علي الرغم من استضافة الرئيس الأمريكي باراك أوباما قمة الأمن النووي أخيرا في واشنطن فلا يزال طن من المواد النووية من الممكن أن يقع في أيدي الإرهابيين, والذين من الممكن أن يستخدموها في تصنيع أجهزة نووية صغيرة أو قنابل قذرة من خلال سرقة تلك المواد. صحيح أن أوباما قام بجهود لمدة ست سنوات لتخليص العالم من المواد النووية من أوكرانيا الي شيلي كما وضع الأمن النووي علي جدول الأعمال العالمي الا انه لا تزال هناك أدلة علي ان جماعات إرهابية مثل داعش أصبحت أكثر اهتماما من اي وقت مضي بالمحطات النووية والمواد النووية خاصة في بلجيكا التي وقعت بها سلسلة تفجيرات أخيرا. واكتشفت الشرطة البلجيكية العام الماضي ان عناصر داعش راقبت لمدة ساعة كاملة منزل مسئول كبير في موقع نووي ببلجيكا به كميات كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب. ونقلت صحيفة( نيويورك تايمز) الأمريكية عن لورا هولجيت كبيرة مستشاري أوباما لمكافحة الإرهاب أن الولاياتالمتحدة عملت مع بلجيكا لتقليل كمية المواد النووية في أحد المواقع النووية الرئيسية في البلاد. وفي تقرير صدر مؤخرا حذرت مبادرة التهديد النووي وهي مجموعة خاصة في واشنطن تتعقب الأسلحة والمواد النووية من أن العديد من المصادر المشعة كانت عرضة للسرقة, ووصف التقرير احتمال وجود إرهابي يفجر قنبلة قذرة أكبر بكثير من تفجير عبوة بدائية الصنع. ومكونات القنبلة القذرة التي تستخدم متفجرات تقليدية لبث المواد المشعة لا تزال متناثرة في جميع أنحاء العالم علي آلاف المستشفيات وغيرها من المواقع التي تستخدم المواد المشعة في الأشعات والعلاجات الطبية. واعتبر التقرير اليورانيوم عالي التخصيب واحدا من أكثر المواد خطورة علي هذا الكوكب, محذرا من أن كمية صغيرة منه يمكن أن تستخدم لتصنيع قنبلة نووية لها القدرة علي قتل مئات الآلاف من الأشخاص. وتترقب إدارة أوباما إزالة نحو40 قنبلة من اليورانيوم عالي التخصيب والبلوتونيوم من اليابان. ولا يزال العالم يعاني خطر المواد النووية, فقد قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يحتفظ بأكبر مخزونات من المواد النووية مقاطعة قمة الأمن النووي علاوة علي احتضان باكستان لجيل جديد من الأسلحة النووية الصغيرة التي تعتبرها إدارة أوباما معرضة للسرقة وسوء الاستخدام. ولم يسبق أن أعلنت روسيا مخزونات اليورانيوم العالي التخصيب لديها, إلا انها هي وواشنطن خفضوا عشرات الآلاف من الكيلوجرامات من اليورانيوم عالي التخصيب الذي يمكن استخدامه في أغراض عسكرية منذ عام2009 وتحتفظ الولاياتالمتحدة باحتياطي يمثل نحو20 ألف كيلوجرام من اليورانيوم عالي التخصيب للاستخدام المدني. ساعدت الولاياتالمتحدة في ازالة نحو500 رطل من الوقود النووي من أوكرانيا عام2012 الا ان ميزانية الإدارة الأمريكية للمساعدة في تنظيف العالم من المواد النووية تم تخفيضها الي النصف. وذكر بنيامين رودس, نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي: اننا نتوقع الآن إنفاقا أقل عاما بعد عام, مما يستدعي تأجيل أو إلغاء مجموعة واسعة من أنشطة الأمن النووي التي تم تضمينها في الخطط السابقة. وقد انخفض الإنفاق الامريكي علي الأمن النووي الدولي من أكثر من800 مليون دولار في2012 الي ما يزيد علي500 مليون في2016, وخصص البيت الأبيض نحو400 مليون دولار فقط لعام.2017 ودافعت الإدارة الأمريكية عن خفض الميزانية قائلة انه يعكس الانتهاء من بعض البرامج وتعليق العمل التعاوني مع روسيا عقب غزوها لشبه جزيرة القرم. في الخريف الماضي نشرت وكالة اسوشيتدبرس فضائح مخيفة عن السوق السوداء المزدهرة في مولدوفا للمواد المشعة التي يمكن استخدامها لتصنيع قنبلة قذرة. والسؤال الآن هو: ما الذي يقوم به العالم لحفظ المواد الأكثر فتكا في العالم بعيدا عن أيدي الإرهابيين؟ والحقيقة ان التقدم في هذا الإطار يتباطأ ومؤتمر الأمن النووي الذي عقد أخيرا في واشنطن قد يكون الفرصة الأخيرة لوضع مسار لنظام أمن عالمي فعال لحمايتنا جميعا من خطر المواد النووية. ومنذ عام2010 سلطت ثلاث قمم سابقة للأمن النووي الضوء علي خطر الإرهاب النووي ونتج عنها إجراءات في جميع أنحاء العالم. وعلي الرغم من العديد من الخطوات الايجابية فلا يوجد حتي الآن نظام عالمي فعال لإدارة هذه المواد الخطرة, ولا توجد قواعد دورية تتبعها جميع الدول, كما لا توجد رقابة دولية تضمن أن تفي الدول بمسئولياتها في هذا الشأن. وكشفت صحيفة( هافنجتون بوست) الأمريكية عن ان83% من المخزون العالمي من المواد النووية يمكن استخدامها كأسلحة كاليورانيوم العالي التخصيب أو البلوتونيوم والتي توصف علي انها عسكرية وتعد خارج نطاق آليات الأمان مما يترك فجوة أمنية كبيرة قد يستغلها الإرهابيون حول العالم في شن هجمات إرهابية. ومن الأخبار السيئة أنه علي مدي العامين الماضيين هناك دولة واحدة فقط وهي أوزبكستان قد قضت تماما علي المواد النووية مقارنة بنحو7 دول بين2012 و.2014 لذا فالمخزون العالمي من المواد النووية الذي يمكن استخدامه كأسلحة يمكن أن يزيد بعد تناقص مستوياته. كما أصبح من المتطلبات الوطنية حماية المنشآت النووية ضد هجمات قراصنة الكمبيوتر التي تؤدي لضرب النظم الحيوية وسرقة المواد النووية أو الإشعاعية علي غرار فوكوشيما. وكما ذكرت( نيويورك تايمز) تبدو الدول غير مهيأة لهذا التهديد الناشئ, حيث ان20 من أصل47 دولة تستخدم الطاقة النووية ومفاعلات الأبحاث لا تقوم بحمايتها من الهجمات الالكترونية. وأخيرا.. معظم الدول التي لديها مفاعلات للطاقة النووية ومفاعلات الأبحاث أظهرت فجوات في الوصول للمنشآت الحساسة للمواد النووية, وهذا هو الوضع بالنسبة للدول ذات الطموح النووي الجديد, فهناك9 دول فقط من أصل45 دولة تضمن الإجراءات الأمنية. وذكرت( هافنجتون بوست) أن هذا القصور في الأمان النووي يتطلب تعاونا دوليا مستمرا لتحقيق الأمن النووي.