بلدي90 جنيها مرة واحدة في الشهر وكيلوفراخ35 جنيها مرة أيضا في الشهر وسمك2 كيلو بسعر30 جنيها والإفطار يوميا يكلف10 جنيهاتفول وطعمية وجبنوتكلفة مواصلات الزوج في رحلته للعمل تصل إلي10 جنيهات كل يوم, مما يعني متوسط الشهر300 جنيه بالإضافة إلي مصاريف الدروس الخصوصية التي وصلت إلي500 جنيه شهريا. وتسكن هذه الأسرة في شقة بالإيجار مقابل150 جنيها شهريا, يضاف عليها50 جنيها للكهرباء, ومياه20 جنيها وغاز15 جنيها أيضا وهكذا تكون تكاليف مصاريف الأسرة شهريا أكثر من2000 جنيها. ولم نذكر مصاريف المدارس الخاصة التي لم تعد نوعا من الترف في ظل مستوي التعليم العام المنخفض ولم نحسب أيضا مصاريف الرعاية الصحية ولا أي مصاريف طارئة. هذه التصريحات غير منطقية وخاصة في ظل ارتفاع الأسعار التي تشهدها الأسواق حاليا والظروف المعيشية الصعبة لغالبية المصريين في وقت وصل فيه سعر الدولار إلي18 جنيها ولا ندري متي ستتوقف هذه الزيادة,مما يعني أن الجنيه المصري لم تعد له قيمة. وخطورة هذه التصريحات أنها تصدر من مسئولين محسوبين علي الحكومة أي أن هذا الكلام يمثل فكر الحكومة,التي بدلا من أن تواجه فشلها وعجزها في حل مشاكلنا وبدلا من أن تبذل جهدها لزيادة دخل الفرد لكي يعيش عيشة كريمة وبدلا من أن تعمل علي ضرورة ترسيخ العدالة اجتماعية تعالج مشاكلها علي حساب المواطن الفقير ليس هذا فقط وإنما تثير غضبه وحنقه بمثل هذه التصريحات غير المسئولة.