غدًا.. انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس| حضور الطلاب تباعا لعدم التكدس.. و25 مليون طالب ينتظمون الأسبوعين المقبلين.. وزير التعليم يستعد لجولات ميدانية تبدأ من سوهاج وقنا    الذهب عند أعلى مستوياته بفعل تزايد الرهانات على مزيد من خفض أسعار الفائدة في 2024    يستهدف إبراهيم عقيل.. تفاصيل الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية ل بيروت    تشييع جثامين ثلاثة شهداء فلسطينيين ارتقوا خلال عدوان الاحتلال على قباطية بالضفة الغربية    إصابة شخصين في حادث تصادم بالفيوم    واقف قلقان.. نجل الشيخ التيجاني يساند والده أمام النيابة خلال التحقيق معه (صور)    صدور العدد الجديد من جريدة مسرحنا الإلكترونية وملف خاص عن الفنانة عايدة علام    عمرو الفقي ل«أحمد عزمي» بعد تعاقده على عمل درامي بموسم رمضان: نورت المتحدة وربنا يوفقك    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة وسكرتير عام محافظة البحيرة يشهدان احتفال المحافظة بالعيد القومي    مصدر لبناني: البطاريات التي يستخدمها حزب الله مزجت بمادة شديدة الانفجار    أجندة ساخنة ل«بلينكن» في الأمم المتحدة.. حرب غزة ليست على جدول أعماله    أنشيلوتي: التمريرات الطويلة حل مشكلة برشلونة.. وموعد عودة كامافينجا    خبر في الجول - الإسماعيلي يفاضل بين تامر مصطفى ومؤمن سليمان لتولي تدريبه    نجم ليفربول يرغب في شراء نادي نانت الفرنسي    أرني سلوت يصدم نجم ليفربول    القومي للمرأة بدمياط ينفذ دورات تدريبية للسيدات بمجالات ريادة الأعمال    كوجك: حققنا 6.1% فائضا أوليا متضمنًا عوائد "رأس الحكمة"    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة غدا السبت 21 - 9 - 2024    ضوابط شطب المقاول ومهندس التصميم بسبب البناء المخالف    جمعية الخبراء: نؤيد وزير الاستثمار في إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة    خلال ساعات.. قطع المياه عن مناطق بالجيزة    «المتحدة» تستجيب للفنان أحمد عزمي وتتعاقد معه على مسلسل في رمضان 2025    وزير العمل: حريصون على سرعة إصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    وزير الأوقاف يشهد احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي.. والشريف يهديه درع النقابة    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    جامعة عين شمس تعلن إنشاء وحدة لحقوق الإنسان لتحقيق التنمية المستدامة    طريقة عمل بيتزا صحية بمكونات بسيطة واقتصادية    هذا ما يحدث للسكري والقلب والدماغ عند تناول القهوة    الصحة تطلق النسخة الأولى من التطبيق الإلكتروني لمبادرات "100 مليون صحة"    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    إعلام إسرائيلي: تضرر 50 منزلا فى مستوطنة المطلة إثر قصف صاروخي من لبنان    الأزهر للفتوى الإلكترونية: القدوة أهم شيء لغرس الأخلاق والتربية الصالحة بالأولاد    معرض «الناس ومكتبة الإسكندرية».. احتفاء بالتأثير الثقافي والاجتماعي لمكتبة الإسكندرية في أوسلو عاصمة