مع تصاعد أعمال المقاومة وامتداد الثورة العربية ضد سلطات الانتداب البريطاني المتواطئة مع الاستيطان اليهودي حتي وقعت المواجهات الدموية وأصدرت المحكمة البريطانية حكما بإعدام27 عربيا وتم التنفيذ في ثلاثة فقط ( كما فعلت بحادثة قرية دنشواي بمصر) وللسيطرة علي الموقف وتهدئة الأوضاع أصدر لورد باسفيلد وزير المستعمرات في الحكومة البريطانية قرارا بتعيين لجنة للتحقيق في أسباب الاضطرابات والثورة العربية في فلسطين برئاسة السير جون هوف سميسون الخبير المالي البريطاني بالإضافة إلي إصداره الكتاب الأبيض الذي احتوي علي عدد من المقترحات التي تحد من شدة الاضطرابات وتطفيء نار ثورة العرب وامتصاص غضبهم وإعادة الهدوء داخل الأراضي الفلسطينية. قامت سلطات الانتداب البريطاني بإذاعة وإعلان تقرير سميسون وأرفق به الكتاب الأبيض لباسفيلد متضمنا رأي الحكومة البريطانية وسياستها والذي أكد ضمان عدم توفير أراض لاستيطان مهاجرين جدد من اليهود لعدم وجودها إلا علي حساب أراض في زمام وأملاك العرب والتي إذا توفرت فهي من حق الأسر العربية التي لا تملك أرضا وعلي ذلك يجب عدم السماح بهجرة يهودية جديدة وإيقاف تدفق الهجرة الي فلسطين والاستيطان بها وقد اعتبرت الصهيونية السياسية بزعامة وايزمان وكذلك جميع المنظمات والاتحادات والمؤسسات اليهودية في العالم ذلك حكما بالإعدام لخططهم التوسعية والعودة الي ارض الميعاد أرض الآباء الأوائل والوعد الإلهي لهم بملكية ارض فلسطين كما نصت أسفار العهد القديم. وأعلن وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية غضبه ورفضه الشديد لما جاء بالكتاب الأبيض ومقترحات الحكومة البريطانية وقدم استقالته من رئاسة المنظمة التي تعتبر الممثل الشرعي لليهود في العالم وكذلك من اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية بفلسطين احتجاجا علي سياسة بريطانيا المناهضة للصهيونية والمؤيدة والمنحازة للجانب العربي علي حد مزاعمه وأرسل خطابا للورد باسفيلد يتهمه بإلحاق الظلم الجائر بحقوق اليهود التاريخية في أرض الآباء الأوائل وآمالهم وخفض الروح المعنوية لهم في المستوطنات وعدم تأمينهم التأمين الكافي لحياتهم ومعيشتهم بين العرب. قامت الحكومة البريطانية في استجابة سريعة بل وفورية بتشكيل لجنة وزارية جديدة لمفاوضة مندوبي الوكالة اليهودية وفي13 نوفمبر1931 أذاع رامزي ماكدونالد رئيس وزراء بريطانيا رسالة بعث بها إلي وايزمان مضمونها التراجع الكامل عن السياسة التي رسمتها الحكومة البريطانية في الكتاب الأبيض وساق تفسيرات معاكسة تماما لما جاء في الكتاب وأعلن التزام حكومته بالسماح بل وتسهيل الهجرة اليهودية وإعادة تدفقها مرة أخري وتحقيق الاستيطان وأن الحظر علي شراء الأراضي ليس جزءا من سياسة الحكومة البريطانية كما وعد بتوفير الأمن والأمان للمستوطنات اليهودية ووعد بإجراء تحقيق جديد لتحديد مساحات جديدة للأراضي الصالحة للزراعة والسكن والتي يمكن تقديمها للاستيطان اليهودي الجديد. نشطت جميع المنظمات والاتحادات والمؤسسات اليهودية الصهيونية في العالم لزيادة الدعم المالي والمعنوي والقوي البشرية للهجرة والاستيطان واللازمة لتقوية الكيان اليهودي في فلسطين وتعزيز وجودهم وسيطرتهم وتوفير الركائز الضرورية لدعم القوي العسكرية للجيش الصهيوني السري( الهاجاناه) وكانت المؤتمرات الصهيونية الأربعة بين عامي1923 و1929 تؤكد ذلك وبذل وايزمان جهدا كبيرا في إقناع الطوائف اليهودية وخاصة يهود أمريكا الأغنياء وتم إنشاء مجلس الوكالة اليهودية الذي حث علي الهجرة وتشجيعها وإحياء اللغة العبرية والثقافة اليهودية واسترداد الأراضي لمصلحة الشعب اليهودي والعمل علي دعم الاستعمار الزراعي علي أيدي عمال يهود وبالفعل طالب المؤتمر الصهيوني عام1933 بفتح باب الهجرة علي مصراعيه حيث تحققت معدلات عالية فبعد أن كانت أربعة آلاف عام1931 أصبحت أكثر من ستين ألفا عام1935 مع تواطؤ سلطات الانتداب البريطانية في ذلك. مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا