تتميز الثورات الشعبية المصرية بقدرتها علي احداث التغيرات السياسية والاجتماعية في المجتمعات التي خرجت منها وتضع الدساتير والقوانين ونظم الحكم وكان ذلك واضحا في ثورة1919 والتي نتج عنها دستور1923 والذي كان اكثر الدساتير المصرية ليبرالية في القرن العشرين ولم يلبث ان الغي ليصدر دستور1930 والذي تضمن تقنيناوتوسيعا لسلطات الملك والسلطة التنفيذية علي حساب البرلمان واستمرت الحياة الدستورية تواجهها الانواء حتي قامت ثورة1952 قام بها الضباط الاحرار وهذا ما حدث في ثورة25 يناير2011 والتي انطوت مطالبها علي الديمقراطية وحرية الفرد والعدالة الاجتماعية وحرية اقامة الاحزاب بدون قيود والبحث عن الحقوق المهدرة وتعديل الدستور المصري لمزيد من الديمقراطية والحريات والذي اجريت عليه العديد من التعديلات التي شوهته وجعلته مهلهلا لصالح الحكام علي حساب الفرد وتحول من دستور ليبرالي يدافع عن حقوق الفرد الي دستور ديكتاتوري يضع كل السلطات في يد الحاكم علي حساب النظم البرلمانية المتهالكة التابعة للرئيس وسلطاته التي اعتمدت علي التزوير وسلب ارادة المواطن وان الخلاف بين ثورة1919 وثورة25 يناير أن شعار الأولي مصر للمصريين في وجه الخلافة العثمانية والاحتلال البريطاني اما الثانية فشعارها مصر للمصريين ضد الفساد والمحسوبية والظلم والتبعية للغرب علي حساب المصالح الوطنية. وقد اعتمد الحكم في مصر علي النظام الليبرالي منذ مصر الحديثة في عهد محمد علي والذي قام بنشر النظرية الليبرالية التي تعتمد علي حرية الفرد والتي جاءت علي ثلاث مراحل كما ذكرها الدكتور محمود الصاوي في كتابه( الفكر الليبرالي تحت المجهر ان المرحلة الاولي بدأت بعد عودة البعثات من أوروبا ابتداء من الاصلاحيين امثال رفاعة الطهطاوي وحسين المرصفي وجمال الافغاني ومحمد عبده وحسن توفيق العدل وكان عددهم319 مبعوثا وكان ما يميز الموجة الاولي تكريس اللبرالية والتحديث السياسي واقرار الحريات مع ترسيخ الهوية الوطنية وركزت علي الحريات وتاسيس دولة القانون والحكومة المدنية وحقوق المرأة ونشر التعليم المدني وهذا ما اكده رفاعة الطهطاوي علي الفجوة الحضارية بين أوروبا وبين العالم الاسلامي وعلي اهمية تطوير الحياة العامة والسياسية في المشرق العربي وفي جهاد الافغاني السياسي من اجل الشوري والدستورية وتاكيد محمد عبده علي الصيغة المدنية للدولة الاسلامية وكانت الموجة الاولي من الليبرالية المصرية تأسيس حزب الامة والذي انبثق عنه حزبا الاحرار الدستوريين والوفد ثم ماتت الحياة الليبرالية والتعددية الحزبية بعد ثورة1952 والاعتماد علي الحزب الواحد( الاتحاد الاشتراكي) حتي جاءت انفراجة1976 واقرار التعددية السياسية المقيدة وجاءت الموجة الثالثة اوائل تسعينات القرن الماضي باحياء الاحزاب لتصبح القنوات السياسية الشرعية لممارسة الديمقراطية وتحرير الاعلام والتي ظهرت بوضوح عام2005 والتي كانت نقطة تحول في بناء الليبرالية الحديثة ورفض اقامة الاحزاب علي اسس دينية او عرقية او لغوية وترسيخ مبدا المواطنة وادت ثورة25 يناير الي تحول المطالبة الفكرية بضرورة تحول اليمقراطية والنظام السياسي من المجال النظري الي مجال الممارسة والتطبيق والبدء في تعديل الدستور والسعي الي اقامة الاحزاب والغاء لجنة الاحزاب واجراء انتخابات حرة للرئيس والبرلمان وان الحديث خلال الايام الماضية بعد ثورة25 يناير ببزوغ نجم الاخوان والتيارات الاسلامية الا ان الحقيقة التي قامت عليها الثورة هي الدولة المدنية وحماية حقوق الفرد والمجتمع والمواطنة ومواجهة الفساد والظلم وكان ذلك واضحا من التوافق بين جميع التيارات والاحزاب والشباب بغض النظر عن الديانة او الجنس وكان الهدف واضحا من الوهلة الاولي انجاح الثورة ودفن توابيت الظلم والديكتاتورية واسقاط النظام واقتلاع جذوره لتبدا مرحلة جديدة في حياة الشعب المصري والامة العربية