النرويج    مفتي الجمهورية يشارك في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي بموسكو    سهر الصايغ تشارك في مهرجان الإسكندرية بدورته ال 40 بفيلم "لعل الله يراني"    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد سير أعمال تعديل الحركة المرورية بميدان الزراعيين    الزراعة: جمع وتدوير مليون طن قش أرز بالدقهلية    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    رئيس جهاز العبور الجديدة يتفقد مشروعات المرافق والطرق والكهرباء بمنطقة ال2600 فدان بالمدينة    غرق موظف بترعة الإبراهيمية بالمنيا في ظروف غامضة    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    سوء معاملة والدته السبب.. طالب ينهي حياته شنقًا في بولاق الدكرور    وزير الإسكان يتابع استعدادات أجهزة مدن السويس وأسيوط وبني سويف الجديدة والشيخ زايد لاستقبال الشتاء    وثائق: روسيا توقعت هجوم كورسك وتعاني انهيار معنويات قواتها    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    القوات المسلحة تُنظم جنازة عسكرية لأحد شهداء 1967 بعد العثور على رفاته (صور)    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    نجم الزمالك السابق يتعجب من عدم وجود بديل ل أحمد فتوح في المنتخب    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    لبنان: وصول رسائل مشبوهة مجهولة المصدر إلى عدد كبير من المواطنين    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلي د‏.‏ عماد أبو غازي‏:‏
الطريق لم تعد مبهمة سنعيد ترتيب وزارة الثقافة بأيدينا
نشر في الأهرام المسائي يوم 30 - 11 - 2011

تابعت بعض التصريحات التي أدلي بها وزير الثقافة الجديد الدكتور عماد أبو غازي ولفتني فيها‏,‏ كما لفت غيري‏,‏ دعوته الدءوبة إلي ضرورة تسليم شئون الحكم لجيل جديد من الشباب عقب انتهاء الفترة الانتقالية‏.‏
لم تكن هذه التصريحات غريبة بالنسبة لي علي الأقل‏.‏ فقد كنت أتحدث إلي الرجل قبل توزيره بأسبوع تقريبا‏,‏ عقب مقال كتبته في نفس المكان أتمني فيه أن يحل أبو غازي محل‏'‏ رجل الدعاية‏'‏ محمد الصاوي‏,‏ الذي تولي الوزارة في غفلة من الزمن‏,‏ بدعم من نائب رئيس الوزراء الجديد يحيي الجمل‏.‏ كان رأي أبو غازي أنه وجيله يجب أن ينتحيا جانبا تاركين الفرصة للجيل الجديد‏.‏ وقد كان لومه قاسيا للأجيال الأسبق باعتبارها قضت علي كل فرص جيل الوسط‏,‏ الذي ينتمي إليه‏,‏ في الوجود‏.‏
من جانبي كنت ومازلت أري حديث أبي غازي يحمل الكثير من التطهر‏,‏ في وقت كنت ألمح فيه تخوفه من تعاظم حجم المسئولية في لحظة دقيقة من التاريخ المصري‏,‏ وكنت أتمني أن يكون حديثه ذاك رجع للصوت الجديد الضاغط وصاحب الحق في الوجود بعد سنوات من الإزاحة لحساب أهل الثقة من أنصاف وأرباع المثقفين‏,‏ فضلا عن جيوش الانتهازيين‏,‏ لكن ذلك يبدو أنه كان ضربا من الخيال‏.‏
