وكيل تعليم البحيرة يتفقد عددا من المدارس بأول يوم دراسي (صور)    توزيع الحلوى والورود على الطلاب.. بدء الدراسة بحضور الصفوف الأولى بكفر الشيخ (صور)    استقرار سعر الدينار الكويتي اليوم السبت 21-9-2024 في البنوك    محافظ أسيوط يترأس حملة مكبرة لرفع كافة مخلفات الهدم بمحيط سور جامعة الأزهر    رئيس الوزراء يتفقد اليوم 4 مصانع أدوية بمدينة 6 أكتوبر    حزب الله: استشهاد 53 من عناصرنا خلال 3 أيام    حزب الله: استشهاد 15 من كوادر الحزب في الغارة الإسرائيلية على بيروت    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية بسريلانكا    بوتين يشكل لجنة لإمداد الجيش الروسي بالمتعاقدين    موعد مباراة بيراميدز والجيش الرواندي في دوري ابطال افريقيا والقناة الناقلة    مواعيد مباريات اليوم في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    غيوم وأمطار خفيفة على بعض المناطق في الإسكندرية (بث مباشر)    غدا بداية فصل الخريف .. والأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة خلال النصف الأول    أسرار توت عنخ آمون.. زاهي حواس يتحدث عن مومياء نفرتيتي والكنوز المدفونة    ما حكم تلف السلعة بعد تمام البيع وتركها أمانة عند البائع؟.. الإفتاء تجيب    اليوم العالمي للسلام.. كيف تساهم مصر في خفض التصعيد بإفريقيا والمنطقة؟    أسعار الفراخ البيضاء اليوم السبت 21-9-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    احتجزه في الحمام وضربه بالقلم.. القصة الكاملة لاعتداء نجل محمد رمضان على طفل    حالة الطقس المتوقعة غدًا 22 سبتمبر| إنفوجراف    مأمورية خاصة .. ترحيل صلاح التيجاني من سرايا النيابة الي قسم إمبابة    استكمال محاكمة محاسبة في بنك لاتهامها باختلاس 2 مليون جنيه    عاجل.. فيفا يعلن منافسة الأهلي على 3 بطولات قارية في كأس إنتركونتيننتال    وزير الخارجية: تقسيم السودان خط أحمر، وقضية مياه النيل حياة أو موت، وخسائرنا بسبب انخفاض عائدات قناة السويس 6 مليارات دولار، لا بد لإسرائيل أن تنسحب من رفح ومحور فيلادلفيا    رسميا.. رابط الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل الصف الثاني الابتدائي    القنوات الناقلة لمباراة ليفربول ضد بورنموث في الدوري الإنجليزي.. والموعد والمعلق    حبس متهم مفصول من الطريقة التيجانية بعد اتهامه بالتحرش بسيدة    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    عمرو أديب: بعض مشايخ الصوفية غير أسوياء و ليس لهم علاقة بالدين    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    هاني فرحات: جمهور البحرين ذواق للطرب الأصيل.. وأنغام في قمة العطاء الفني    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    فلسطين.. 44 شهيدا جراء قصف الاحتلال لعدة مناطق في قطاع غزة    الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تعزى وزير الداخلية فى وفاة والدته    نائب محافظ المركزي المصري يعقد لقاءات مع أكثر من 35 مؤسسة مالية عالمية لاستعراض نجاحات السياسة النقدية.. فيديو وصور    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    وزير الثقافة بافتتاح ملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة: سندعم المبدعين    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    ريم البارودي تنسحب من مسلسل «جوما» بطولة ميرفت أمين (تفاصيل)    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    جوميز: الأداء تحسن أمام الشرطة.. وأثق في لاعبي الزمالك قبل السوبر الأفريقي    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الإفتاء: مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم مصحوبة بالموسيقى أو الترويج لها محرم شرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعتي أوغاد التاريخ‏..‏
