تعيين أحمد شيرين قائماً بأعمال رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للسكر    محافظ أسيوط يؤكد استمرار عقد ندوات التوعية للحد من الزيادة السكانية    محافظ أسيوط يوجه بسرعة التعامل مع مشاكل المواطنين    جهاز تنمية المشروعات يوقع عقداً مع شركة كريديت بقيمة 50 مليون جنيه    المفتى العام للقدس يدين اقتحام المستوطنين للأقصى وإغلاق المسجد الإبراهيمي    بيتكوين ترتفع إلى أعلى مستوياتها في 3 أشهر    تفاصيل ما حدث.. سبب عقوبة الأهلي القاسية ضد كهربا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعرف عن التصوف (5) 00!!؟    غدا.. آخر موعد للتقديم في مسابقة الأزهر السنوية للقرآن الكريم    شقق ب 180 ألف جنيه.. أسعار وشروط حجز وحدات سكن لكل المصريين 5    زراعة المنوفية: توزيع 54 ألف طن أسمدة على المزارعين    «وزير التموين» يستعرض خطة تحقيق الأمن الغذائي طبقا لتوجيهات الرئيس    هيئة الاستثمار تبحث مع وفد اقتصادي من هونج كونج فرص الاستثمار بمصر    انطلاق مهرجان «أكتوبر العزة والكرامة» بجامعة القناة (صور)    20 صورة ترصد جولة رئيس الوزراء في عدد من مدارس كرداسة اليوم    إيران: سنواصل التنسيق لوقف التوتر المنطقة    وزير الخارجية يدين التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان    الخارجية اللبنانية تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مراكز اليونيفيل    وزير الدفاع الأمريكي يصل كييف لمناقشة طلب أوكرانيا الانضمام للناتو    جامعة سوهاج تكرم الناجحين في برنامج إعداد المدربين المعتمدين    كشف ملابسات تداول مقطع فيديو يتضمن تضرر فتاة من تعدى سائق عليها ورفقائها بالسب والشتم بكفر الشيخ    حملات أمنية مكثفة لمواجهة أشكال الخروج على القانون كافة    الحرارة 35 بهذه المناطق.. توقعات طقس الساعات القادمة    ضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة المصدر بحملة تموينية مكبرة بالقليوبية    إصابة مواطن خلال عبوره مزلقان سكة حديد في قنا    "ولع في التروسيكل".. عامل ينتقم من آخر بسبب خلافات بالمنوفية    مهرجان أسوان.. الثقافة تقيم حفلين في "أبو سمبل" ب ليلة تعامد الشمس    النواب يوافق على 9 اختصاصات للمجلس الوطني للتعليم    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    شاهد.. حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر (صور)    فيتامينات مهمة قدميها لطفلك كمكمل غذائي حفاظا على صحته    موعد مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري    ناقد رياضي: على «كهربا» البحث عن ناد آخر غير الأهلي    حدثوا التابلت ضروري.. تنبيه عاجل من المدارس لطلاب 2 ثانوي    وزير الشباب والرياضة يفتتح بطولة العالم للبادل بالمتحف المصري الكبير    ايرادات السينما أمس .. أكس مراتي وعاشق وبنسيون دلال يتصدرون    الأمريكي صاحب فيديو كلب الهرم: تجربة الطائرة الشراعية في مصر مبهرة    أبرز لقطات حفل عمر خيرت بمهرجان الموسيقي العربية.. تقديم الصوليست أميرة علي    متحف كفر الشيخ ينظم دورة تدريبية لتعليم اللغة المصرية القديمة    بالفيديو.. وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ "حديقة تلال الفسطاط" بقلب القاهرة التاريخية    في ذكرى ميلاد حسن الأسمر أيقونة الطرب الشعبي.. تعرف على أبرز المحطات في حياته    بدء الجلسة العامة لمجلس النواب للاستماع