لم يكن الهجوم علي صحيح البخاري وليد الصدفة, أو أمرا يشغل بال الرأي العام الاسلامي من متسلق أو جاهل أو حاقد أو مأجور غرضه يعرفه عوام المسلمين قبل خاصتهم, القدح وإثارة الشبهات والشكوك حول اساس مهم من أهم أعمدة الاسلام والذي يتمثل في سنة الرسول صلي الله عليه وسلم, والذي يتضمن صحيح البخاري جلها واهمها فكما فليس ببعيد أن يخرج علينا مستسلمون جدد ينكرون سورا من القرآن الكريم في الإيام القادمة صحيح البخاري الذي قال عنه المستشرق توماس وليام صحيح البخاري يحترم أكثر من أي كتاب بعد القرآن ويعتمد عليه في الأمور الروحانية والدنيوية وقال أيضا عن القرآن الكريم: القرآن لم يقدر قط لإصلاح أخلاق عرب الجاهلية, انه علي العكس يحمل الشريعة الخالدة والكاملة والمطابقة للحقائق البشرية, والحاجات الاجتماعية في كل الازمنة يخلق الروح القرآني مناخ عيش ينتهي به الامر إلي مناغمة التعبيرات الذهنية والمساواة بين العقليات والنظم الاجتماعية بأكثر مما تفترض التصريفات السياسية والطوابع الايديولوجية التي تسند إلي الدول. ولا يكفي قط ما يتردد عن درجة تأثير القرآن الكبري في( الذهنية الاسلامية) المعاصرة, فهو ما يزال مصدر الالهام الفردي والجماعي الرئيسي, كما انه ملجأ المسلمين وملاذهم الاخير وقال أيضا:ان الادوات التي يوفرها التنزيل القرآني قادرة ولا ريب علي بناء مجتمع حديث.. وبناء عليه نسأل من ينتقد صحيح البخاري كيف يفسر القرآن الكريم؟ أليست السنة مفسرة ومبينة للقرآن الكريم. ولم يكن الهجوم علي صحيح البخاري وليد اللحظة, بل سبقها إلي ذلك بعض المتقولين علي صحيح البخاري من العلماء السابقين, من أمثال الدارقطني الذي كتب كتابه الموسوم ب( الاستدراكات والتتبع) تتبع أحاديث في صحيح البخاري وتكلم علي بعض رجاله, كما كتب غيره في مثل ذلك. كذلك أيضا بعض المتسلقين من المتأخرين, الذين عدوا أنفسهم محققين وهم واهمون, وركبوا مطايا الاستدراك زورا وهم أنضاء مهازيل, وبغاث مستنسرون كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد. فلقد كان لزاما علي من بسط القول في بيان مكانة الصحيح; وما كان هذا الرد علي هؤلاء وأولئك إلا لما في هذا السلوك من طعن في السنة المطهرة, وتشكيك في أصح كتاب بعد كتاب الله تعالي وهو الكتاب الجامع الصحيح من أقوال رسول الله... للإمام محمد بن إسماعيل البخاري البخاري ليس مسئولا عن الفهم السقيم لنصوص الأحاديث, أو الشرح الخاطئ للأحاديث, فقد جمع الحديث ورتبه بطريقة عجيبة, في أبواب معروفة, ولم يدخر البخاري قليلا ولا كثيرا من جهده وسعيه وتعبه وتضحياته وذاكرته الموهوبة إلا وقد بذلها في تأليف هذا الكتاب.. لقد التزم علماء المسلمين السنة بأسانيده وربطوا مؤلفاتهم بها مثل الإمام النسفي الحنفي ت537 ه صاحب النجاح في أخبار الصحاح وهو شرح لصحيح البخاري ذكر فيه أن سلسلة سنده تتصل بالإمام البخاري من خمسين طريقا.إن صحيح البخاري, له خصوصية تميزه عن باقي المصنفات في الحديث, فلا يوجد مكان علي وجه الأرض وصل إليه الإسلام إلا وتجد صحيح البخاري فيه, ولم يحصل قط علي امتداد التاريخ الإسلامي أن نال أي مصنف لأي محدث, أو أي مؤلف لأي إمام أو فقيه من المتقدمين أو المتأخرين, ما ناله هذا الكتاب من الفضل والشرف, والقبول لدي الأمة. فهو أصح الكتب بعد كتاب الله, وقد قال العلامة ابن خلدون وهو من مؤرخي القرن الثامن, وقد توفي في أوائل القرن التاسع وأكمل مقدمته في سنة779 ه: إن شرح البخاري إلي الآن دين علي الأمة. لذا لم يؤلف أحد من علماء المسلمين شرحا يفي بهذا الدين, ويبرئ الأمة الإسلامية من عهدته علي الرغم من أن شروحا عدة قد ألفت إلا أن أحدا منها لم يستوعب تلك النكات الفقهية التي أودعها البخاري في تراجم أبوابه, ولا تلك الجواهر العلمية والدقائق الحديثية والتاريخية التي أودعها في تكرار الأحاديث وتعليقها ووقفها ووصلها, ألم يعرف المتأسلم أن أوثق علم عرفه التاريخ في الحكم علي الرجال, علم الجرح والتعديل, والإسناد الذي اعتمد عليه البخاري هو من خصائص الأمة المحمدية.فمن أعطي لغير المتخصصين الرخصة لكي ينقوا تراث الامة, وما هي درجتهم العلمية, ومكانتهم الفقهية الي أين وهل هم من رجال الحديث؟ أم ألي أي مدرسة ينتمون؟ وما له ومال خصوصيات أم المؤمنين تزوجت في أي عمر ما الذي يضيرك في هذا الامر؟ هلا عينت أخصائي مواليد ووفيات بمكتب الصحة ما بكم أيها المتأسلمون؟ إن كنتم تريدون هدم هذا الدين فهذا لم يتحقق لكم لأنه لم يتحقق لغيركم لقوة هذا الدين وقوة من يقوم علي حراسته. وان كنتم تريدون التشكيك وإثارة البلبلة حوله فمهما ملكتم من منابر إعلامية مسموعة أو مقروءة فلن يتحقق لكم شيء لقوة مصادر هذا الدين وصلابته في قلوب معتنقيه, فليس أمامنا إلا ان نسأل الله لكم الهداية والرجوع إلي صوابكم وكفي المسلمين فرقة علي فرقتهم, وجمع الأمة افضل بكثير من هدمها وإظهار محاسن الدين والأخلاق والفضائل وحب الآخر والتعايش السلمي بين الناس وتقدير ولاة الأمر ومساندة حكام الأمة للنهوض بالمجتمع واستكمال خارطة الطريق أهم بكثير من ضياع الوقت في قضايا لا تعود علي المجتمع إلا بالسوء والكراهية وشق نسيج المجتمع وهذا ما تنكره وتحاربه كل الأديان.