احتفت إدارة مهرجان كان السينمائي الدولي بالفيلم المصري اشتباك الذي ينافس حاليا علي جوائز مسابقة نظرة ما المقرر إعلان نتائجها مساء غد في مسرح ديبوسي الذي شهد عروض افلامها. وكان اشتباك هو فيلم افتتاح المسابقة وتفاعل معه الحضور بشكل كبير ومع ابطاله الذين اخذوا الجمهور معهم في رحلة داخل عربة ترحيلات عبرت عن ألم المصريين والاشتباكات التي وقعت بعد خلع الرئيس السابق محمد مرسي وقسمت الشعب وربما أفراد الاسرة الواحدة الي جبهات تعادي بعضها البعض وفقد بعضهم انسانيته, وفي هذا الحوار يروي المخرج محمد دياب للأهرام المسائي عن احساسه بالوقوف علي السجادة الحمراء ويقول حتي الان لا أستطيع ان اصدق واشعر بسعادة غامرة حيث وجدت نفسي فجأة امام اهم الشخصيات في العالم, ويسبقنا علي السجادة الحمراء جورج كلوني وجوليا روبرتس, ولكن الأهم بالنسبة لي من التواجد في مسابقة المهرجان وفخري كمصري وعربي بذلك, وهو ردود الافعال التي قرأتها في الصحف العالمية وإعجاب الجمهور والنقاد بالفيلم, احنا مش بس رحنا كاس العالم, لكن كمان بنلعب كويس. هل كان مهرجان كان هدفك منذ البداية؟ من اول يوم تصوير وانا أقول لفريق العمل اذا بذلنا المجهود المطلوب منا في الفيلم سنصل لمهرجان كان, والكل اصبح مقتنعا بهذه الفكرة ويدفعني نحوها, وان يتحقق هذا ونشارك في المسابقة ويتم اختيار الفيلم أيضا للعرض في الافتتاح فهذا تكريم للسينما العربية والمصرية, لم يحظ به من قبل سوي الراحل يوسف شاهين, لهذا اشعر اني تحت مظلة قامة كبيرة جدا, بالإضافة الي أن الفيلم بيع هنا للعرض في كل مكان في العالم ومنها دول تعتبر غريبة علينا مثل كولومبيا وصربيا وفنزويلا, وبالطبع كل هذا رائع ولكن مصر بالنسبة لي اهم من كل هذا, أتمني أن يراه المصريون ويتفاعلوا معه ويحقق نجاحا جماهيريا. ماذا كتبت الصحافة الأجنبية عن الفيلم؟ اتابع كل كلمة تكتب عنه, والاصداء إيجابية جدا حيث كتبت عنه هوليود ريبورتر انه جوهرة كان التي ستكتسح, وقالت عنه فاريتي أن الإخراج عبقري وغيرها من الصحف والمجلات التي كتبت عنه بشكل إيجابي, كما انه لأول مرة يتفق النقاد المصريون أيضا علي جودة الفيلم ووجدت التشجيع من اغلبهم, ولكن الاهم هو مشاعر الجمهور والدموع التي وجدتها في اعينهم بعد عرض الفيلم خاصة الصحفيين والنقاد من المناطق والبلدان التي تعاني من مشاكل شبيهه بنا مثل البرازيل وفنزويلا وتركيا لأن المشاعر متشابهة. هل تعتقد أن تأثر الجمهور يرجع الي موضوع الفيلم نفسه الذي يمس حالة الانقسام بين فئات الشعب المصري؟ بالتأكيد نسبة تأثر المصريين بهذا الفيلم أكبر بكثير من غيرهم, لأن من عاش هذه التجربة يعي جيدا مرارتها وطعم كل نقطة دم اريقت بسبب هذا الانقسام, ويأتي بعدهم أبناء الشعوب التي لديها ألم مماثل وربما وصلت الازمات فيها للحرب الاهلية, لكننا نحمد الله ان الامر توقف عند حد الاشتباكات ولم يصل لحرب أهلية, وأكثر تعليق محبب لدي سمعته بعد عرض الفيلم هو أن هذا الفيلم غيرنا من الداخل, وخرجنا منه بحالة نفسية مختلفة. كيف اخترت فكرة الفيلم؟ كنت شريكا في ثورة25 يناير وأؤمن بقيمها جدا, وكان من المفترض أن أشارك في أكثر من فيلم عنها أولا فيلم18 يوم ثم الطيب والشرس والسياسي ولكن لم أتمكن من ذلك وقتها لأني لم اشعر أن لدي القدرة بعد للتعبير عن نفسي, وفي2013 اقترح علي شقيقي السيناريست خالد دياب هذه الفكرة, ورأيت فيها فكرة عبقرية لأنها لا تعبر عن الثورة فقط والمشاكل التي صاحبتها وانما أيضا سأتمكن من خلالها أن اعبر عن وجهات النظر المختلفة التي ولدت حالة الانقسام بين المصريين, لدرجة أن البعض الآن لا يعتبرها ثورة, وإن كنت لا اعتبره فيلما سياسيا, لأنه يركز علي الانسان نفسه ومشاعر هؤلاء البشر ونقدمها بطريقة واقعية جدا بعيدا عن المثاليات وبغض النظر عن الانتماءات السياسية, ويقدم أصحاب الاتجاهات المختلفة بحياد دون انحياز او تغليب لجانب علي الاخر, نريد أن يري كل انسان نفسه داخل هذه العربة ويتمكن بعد ذلك من تقبل الاخر الذي ليس شرطا أن يكون عدوه, كل العلاقات التي دخلت هذه العربة تغيرت خلال الاحداث, الأعداء لم يعودوا أعداء وأصدقاء تحولوا لأعداء وعلاقة اسرية تغيرت معالمها, فهي تعبر عن واقعنا والتغييرات التي حدثت بداخلنا خلال الخمس سنوات الماضية. وماذا عن اختيارك للممثلين؟ اعتمدت في اختياراتي علي الموهبة والتنوع في الشكل بحيث يكون كل ممثل له شخصية منفردة, الي جانب قدرة الممثلين علي الالتزام لمدة طويلة, حيث استمرت البروفات ما يقرب من6 اشهر, وكان لزاما علي كل ممثل أن يتفرغ للفيلم لمدة سنة وتسبب هذا في غياب بعض المواهب المتميزة عن المشاركة فيه, ولكن في النهاية خرجت بمجموعة رائعة من الممثلين افخر بهم وبالتزامهم وتضحياتهم, رغم صعوبة التصوير وتعرض بعضهم للأذي اكثر من مرة, والاختناقات نتيجة لتواجدهم داخل العربة لفترات طويلة علي مدار26 يوما, حتي أن احدهم أصيب بنوبات رعب واستعان بطبيب نفسي, فاذا كان الفيلم يتحدث عن مأساة شخصياته داخل هذه العربة في يوم واحد, فالممثلين كانوا بداخلها لمدة26 يوما. وما المدة التي استغرقتها في التحضير للفيلم؟ مرحلة الكتابة استغرقت وقتا طويلة, لأن كتابته كانت صعبة جدا حتي نتمكن من تقديمه بصورة ممتعة رغم قتامة الفكرة, وفي نفس الوقت تعبر عن كل الاتجاهات بحيادية حيث لا توجد في الفيلم شخصية رئيسية كل الشخصيات لها نفس المساحة تقريبا وهو امر في منتهي الصعوبة علي مستوي الكتابة الي جانب صعوبة انهاء كل هذه القصص وخطوط الشخصيات, والتحضيرات استغرقت ما يقرب من عام ونصف لأن العربة تم بنائها بالكامل لتكون مطابقة تماما للأصلية مع بحث كيفية التصوير بداخلها في هذه المساحة الضيقة, وفي رأيي الفترة الطويلة للتحضير مفيدة جدا في الصورة النهائية التي ظهر بها الفيلم. عربة الترحيلات كانت بالنسبة لك البطل الرئيسي في خطة التصوير؟ نعم بالتأكيد إذا كان لدي بطل رئيسي فهو عربة الترحيلات, وهذا بالطبع اختياري كمخرج ويليق بفكرة الفيلم ويعبر عن احساسنا كمصريين, فالتصوير كله تم بداخلها ولم نفتح جوانبها ولو مرة واحدة. كيف تم تصوير مشاهد الأكشن وهل كان فيها خطورة علي الممثلين؟ لدينا في مصر خبيران في الاكشن اندرو وعمرو ماجيفر ودورهما توجيه العاملين في الفيلم, لكن المشكلة هي انه لم يكن لدينا إمكانيات للاستعانة بمن هم لديهم خبرة في اداء هذه المشاهد الاكشن, لذلك فبعض من قاموا بادائها هم مجرد كومبارس وربما تكون هذه هي المرة الأولي لهم في موقع تصوير وكان من الصعب التحكم فيهم اثناء التصوير لذلك تحول الضرب أحيانا لضرب حقيقي, وبعض المشاهد كانت طبيعية جدا وتسبب هذا في ضغط كبير علينا, وكنت اتواجد مع الممثلين بداخل العربة حاملا الميكرفون واصرخ في الجميع, الا ان هذا أسهم أيضا في ظهورها علي الشاشة بشكل واقعي جدا يصدقه المصريون الذين حضروا هذه الاشتباكات علي ارض الواقع. ولماذا حافظت علي مساحة كل الشخصيات والتزمت الحياد؟ كنت بحاجة للتعبير عن النقط المميزة لكل مجموعة, والفيلم يقدم جوانب من كل شخصية فمن الصعب أن تتعرف هذه الشخصيات علي بعضها بشكل كامل, والصعوبة الاكبر هي التعبير عن جوهر كل شخصية من خلال لحظات صغيرة تقربنا منها, أساس الفيلم هو ان جوهر الانسان انه بشر في النهاية أيا كان توجهه, الناس ليسوا أبرياء تماما لكن علينا أن نري الدرجات الرمادي فليس بالضرورة أن يكون الاخر عدوي, اول خطوات الحروب الأهلية هي رؤية الاخر بالأبيض والأسود وأن تنزع عنه الإنسانية وأول خطوات الهدوء الاجتماعي هي أن نري الإنسانية في بعضنا البعض, بالتأكيد البعض يستحق العقاب علي اخطائه ولكن علينا أيضا أن نراجع الأسباب حتي نعالج مشاكل المجتمع بشكل حقيقي. وهل من بين هذه الشخصيات من يمثلك؟ بالتأكيد هناك شخصية تعبر عني لكني تعمدت الحياد, لأن الفيلم يذكرنا بألم بداخلنا جميعا وبقيم الثورة التي تعلمنا فيها ان نتقبل بعضنا البعض وجمعتنا في مكان واحد دون تفرقة, علي عكس الفوضي والانقسام الذي نعيشه الان, هذه القيم اعتبرها اهم من الأشخاص. متي سيعرض الفيلم في مصر؟ وهل تعتقد أنه من الممكن أن يواجه صعوبات؟ اعتقد انه من المفترض أن يعرض في الفترة بين عيد الفطر وعيد الأضحي, لكني لا اعرف بعد, لكني اخشي من الجنون العام, واصبت بكوابيس خوفا من عدم اكتمال الفيلم وأن يفهمه احد خطأ قبل أن يصل لمرحلة العرض, وإن كانت ردود التي استقبلتها حتي الان تؤكد وصول رسالة الفيلم, فهو فكرة إنسانية اعمق وابعد من الثورة والسياسة, اختبار لإنسانية الانسان ويرصد تقييمنا للبشر, كما أن مشكلة صناع السينما والفن في مصر لم تعد الرقابة, فهي من المفترض أن تحمينا, ممن يقومون برفع القضايا ضدنا, رفع ضدي من قبل6 قضايا ورفضت من أول جلسة اما الان أخاف أن يحدث معي ما حدث لأحمد ناجي المسجون منذ شهور بسبب كتاب, ورنا السبكي التي حكم عليها بسنة سجن, من اعطي الحق لأي شخص أن يقاضي فنانا لأن فيلمه لا يعجبه, نحن الآن لا نشعر بالأمان علي الاطلاق, وحذرني البعض في البداية بأني اخاطر بكل شيء ودعمني اخي وزوجتي ثم انضم الينا المنتجان معز مسعود ومحمد حفظي بالإضافة الي حصولنا علي دعم انتاج من ألمانيا وفرنسا.