ورغم ذلك فإن حملات التأييد لأبي غازي لم تفتر بعد‏.‏ فقد بدا اختياره‏,‏ أو هكذا بدا الأمر‏,‏ استجابة لحاجة الرأي العام داخل الفضاء الثقافي في مصر علي الأقل‏.‏ ومن ثم فهو لا يمثل سلطة رسمية قدر تمثيله لفضاء عام يتشكل من نخبة لا يمكن التهوين من حجمها أو قدرها‏,‏ وبالتالي فإن موقف هذه النخبة‏,‏ في خطوطه العامة‏,‏ يعد مرجعية إلزامية علي وزير الثقافة الجديد باعتبار أن القبول به من جموع المحتجين علي الصاوي يعني توافر قدر من الشرعية في توزيره‏.‏ وأظن أنه من دون هذه الشرعية لم ولن يمكنه أن يحافظ علي هذا الإجماع‏,‏ فقد انتهي الزمن الذي كانت تتحدث فيه السلطة باعتبارها قوة تفويض كهنوتية‏,‏ باعتقاد أنها تعبر عن أغلبية صامتة وجاهلة لابد أن تتلقي هبة حكامها بالمزيد من الامتثال و التقديس‏.‏
غير أن واقع الحال يدفعني‏,‏ كما يدفع غيري‏,‏ للتساؤل عن مغزي الزيارة الأولي لأبي غازي بعد أدائه لليمين الدستورية‏,‏ حيث توجه من فوره‏,‏ حسبما نشرت بعض الصحف‏,‏ إلي الهيئة العامة لقصور الثقافة‏,‏ فيما بدا الأمر كنوع من الدعم لرئيسها السابق أحمد مجاهد‏,‏ وهو الأمر الذي تم تتويجه بعد ذلك بعدة أيام‏,‏ حيث عينه الوزير رئيسا للهيئة المصرية العامة للكتاب‏,‏ كما عين السيد سعد عبد الرحمن خلفا له في هيئة قصور الثقافة‏.‏
ومن حيث أن الواقع الثقافي لا يعرف عن عبد الرحمن سوي كونه شاعرا لا ينشغل كثيرا بأمر الشعر وموظفا كبيرا في الهيئة التي تسلم رئاستها‏,‏ فلا مكان إذن لتقييمه لاسيما وأنه لم يقدم شيئا يمكن مراجعته وإن ظل قرار تعيينه مدهشا وغريبا‏.‏ فمن ناحية نعتقد أن الهيئة تحتاج إلي مثقف ذي وزن يمثل أملا وخيالا جديدين تلبية للزخم الثوري واستجابة لحاجة الواقع الثقافي للتغيير العميق‏,‏ ومن ناحية أخري فإن الأمر كله يناقض تصريحات الوزير عن ضرورة الاستعانة بالشباب بينما الرجل يبدو علي مشارف الستين من عمره أو ربما بلغها بالفعل‏.‏
ومع ذلك فإن الملاحظات الأولي لا تتعلق باعتراض يخص عبد الرحمن أو مجاهد‏,‏ قدر تعلقها بفهم أبي غازي لدوره‏.‏ فإذا كان الرجل يتعامل مع قيادات الوزارة الراهنة باعتبارها قدرا مقدورا‏,‏ فقد أخطأ خطأ جسيما يعني أن وجوده طيلة الفترة الانتقالية سيمثل نوعا من التكريس للأوضاع القائمة وهو أمر‏,‏ فضلا عن عدم قبوله‏,‏ لن يؤدي إلا لمزيد من تعظيم أخطاء الماضي عبر الاعتماد علي عناصر يرجح الواقع أنها تمثل زمن أهل الثقة وليس أهل الكفاءة‏.‏
وليس خافيا تورط عديد من القيادات في الوزارة تورطا سافرا في دعم لجنة السياسات ورموز الفساد وعلي رأسهم أحمد مجاهد‏,‏ الذي أدهشني‏,‏ بتحوله الكامل لتأييد الثورة بعد أن كان أحد أدوات الترويج لجمال مبارك ولجنته البائدة‏,‏ بنفس القدر الذي أدهشني به أن تكون أولي زيارات الوزير الجديد إلي مكتبه‏,‏ أقصد مجاهد‏.‏ فلا يمكن للمرء أن يفهم مغزي زيارة ذات طابع سياسي بأبعد أو أدني من هذا‏;‏ كونها تعضيدا في غير محله‏,‏ يعكس دعما كاملا لسياسات هيئة قصور الثقافة تحت رئاسة مجاهد الذي مافتئ أن تم نقله رئيسا لهيئة الكتاب‏,‏ وربما يعكس رد الفعل الأولي للعاملين بالهيئة التفسير الأدق لسيرة مجاهد‏.‏