بين نيرون والقذافي

ما أكثر ما صدم التاريخ بوحوش آدمية‏..‏ وقف أمامها مذهولا خجلا‏..‏ ولاتزال مزبلته تطفح بأمثال أولئك الطغاة‏,‏ الذين سودوا العديد من صفحاته‏.‏ واذا كان الامبراطور الروماني نيرون هو عنوان الشهرة لاولئك في القدم‏..‏
فان هناك رأيا في القذافي لم أجد أصدق منه ولا أحكم بأنه أول ديكتاتور يهدد شعبه بالحرب الأهلية حتي آخر نقطة دم‏.‏
‏***‏
خلف نيرون الامبراطور الروماني كلوديوس عام‏54‏ م‏,‏ وكان نيرون وحشا ضاريا شغوفا بسفك الدماء‏,‏ قتل زوجته بلا لذنب اقترفته في حقه‏,‏ إنما لاظهار شغفه بعاهرة يهودية تدعي يوبيا تزوجته بعد أن جعل دم زوجته مهرا لها‏,‏ واذهبت ضربته الثانية علي أمه أجريبينا قتلها بسبب خبث سريرته‏,‏ ظنا منه أنها كانت تنازعه في سلطانه‏,‏ وبعد ذلك تعاقبت سلسلة الاغتيالات في الحكام والقواد والمقربين‏,‏ حتي انه قتل مربيه ومستشاره المقرب وناصحه الأمين الفيلسوف الشاعر سينيكا‏.‏
وماجري علي يد نيرون‏,‏ يشبه شيئا من قبيله فيما جري علي يد معمر القذافي الذي لم يأل جهدا منذ باكورة عهده في الحكم في سبيل التهميش أو التخلص ممن قاموا معه بثورة الفاتح من سبتمبر‏,‏ وبعد ذلك تعاقبت سلسلة التضييق والقمع لكل من لم يجد فيه القذافي تابعا له‏,‏ ونستطيع أن نستمر طويلا في ضرب الأمثلة الدالة علي ذلك‏.‏ وحسبنا منها لضيق الحيز مجزرة سجن بوسليم التي راح ضحيتها حوالي‏1200‏ ليبي‏,‏ ومنذ البدء استثمر القذافي التلذذ بملذات الديماجوجية‏.‏ التي غدت السمة الغالبة لفترات حكمه‏,‏ ومن ثم لم تقتصر جرائمه علي جماهيرية الخوف‏,‏ بل تعدتها إلي العمق الاقليمي والدولي‏,‏ وقصص اختطاف الامام موسي الصدر والمعارض منصور كخيا ونسف طائرات الركاب باتت مشهورة‏,‏ ويستفاد مما جاء في المصادر التاريخية‏,‏ أن حريق روما‏,‏ ذلك الحريق الذي قام به نيرون‏,‏ كان بايعاز من يوبيا التي كان شعبها يتربص بالمسيحيين كما أوعزت اليه بالقبض علي الرسولين بطرس وبولس وصلب الأول وقطع رأس الثاني‏,‏ وكم كان نيرون يطرب لرؤية غيره يتألم‏,‏ وأحب المناظر لديه كان رؤيته للحيوانات المفترسة تمزق الرجال أشلاء متناثرة‏,‏ ولسنا هنا بحاجة إلي عقد المقارنة‏,‏ فما جاء في خطاب الابن وبعده بيوم في خطاب القذافي الطويل يكفي‏,‏ فالمعني واضح وليس بحاجة إلي تكرار‏.‏
وفي يوليه عام‏64‏ م‏,‏ شب حريق هائل في روما‏,‏ دمر الجزء الأكبر من عاصمة الامبراطورية‏,‏ واجمع المؤرخون علي أن نيرون هو الذي أمر بإحراقها‏,‏ وكان يجلس في برج محاطا بزبانيته‏,‏ يراقبها ويلعب علي قيثارته في حالة لامثيل لها من الطمأنينة والسعادة والانشراح‏,‏ وكان من الطبيعي بل من المحقق أن نيرون يبحث عن كبش للفداء يلقي عليه بالتهمة ليبرئ نفسه ويروي تعطشه للدماء‏.‏ وفي هذا يقول المؤرخ الروماني تاستيوس عام‏115‏ مم‏:‏ لكي يتخلص الإمبراطور من هذه الشائعات‏,‏ ألقي بالتهمة علي جماعة من الناس مضطهد يطلق عليهم عادة المسيحيون وأوقع بهم العقاب علي هذه التهمة‏,‏ ولم يكتف بقتلهم فحسب‏,‏ بل تم استخدامهم وسيلة لتسلية أهل روما‏.‏ فألبسوا جلود حيوانات‏,‏ وحبسوا في أقفاص الكلاب المتوحشة ففتكت بهم‏,‏ وصلب البعض وأحرق آخرين‏,‏ ليضيئوا حدائق روما‏,‏ ولقد فتح أبواب حدائقه ليري الناس كل هذا‏,‏ واختلط هو بينهم في ملابس سائق عربة‏,‏ هذا التعذيب قاد كثيرين إلي الشفقة عليهم‏,‏ لأنهم عرفوا أن هؤلاء المساكين يعذبون لا لجريمة اقترفتها أيديهم بل لاشباع شهوة القتل‏.‏