إلي بيان وزير التموين    ضربات روسية على خاركيف.. ووزير الدفاع الأمريكي في كييف للمرة الرابعة    محفوظ مرزوق: عيد القوات البحرية المصرية يوافق ذكرى إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات»    بينيا: قدمنا مباراة رائعة أمام إشبيلية.. وخبرة تشيزني كبيرة    أهداف المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية.. خبير يوضح    الرعاية الصحية: الوصول بالتغطية الصحية الشاملة ل20 مليون مواطن عام 2026    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    منها مواليد برج العقرب والقوس والجوزاء.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 على الصعيد المالي    وزير العمل: الحكومة حريصة على صدور قانون العمل في أسرع وقت ممكن    إطلاق رشقة صواريخ من لبنان    موعد مباراة نوتنجهام فورست ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    كولر: مواجهة الزمالك في نهائي السوبر المصري فرصة لرد الاعتبار    وزير الصحة اليوناني يشيد بجهود الدولة المصرية للنهوض بالمنظومة الطبية    علي جمعة يكشف حياة الرسول في البرزخ    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    حسام البدري: الزمالك عانى أمام بيراميدز.. ومصطفى شلبي لم يقدم أي إضافة للأبيض    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلام في التوريث

مضت مؤامرة التوريث إلي غير رجعة‏,‏ تلك المؤامرة التي كان شأنها تقزيم مصر وتقليص دورها في المنطقة والعالم والتقليل من شأنها وسط الدول‏.‏
كلما كانت المؤامرة تقترب من الاكتمال كانت تنتابني غصة في حلقي لم يعد من المعقول ان تكون مصر في القرن الحادي والعشرين لعبة في أيدي فئة من المتآمرين يرسمون مستقبلها كما شاءوا لتحقيق مصالح شخصية ضيقه جدا لا تتناسب مع حجم وثقل هذا البلد العريق؟‏!‏
لا يمكن أن نتخيل مصير مصر مرهونا بإرادة مجموعة محدودة من المماليك الذين اعتادوا التآمر علي بعضهم البعض وثابت من التاريخ أنهم جميعا خان قسمة سلطانه وقتله وركب مكانه‏!!‏
التوريث كان أمرا مرفوضا من الأغلبية الصامته‏,‏ بل كان كابوسيا يطارد المصريين في أحلامهم‏,‏ كان حملا ثقيلا أيضا في صحوتهم‏.‏
ولم يكن مقبولا أن تستبدل صورة الأب الذي حكم البلاد‏30‏ عاما بصورة الابن لعدد آخر من السنين وما كان يدفع إلي الخوف والقلق الشديد من مستقبل ما بعد الابن عدم وجود حفيد جاهز للتوريث بما يعني تصور مستقبل مظلم حافل بالصراعات بين المماليك الجدد يدخل بمصر في نفق طويل من الفوضي الشاملة التي كفانا الله إياها بفشل مخطط التوريث الجهنمي‏.‏
غير أن بعض التآمل في واقعنا الحالي يكشف أن فيروس التوريث يجري في دماء المصريين من القاعدة إلي القمة ولم يكن حكرا علي آل مبارك‏.‏
فكلنا يذكر جيدا النفوذ الذي كان يتمتع به ابن مدرسة الفصل بين اقرانه فهو الاول دائما في ترتيب الفصل مهما تواضع مستواه الدراسي‏,‏ وهو الوحيد المفوض بحكم الفصل في غياب والدته‏.‏
كان هذا ولا يزال شكلا من اشكال التوريث الذي يكتسب شرعية تطبيقية لا يعترض عليها أحد رغم خطورة دلالتها‏.‏
فالطفل الذي يجد نفسه مفضلا ومتفوقا ومتصدرا الصورة في المسابقات المدرسية الرياضية‏,‏ والدراسية لا لشيء إلا لكونه ابن‏(‏ المدرسة‏),‏ يعطي لنفسه بعد ذلك الحق في أشياء كثيرة لا تحق له بالفعل لأسباب مشابهة‏,‏ والسكوت من جانب المجتمع علي ذلك هو الذي يغري آخرين بالاستحواذ علي ما ليس هم لنفس الأسباب‏.‏