وإذا كانت هذه القراءة تقع موقع الصواب فإن ثمة مشكلة لن تعني أكثر من بقاء فساد وزارة الثقافة في أضابير مسئوليها انتظارا لفارس يأتي من المستقبل‏,‏ لكنه علي الأرجح لن يكون أبو غازي‏,‏ في حال مواصلته موقفه السلبي تجاه قيادات الوزارة‏.‏ وسوف أحاول هنا إيجاز بعض الملاحظات علي وضع بعض هذه الهيئات التي يجب أن تطالها‏,‏ فورا‏,‏ يد التغيير‏.‏
في البداية أود أن ألفت النظر إلي البركان الذي تتربع علي فوهته هيئة قصور الثقافة‏,‏ والمتابع لأداء الهيئة سيتأكد أن الفساد وحده هو من يديرها‏,‏ وإلا كيف يمكننا أن نفسر الآتي‏:‏
أولا‏:‏ فتح بيوت وقصور الثقافة في كافة أنحاء الجمهورية لجمعية جيل المستقبل ولجنة السياسات طيلة السنوات الماضية للترويج لمشروع التوريث‏,‏ وهو مشروع كان يحظي بدعم وزير الإعلام آنذاك أنس الفقي وكذلك كان يحظي بالدعم الكامل للجنة السياسات‏.‏
ثانيا‏:‏ تسليم مجلة الثقافة الجديدة‏,‏ بعد رحيل المثقف الكبير سامي خشبة‏,‏ إلي الصحفي طارق الطاهر‏.‏ ومع تقديري الشديد للطاهر علي الصعيد الشخصي‏,‏ إلا أن التساؤل هنا يتعلق بمدي جدارته بمثل هذا الموقع في ظل وجود عشرات بل مئات من المثقفين المختصين‏.‏ فهل كان ذلك يعني أن مجاهد كان ينظر للطاهر علي أنه كفاءة نادرة‏,‏ أم كان ذلك ثمنا لتأمين نافذة مؤثرة ومخيفة هي جريدة أخبار الأدب التي كان ومازال طارق الطاهر أحد أعمدتها؟
الأكثر إدهاشا أن يسلم مجاهد المجلة نفسها للصحفي عمرو رضا بعد استقالة الطاهر اعتراضا علي طريقة مجاهد في التعامل معه‏,‏ فهل خلت مصر من الكفاءات المثقفة والمفكرة‏,‏ حتي تستمر هذه المهزلة؟‏!‏
ثالثا‏:‏ ما معني إسناد مسؤولية الموقع الإلكتروني للهيئة لصحفي من جريدة الجمهورية هو يسري السيد براتب يثير حفيظة العاملين بالهيئة‏,‏ وهو أمر لا بد أن يكون موضع مراجعة‏.‏ فهل خلت الهيئة من الكوادر القادرة علي تولي هذا الأمر‏.‏ وإذا لم يكن يوجد مثل هذا الكادر فما الذي كان يفعله أحمد مجاهد طيلة السنوات الماضية‏,‏ و ما هو إذن مردود الدورات التدريبية التي صدعت رؤوس العاملين‏,‏ والتي أنفقت عليها الهيئة عشرات الآلاف‏,‏ ألم تنجح كل هذه الدورات التدريبية في خلق عدد من الكوادر الصالحة لإدارة الموقع الإليكتروني للهيئة‏,‏ أم أن استجلاب الصحفيين تقبع خلفه أهداف أخري؟‏!‏ ولماذا الصحفيون بالذات؟
رابعا‏:‏ علي الدكتور عماد أبو غازي أن يطلب تقريرا من لجنة محايدة من خارج الوزارة عن مشروع النشر الإقليمي فمعلوماتي أن المئات من أدباء مصر في الأقاليم يرون أن المشروع بشكله الحالي يتعامل معهم ككتلة سياسة يجب احتواؤها بمزيد من الرشاوي المادية والمعنوية‏.‏ من هنا فإن مشروع النشر لا يقيم أدني اعتبار لمعيار القيمة ومن ثم اختلط حابل الفن بنابله‏,‏ وضاعت الأعمال الرفيعة والموهوبة لهؤلاء الأدباء وسط ركام من الأعمال الضعيفة والمتهافتة‏,‏ لأن الهدف الأساسي لم يكن الكشف عن المواهب العميقة والمتجذرة بقدر ما كان بحثا عن طريقة مثلي لإسكات الجماعة الثقافية في كافة أقاليم مصر‏.‏
أيضا علي الدكتور أبي غازي أن يطلب قوائم بأسماء لجان القراءة التي ترشح هذه الأعمال للنشر‏,‏ ولماذا هي ثابتة لا تتغير‏,‏ هل لأنها تنفذ التعليمات الرقابية بصرامة‏,‏ أم لأنها تشجع علي تعظيم سياسة ضرب جيد الفن برديئه‏,‏ أم أن هناك أسبابا أخري؟