ومثل هذه الاعتبارات قمينة بأن تقودنا إلي فظائع القذافي وابنه سيف الظلام في حق المحتجين من أبناء شعبهم‏,‏ فما أن ينتهيا من جريمة‏,‏ حتي يعمدا إلي أخري أفظع وأنكي‏,‏ ومن ذلك تكرارهما بلا ملل انتماء المحتجين إلي تنظيم القاعدة‏,‏ آملا بأن يؤلب عليهم العالم بأجمعه‏,‏ بحيث ينتدبه لقيادة جيوش أممية لتطهير ليبيا شبرا شبرا وبيتا بيتا وشارعا شارعا وزنقة زنقة‏,‏ وقد وصف المحتجين بالمقملين الجراثيم العملاء‏,‏ وغير ذلك من البذاءات التي لا تصدر إلا علي ألسنة أحط طبقات المجتمع ومن المفارقات الخسيسة‏,‏ أن أقراص الهلوسة التي لم يكل القذافي وابنه من اتهام المحتجين بتعاطيها بإيعاز من بن لادن إن هي إلا سلعة يتعاطاها ويتاجر بها ابن القذافي الساعدي ويعرف ذلك كل أبناء الشعب الليبي‏,‏ يجلبها ليتعاطاها أفراد كتيبته الأمنية خاصة المرتزقة منهم‏,‏ كما يزود بها أفراد كتاتب أخوته الأخري‏,‏ لينزع منهم كل العواطف الانسانية أثناء خوضهم للمعارك‏,‏ محتذيا بذلك بفرقة الحشاشين الإسماعيلية أيام الحروب الصليبية‏,‏ والتي أوقعت بالمسلمين آنذاك شتي صنوف الأذي‏,‏ ويقودنا ذلك إلي تحريض القذافي وابنه علي قتل المصريين والتونسيين‏.‏
لم يكن نيرون مكروها من المسيحيين فحسب‏,‏ فقد أثار غضب النبلاء لاضطهاده إياهم‏.‏
كما أثار سخط الجيش والشعب علي حد سواء‏,‏ وقد أوردنا نبذات قليلة عن تنكيل القذافي بالنخبة من أبناء شعبه حتي يكاد لا يوجد منهم في وطنهم إلا النذر اليسير‏.‏
وفر أكثريتهم إلي دول المهجر‏,‏ أما المؤسسة العسكرية‏,‏ فقد تم تهميشها لمصلحة المؤسسة الأمنية‏,‏ التي تتألف من سبع كتائب يقود كل منها أحد أبناء القذافي‏,‏ ولم يقتصر تزويد هذه القبائل علي أحدث العتاد والسلاح بل زودت بآلاف من المرتزقة من الأفارقة والصرب وغيرهم‏,‏ الذين باتوا بعد ثورة‏17‏ فبراير‏,‏ الركن الحصين لجماهيرية الخوف في التصدي للمحتجين بالبطش والترهيب‏,‏ حين خذل الكثيرون من أفراد الجيش والأمن والأسرة الفاسدة الحاقدة المريضة‏,‏ وانضموا إلي الثائرين في مواجهة بقايا جيش القذافي وقواته الأمنية واللجان الثورية سيئة السمعة‏,‏ وأعتقد ولا أطن إلا أن الكثيرين يشاطرونني الاعتقاد‏,‏ بأن الرياح ستأتي بما لا تشتهيه سفن القذافي‏,‏ وسيكون مصيره نفس مصير نيرون‏,‏ وعند هذا الحد نجد العون في العامة ه‏.‏ ج‏.‏ ولز الذي يذكر في كتابه معالم تاريخ الانسانية أنه من الشائق أن نلحظ أنه لم يصبح مكروها‏,‏ لأنه كان يقتل المقربين له ويدس لهم السم‏,‏ بل لأنه حدث في زمانه عصيان في بريطانيا تحت قيادة ملكة تدعي بوديكيا فأصيبت من جرائه القوات الرومانية بكارثة عظيمة عام‏61‏ م‏,‏ ولأن زلزالا مدمرا حدث في جنوبي ايطاليا‏,‏ وكان شعب روما المحافظ لايبالي أن يتولي أموره قيصر خبيث شرير‏,‏ لكنه يعترض اعتراضا شديدا علي أن يحكمه قيصر يري فيه الشؤم وسوء الطالع‏..‏ فثارت الكتائب الاسبانية تحت قيادة جاليا فنادوا به امبراطورا وزحف إلي روما وليخلص نيرون نفسه من ذل الموت علي يد شعبه‏,‏ قرر أن يقتل نفسه إلا أنه كان من الجبن بحيث لم يستطع أن يغمد السيف في قلبه‏,‏ وبينما كان في تردده رافعا السيف إلي صدره شاكيا باكيا‏,‏ نفد صبر خادمة‏,‏ فدفع النصل إلي الداخل‏,‏ وكان ذلك في‏12‏ من يونيه عام‏68‏ م‏,‏ وهكذا تخلصت روما من أسوأ ديكتاتور عرفه تاريخها‏.‏
رئيس مركز التراث الفلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.