تتداعي تباعا الثقة بين تركيا وسائر أعضاء حلف شمال الأطلسي, بعيد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا. ويشير النزاع بين أنقرة ومنظمة حلف شمال الأطلسي الناتو بشأن التدابير التي اتخذتها أنقرة وعدتها دول الحلف انحرافا عن قيم الناتو إلي احتمال طرد تركيا من الحلف وهذه الأزمة من أخطر الأزمات فقد سبقها الأزمة عام2003 عندما أساء حزب العدالة والتنمية حسابات تكتيكاته البرلمانية وخسر بصورة غير متوقعة وبهامش ضئيل من الأصوات التصويت البرلماني اللازم لنشر62 ألف جندي أمريكي في الأراضي التركية وبعد تردد المؤسسة العسكرية التركية القوية وتركها القرار النهائي للحكومة المدنية التي راوغت بتأخير اتخاذ قرار بشأن دعم الحملة الأمريكية بأمل الحصول علي وعد بتقديم الولاياتالمتحدة صفقة كبيرة لتركيا. مما أربك خطط العسكريين الأمريكيين وأثار قدرا كبيرا من الانتقاد من جانب كبير من دول حلف الناتو. ثم الأزمة الثانية عام2010 عبر التمنع التركي علي الموافقة علي استضافة الدرع الصاروخية وكانت هذه هي المرة الأولي التي تعارض فيها تركيا مبادرة لحلف الناتو منذ انضمامها إليه عام.1952 وكان الأمل ان تعود العلاقات بين تركيا والخلف لزخمها بعد قيام تركيا بعمل متهور في الرابع والعشرين من نوفمبر2015 عبر إسقاط قاذفة روسية مما أثار توترا شديدا في العلاقات بين البلدين. وكانت مناسبة للحلف لتذكير أنقرة بقيمة حلف شمال الأطلسي الذي انضمت تركيا إليه, أولا وقبل كل شئ كدرع ضد روسيا أثناء الحرب الباردة. لأنه بعد عملية إسقاط الطائرة, أدرك الرئيس بوتين جيدا أنه ليس بإمكانه معاملة تركيا علي غرار معاملته لأوكرانيا أو جورجيا- الدولتين المجاورتين اللتين غزتهما روسيا في السنوات الأخيرة- وذلك لأن تركيا عضو في الناتو. إلا ان الحلف فوجيء بالاستدارة التركية نحو روسيا بعد الهجوم علي مطار إسطنبول بتاريخ28 يونيو2016 مما أدي الي قناعة من الحلف بأن الرئيس التركي لا يمكن الوثوق به والاعتماد عليه. ثم جاءت الطامة بعد فشل الانقلاب والتلميحات الأردوغانية بتواطؤ أمريكي ثم حملة القمع التي لم تترك معارضا من أي نوع في أي جهة, والأهم هو قيام السلطات التركية بفرض طوق أمني علي قاعدة إنجرليك الجوية. كما علقت الضربات الجوية الأمريكية ضد تنظيم( داعش) الإرهابي. وقاعدة إنجرليك تمثل أبرز مظاهر عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي, والجبهة الغربية القريبة في الحرب علي تنظيم داعش. وسبق أن حذر وزير الخارجية الأمريكية جون كيري تركيا من مغبة استغلال حكومة أردوغان لأجواء الانقلاب والاحتقان الذي تلاه لقمع أعداء حزبه ووأد الديمقراطية, ملوحا أن ذلك قد يكلف تركيا عضويتها في حلف الناتو. فدول الحلف كل خشيتها من إجراءات تركيا التي يري أنها غير ديمقراطية وتهدد الاستقرار الداخلي في تركيا لأن استقرارها بقي لعدة قرون من العناصر الأساسية الضرورية للسياسات الدفاعية الأوروبية والأمريكية. إن طرد أو تجميد عضوية تركيا في حلف الناتو قد يؤدي إلي وقوع اضطرابات متبوعة بسلسلة من الموجات الصادمة التي ستضرب المنطقة وما جاورها. وتركيا بموقعها الجيواستراتيجي هامة للحلف. ومن ثم فالحلف لا يستطيع التضحية بموقع تركيا ودورها الوظيفي لكنها تستطيع التخلص من أردوغان المتخبط. ومن ثم فان سيناريو طرد تركيا من الحلف ممكن لكن السيناريو الأرجح هو استمرار الفتور والجمود في العلاقات بين تركيا وحلف الناتو دون طردها من حلف الناتو.