خامسا‏:‏ الأمر نفسه ينطبق علي مؤتمرات الهيئة بما فيها مؤتمر أدباء مصر‏.‏ وقد ساء حظي وحضرت الدورة قبل الماضية في محافظة الإسكندرية‏.‏ كان المؤتمر يمثل فضيحة ثقافية بكل المعاني‏,‏ و كان الشغل الشاغل لرئيس الهيئة هو كيفية إرضاء الصحفيين بتمييزهم علي بقية الضيوف بطرق شديدة الفجاجة أساءت لكل الحضور وكان بينهم رموز مؤثرة آلمتها كثيرا تلك الإهانات‏.‏ ويبدو أن مجاهد كغيره من مسئولين كثر مروا علي وزارة الثقافة‏,‏ يرون نجاح أي مؤتمر عندما يقول الإعلام أنه نجح بغض النظر عن مدي مطابقة ذلك للحقيقة‏.‏
من هنا فإن مجاهد‏,‏ في رأيي‏,‏ لم يكن ليستحق زيارة تعضيد من وزير الثقافة الجديد‏,‏ بل إن ما يستحقه فعلا هو قرار إقالة‏.‏
وأعتقد أن أبا غازي يعلم أن مجاهد أتي إلي الهيئة باعتباره واحدا من أهل الثقة وليس كواحد من أهل الكفاءة‏,‏ وليس عندي أبلغ من رأي الدكتور محمود إسماعيل الذي كان أستاذا لمجاهد في جامعة عين شمس في مجاهد‏.‏
سادسا‏:‏ الأمر نفسه ينطبق علي الهيئة المصرية العامة للكتاب التي كان يتولي أمرها الدكتور صابر عرب ونائبه حلمي النمنم رغم أن الأول لازال رئيسا للهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية‏.‏ والدكتور أبو غازي يعلم حجم التردي الذي وصلت إليه الهيئة بعد اختصارها في مشروع مكتبة الأسرة‏,‏ وبعد التردي الذي وصلت إليه تقنية صناعة الكتاب في مصر بفضل الفساد الذي عشش في أضابير الهيئة منذ عهد سمير سرحان‏.‏ فظني أن دور الهيئة أكبر وأعمق من مشروع مكتبة الأسرة الذي قضي علي فرص تقديم الأجيال الجديدة لحساب إعادة إنتاج الماضي‏,‏ رغم أهمية العديد من الإصدارات التي أعاد المشروع طرحها للقراء‏,‏ لكن مصر ليست الماضي وحده‏.‏ لذلك أقترح عليه أن تستقل إدارة مشروع مكتبة الأسرة عن هيئة الكتاب‏,‏ حتي تعود الهيئة لدورها‏,‏ ويجب أن يكون علي رأس أولويات أبي غازي تعيين رئيس جديد للهيئة‏,‏ وإعادة النظر كلية في إدارة النشر بها بعد أن تم تدميرها علي يد أهل الثقة الذين تولوا أمرها عبر السنوات العشر الماضية‏,‏ وبعد أن انتهي أمرها‏,‏ بكل أسف‏,‏ إلي أحمد مجاهد‏.‏
سابعا‏:‏ كذلك لا بد من إعادة النظر في كل المجلات التي تصدرها الهيئة وعلي رأسها مجلة إبداع التي يترأسها الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي‏,‏ وهي أولي المجلات التي تستحق قرارا فوريا بإيقافها عن الصدور‏.‏
فقد خاض حجازي معركة طويلة بمجلته امتدت ست عشرة سنة لصالح النظام البائد يحارب من أسماهم بالظلاميين‏.‏ وهي معركة يعلم القاصي والداني أنها كانت مدفوعة الأجر من أجهزة الدولة الرسمية وكان جهاز أمن الدولة علي رأس هذه الأجهزة‏.‏
ولست بطبيعة الحال أقف في طابور السلفيين‏,‏ لكن مثل هذه المعركة كان علي حجازي أن يخوضها لصالح حرية شعبه ولصالح التعدد والديمقراطية وليس بالتواطؤ لصالح تعميق ديكتاتورية النظام الفاشي الذي حكمنا ثلاثين سنة بدفع من وعاظ السلاطين وعلي رأسهم حجازي‏.‏
