لطالما أشارت أصابع الاتهام, عند وقوع أي اعتداء في الغرب, إلي العرب والمسلمين, حتي قبل إجراء التحقيق أو معرفة التفاصيل, إلا أن الهجومين اللذين وقعا مؤخرا في ألمانيا واليابان, وأدين بعدهما متهمان ثبت أنهما يعانيان من خلل عقلي, يفترض أن يبدلا تلك الصورة الذهنية القاصرة والمتحيزة في آن. ولسنوات عدة اعتاد كثيرون إلصاق تهم تدبير وتنفيذ الهجمات الإرهابية بالعرب والمسلمين, خاصة بعد أحداث11 سبتمبر الدامية, التي نفذها عرب يدينون بالولاء لتنظيم القاعدة, ثم ما أعقبها من هجمات متتالية ردا علي حربي العراق وأفغانستان, وما تشهده المنطقة حاليا من أحداث عنف تتزامن مع معارك ببلدان عدة. إلا أن الهجوم الدامي الذي شهدته مدينة ميونيخ الألمانية, الجمعة الماضية, واتهم علي أثره ألماني مختل عقليا يعاني من الاكتئاب بارتكابه قبل أن يقدم علي الانتحار, يفترض أن يحول بعض مؤشرات الاتهام إلي مرضي يرتكبون عمليات قتل وإرهاب, بغير وعي ولا دراية منهم. فقد قال قائد شرطة ميونيخ, هوبرتوس أندري, في مؤتمر صحفي, السبت الماضي: وجدنا دلائل تشير إلي أنه( مطلق النار في ميونيخ) مهتم بقضايا مرتبطة بالمختلين عقليا الذين يرتكبون عمليات قتل. ونفي أندري وجود صلة بين منفذ الهجوم وبين تنظيم داعش, أو أي تنظيم متطرف آخر, بعدما فتشت السلطات منزله. مؤكدا كذلك أن الهجوم لا علاقة له باللاجئين. وعثر المحققون بالمنزل علي كتب عن القتل الجماعي, بما فيها كتاب بعنوان غضب في الرأس: لماذا يقتل الطلاب؟. وفسر قائد شرطة ميونيخ ذلك بأن المسلح كان مهووسا بالقتل الجماعي بحوادث إطلاق نار. وخلال أقل من أسبوعين ضرب داعش أربع مرات في أوروبا مستهدفا فرنسا باعتداءين وألمانيا باعتداءين آخرين واقتحم أمس شخصان كنيسة بلدة سانت اتيان دو روفري(29 ألف نسمة) في منطقة النورماندي الفرنسية في شمال غرب البلاد قرب مدينة روان, أثناء القداس الإلهي, فذبحا كاهنا وأصابا شخصا آخر بجروح بليغة قبل أن يقتلهما عناصر من الشرطة فور خروجهما من الكنيسة. وفي يوم24 يوليو قام سوري في السابعة والعشرين من العمر سبق ورفض طلبه للجوء في ألمانيا بتفجير نفسه وسط مدينة انسباخ(40 ألف نسمة) في مقاطعة بافاريا جنوب البلاد قرب مهرجان للموسيقي كان يقام في الهواء الطلق بحضور نحو2500 شخص. ولقي حتفه بالانفجار في حين أصيب15 شخصا بجروح بينهم أربعة بحالة خطرة.وتبين أن المنفذ سبق وأن بايع تنظيم داعش, الذي أعلن بدوره أن الجاني هو أحد جنوده. وكشفت التحقيقات أن طالب اللجوء السوري كان من المفترض أن طرد إلي بلغاريا, وسبق أن تلقي علاجا في مستشفي للأمراض العقلية; وحاول عبثا الدخول إلي مكان إقامة مهرجان الموسيقي ولما فشل فجر نفسه وفي18 يوليو قام طالب لجوء شاب في ال17 من العمر أعلن أنه أفغاني, بمهاجمة سياح من هونج كونج بفأس وسكين قرب فورتزبورج جنوبألمانيا قبل أن يهاجم امرأة كانت في الشارع ما أدي إلي إصابة خمسة أشخاص بجروح; وسرعان ما لاحقته الشرطة وقتلته. وعثرت الشرطة علي شريط فيديو صوره الجاني يعلن فيه تبني مسئولية الاعتداء باسم تنظيم داعش, كما تبني التنظيم أيضا مسئولية الاعتداء للمرة الأولي في المانيا, وقدم الجاني علي أنه أحد مقاتلي داعش. وفي14 يوليو قام تونسي في الحادية والثلاثين من العمر يدعي محمد لحواج بوهلال علي متن شاحنة ضخمة بدهس حشد كان متجمعا في كورنيش الإنكليز في نيس بمناسبة العيد الوطني الفرنسي ما أدي إلي مقتل84 شخصا بينهم العديد من الأطفال وإصابة أكثر من330 شخصا بجروح, وقتلت الشرطة الشاب التونسي في حين تبني تنظيم داعش مسئولية الاعتداء.