التوريث في مصر سلوك آلي‏,‏ ضابط الشرطة والفنان والصحفي ورجل الأعمال والميكانيكي والسمكري والتاجر لا يرون أولادهم إلا ضباطا أو فنانين أوصحفيين أو رجال أعمال أو سمكرية وميكانيكية وتجارا‏.‏
إن يوم القيامة الذي حدث في ميدان التحرير يوم‏25‏ يناير هو مجرد بروفة مصغرة لما وصلت اليه أحوالنا من تطبيق التوريث بهذه الصورة المذهلة في كل المجالات حيث تفاقمت ظاهرة التوريث ووسد الأمر لغير أهله‏,‏ والرسول الكريم حذرنا من ذلك في حديثه الشريف بقوله صلي الله عليه وسلم إذا وسد الأمر لغير أهله‏..‏ فانتظروا الساعة صدق رسول الله‏.‏
ليس هناك قانون يمنع ابن الطبيب من ان يكون طبيبا إذا كان كفؤا لهذه المهنة‏,‏ ولا يمنع المذيع من ان يكون مذيعا إذا توافر له الحضور علي الشاشة والقبول من المشاهدين والثقافة التي تؤهلة للظهور علي شاشات الفضائيات‏,‏ ولا ابن الفنان من ان يكون ممثلا قديرا إذا ملك موهبة التمثيل‏,‏ اما أن تكون كل مؤهلاته انه ابن طبيب او ضابط او مذيع او فنان فهذا هو المرفوض‏.‏
والتوريث يخلق حالة خطيرة من الإحباط للجميع تؤدي إلي عدم الانتماء للمجتمع والسعي للبحث عن فرص أخري خارجه‏,‏ وقد تدفع في أحوال أخري للعمالة والخيانة والعمل لحساب الغير ضد مصلحة الوطن الذي ضاعت فيه الحقوق وغاب فيه مبدأ تكافؤ الفرص لحساب ورثة آبائهم في كل المجالات العلمية والثقافية والفنية والسياسية والإدارية دون حساب للصالح العام‏.‏
أما التوريث علي مستوي الحكم فلا ينتج عنه هزات صغيرة وانما زلزال عنيف يحدث شرخا هائلا في المجتمع مثل ذلك الزلزال الذي حدث في‏25‏ يناير‏,‏ وصدع كبير يقسم البلاد إلي عدد غير محدود من الكيانات المتفرقة‏.‏
نحن في امس الحاجة إلي إعلاء مبدأ تكافؤ الفرص وتقديم الاكفأ والأحق والأجدر لتقلد المناصب الإدارية العليا والوظائف الصغري علي حد سواء‏.‏
نحتاج إلي وضع المعايير الصحيحة للحراك الاجتماعي والتوظيف حتي لا نفقد المزيد من الموهوبين والمثقفين والمتعلمين والوطنيين لصالح المجتمعات المنافسة‏,‏ حتي يتوقف نزيف العقول والكفاءات والمخلصين الذين يؤثرون البحث عن فرص حقيقية محترمة في مجتمعات تقدر العلم والموهبة والإخلاص‏.‏
وإذا كنا جميعا نرفض توريث الحكم لابن الرئيس مهما كانت موهبته وامكاناته‏,‏ ومهما تدرب علي الإدارة والرئاسة لمجرد انه ابن الرئيس حتي لا تتحول الجمهورية إلي ملكية وراثية فاسدة‏,‏ فعلينا ايضا ان نرفض توريث المهن للابناء إلا إذا كانوا جديرين بوراثتها‏.‏
هل يجرؤ احد أيا كان علي إلغاء قانون‏(‏ تعيين أبناء العاملين‏)‏ المعمول به في كل الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة؟
الفرصة أصبحت مواتية تماما لإلغاء هذا المبدأ‏,‏ وفتح جميع المجالات للمستحقين فقط دون وضع اولوية‏(‏ غير دستورية‏)‏ لأبناء العاملين خاصة إذا كان هؤلاء الأبناء غير مستحقين ولا مؤهلين لهذه الفرص مهما تضاءلت الوظائف‏,‏ لأن المبدأ لا يتغير بتغير الوظيفة‏..‏ هذا إذا اردنا لبلدنا ان يتقدم ولمجتمعنا ان يتطهر ولصورتنا ان تكون شفافة نظيفة ومحترمة‏.‏
التوريث مرفوض بكل اشكاله ومستوياته ولا استثناء لا أحد صغيرا ام كبيرا‏,‏ وحتي لا نعود للمربع رقم واحد في السنوات المقبلة‏,‏ يجب مراجعة انفسنا والبدء بإلغاء مبدأ الأولوية لأبناء العاملين حتي لا نحتاج إلي ثورة أخري ضد وريث جديد‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.