إن الثقافة المصرية تفتقر إلي مجلات ثقافية تعبر عن لحظتنا الراهنة التي سيعجز حجازي وأضرابه عن مطاولتها بكل تأكيد‏,‏ والأمر نفسه ينطبق علي الكثير من مجلات الهيئة‏.‏
ثامنا‏:‏ رغم أهمية مشروع مكتبة الأسرة فإنني أراه يمثل‏'‏ نقطة سوداء‏'‏ في تاريخ وزارة الثقافة‏.‏ فقد كان أداة أساسية من أدوات إفساد الوزارة والمثقفين في الوقت نفسه‏.‏ وكلنا يعلم كيف تم شراء ذمم العشرات من المثقفين عبر هذا المشروع‏,‏ ونعلم أيضا أن عشرات المقالات الرديئة طبعت في عشرات المجلدات لصحفيين لا يجيدون القراءة والكتابة‏,‏ ودفع المواطن المصري من لحمه الحي مئات الآلاف من الجنيهات لتمويل هذا الغثاء‏.‏
ولمن لا يعلم فإن هذا المشروع بالأساس استمر بدعم مادي ومعنوي من جهاز مباحث أمن الدولة الذي تبني حماية المثقفين الذين خاضوا المعركة لصالح الدولة ضد التيار الإسلامي وهو ما كشفته الوثائق التي تم تسريبها بعد انهيار الجهاز‏,‏ وإن كان جانبا منها كان معلوما لعامة المثقفين وخاصتهم قبل أكثر من عقدين من الزمان‏.‏
من هنا أري أنه يجب إلغاء المشروع كلية‏,‏ علي أن يقوم علي أنقاضه مشروع جديد يسمي‏'‏ ثقافة الثورة‏',‏ ينطلق من أسس جديدة تماما وبإدارة مستقلة عن هيئة الكتاب‏,‏ ويشكل لها مجلس أمناء علي أن يتبني هذا المشروع إعادة صياغة العقل القومي المصري مرة أخري‏,‏ ولا يقتصر علي المرجعيات القديمة بل يفسح المجال للتيارات الجديدة في الفكر والإبداع‏,‏ وهكذا يجب أن يكون لعشرات ومئات الأكاديميين والباحثين والموهوبين دور مؤثر فيه‏,‏ ساعتها فقط سيكون قادرا علي أن يقدم لنا زخما جديدا ظل مهشما طيلة السنوات الماضية‏.‏ ويجب الوضع في الاعتبار أن مشاركة أي عناصر متورطة في فساد النظام السابق سيحيل التصور الجديد أيضا إلي مساحات أكبر من الفساد‏.‏
ثامنا‏:‏ حل جميع لجان المجلس الأعلي للثقافة بما في ذلك لجنته العليا وإعادة تشكيل جميع هذه اللجان بما يتواءم مع المرحلة الجديدة‏,‏ بهدف الدفع بأكبر عدد ممكن من الأجيال الجديدة من الباحثين النابهين والمبدعين المجيدين والتخلص من الأصنام التي دفعت حياتنا إلي جحيم التكلس والموت السريري‏,‏ وأظن أن تشكيل لجنة الشعر خير دليل علي فساد تشكيل هذه اللجان‏,‏ وهي أولي اللجان التي يجب أن يصدر قرار بحلها‏,‏ ولا أظن بقية اللجان بأحسن حال‏.‏
تاسعا‏:‏ إعادة النظر في أنشطة مراكز الإبداع ومن يديرونها‏,‏ وعلي رأس هذه المراكز‏'‏ بيت الشعر‏'.‏ وقد كان الوزير الجديد عضوا بمجلس أمناء البيت وسبق له أن أقر بحجم العراقيل التي يضعها مجلس الأمناء برئاسة أحمد عبد المعطي حجازي في طريق الأجيال الجديدة‏.‏ ويعلم أن استقالتي من مجلس أمناء البيت كانت بسبب من هذه الممارسات الرديئة المتسمة بالكثير من التسلط والفساد‏.‏
أظن هذه الإصلاحات أكبر من كونها مجرد ملاحظات‏,‏ وأعتقد أن جدارة أبي غازي بموقعه لن تتأكد لدي العامة والخاصة إلا بوضع هذه الملاحظات موضع التنفيذ الفوري دون تردد أو إبطاء‏,‏ وإلا سيتحرك المثقفون المصريون لينجزوا هذه الإصلاحات الحتمية بأنفسهم‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.