في زمن أصبح الانترنت والفيديو جيم والبلاي ستيشن ومتابعة كرة القدم ولعب البلياردو والبولينج وغيرها من الهوايات تسيطر علي اهتمام معظم الشباب, بات من النادر أن تجد شابا خرج عن المألوف وقرر أن يتبع حدسه وقلبه لينجرف بشغف خلف هواية غير معتادة في مجتمعنا في الوقت الحالي, رغم أنها كانت هواية برع فيها أجدادنا القدماء وبلغوا فيها مبلغا من العلم لم يسبقهم إليه بشر وهي مراقبة الفضاء التي شغف بها الشاب أحمد شريف, لدرجة جذبت اهتمامه وصرفته عن معظم الهوايات المنتشرة بين الشباب. هذه الهواية جعلته لا يكتفي بالترحال منفردا أو بصحبة بعض الأصدقاء الذين يشاركونه نفس الاهتمام في ربوع مصر وصحاريها لتأمل الفضاء الشاسع والسماء الصافية بعيدا عن ضجيج المدن المزدحمة, ولما رآه من روعة وجمال محجوب عن رؤية معظم المصريين. أحمد شريف قرر أن ينقل لهم ما يشاهده من روعة الفضاء لعلهم يتأملوا صنع الله, الأمر الذي دفعه لتعلم التصوير الفضائي من أجل تسجيل هذه المشاهد ونقلها للمهتمين, دون أن يعطله هذا الشغف عن استكمال دراسته الأكاديمية حيث درس علوم الكمبيوتر بإحدي الجامعات الخاصة, والآن يقوم بإعداد رسالة الماجستير في الذكاء الصناعي, فخاض رحلة شيقة. سألته عن بعض تفاصيل تجربته المثيرة؟ منذ صغري كنت مهتما بالفلك وأشارك في محاضرات لكبار العلماء في هذا المجال عندما تعقد في مصر, وقد بدأت رحلتي مع الفلك بالقراءة عنه وعلي مدي سنوات طويلة بدأت عندما كنت بالثانوية العامة فقرأت كتابا مترجما اسمه البدايات في علم الفلك لعالم أمريكي, وتوالت رحلة القراءة حتي آخر كتاب قرأته بريف هيستوري أوف تايم لستيفن هوكنج. وكيف بدأت رحلتك مع التصوير؟ التصوير بدأ معي من أجل الفلك, فعندما كنت أذهب لأماكن بعيدة لرصد الفلك كانت الرحلات بعيدة وشيقة, وشاهدت خلالها صورا رائعة فقررت أنه من الواجب علي تسجيلها وتصويرها لنقلها للناس, فبدأت رحلة تعلم التصوير الفضائي منذ عام واحد فقط بالبحث عن أحدث الابتكارات في هذا المجال وعرفت وقرأت وتعرفت علي مصور اسكتلندي اسمه مارك جي, الذي أفادني كثيرا بآرائه ونصائحه وتعلمتمنه الكثير, ثم بدأت رحلة البحث عن أفضل كاميرات مناسبة لهذا التصوير لشرائها, وبدأت أدرب نفسي عليها ثم ابتكرت تكنيك خاصا لاظهار الرؤي اللي أحب اظهرها, ففي التصوير الفلكي يوجد ما يسمي تكنيك الاستاكينح, ومعظم المصورين في هذا المجال يستخدمونه وله برامج معينة للكمبيوتر لمعالجة الصور بعد تصويرها لإظهار تفاصيل الصورة بشكل أكبر وأوضح من الصورة الأصلية, وقد استعنت بهذا البرنامج وقمت بتطويره باستخدام برنامج آخر اسمه بكيسل انسايد, وبواسطته أصبحت لدي قدرة أكتر لرصد وتصوير صور متميزة من الصحراء لتصوير الفضاء العميق, وعملت علي تبسيطها للناس عبر تصويرها بالكاميرا العادية وبدون تليسكوب لأعطي أملا للناس. وهل أظهرت لك الكاميرا ما كنت تريد؟ قدرت اظهر بالكاميرا العادية صور السدوم مثل الجبار ورأس الحصان. ويضيف: لم اهتم بالتصوير إلا من أجل الفلك, من فرط جمال ما شاهدته وشعرت بالشفقة علي الناس الذين يعتقدون أن هذه هي السماء اللي يشاهدونها من البلكونة للقمر وما حوله من بعض النجوم, وشعرت بأنهم يفوتون الكثير من الجمال في الكون بدون تأمله, فالإنسان لم يخلق ليعيش بين أربع حوائط ويضع نفسه في دائرة لا يريد الخروج منها, رغم أنه لو حاول الخروج منها سيكتشف جمال كتير, فنحن نعيش في بلد معظم أراضيها صحراء ولا يزيد عن1% من سكانها هو الذي يستكشف هذه الصحراء وسحر جمالها. هل شاركت بصورك في معارض متخصصة؟ لم أشترك في معارض, ولكني شاركت في مسابقة لوكالة ناسا الدولية, اسمها أبودabod, كانت قد أعلنت عنها لتصوير حدث فلكي نادر عن خسوف القمر في شهر سبتمبر الماضي2015, وهي ظاهرة تعرف باسمbloodmoon أو القمر الدموي يتحول فيها القمر للون الأحمر, وكان هذا الحدث مهما لاقترانه بحدث فلكي نادر وهو السوبر مون الذي يكون حجم القمر فيها أكبر بنسبة14% من حجمه الطبيعي لأنه يكون في أقرب نقطة في مداره من الأرض. وعندما علمت بالمسابقة قررت توثيق الحدث وذهبت إلي مرصد القطامية بصحبة صديق اسمه كريم مجدي, وقمنا بتصوير الصورة علي مدار4 ساعات, حيث قمنا بتثبيت الكاميرا لتلتقط كادرا كل مدة ربع ساعة تقريبا وجمعنا في النهاية9 حالات تصور مراحل الظاهرة الفلكية ثم أرسلنا الصورة للموقع الخاص بالمسابقة التابع لوكالة ناسا. وماذا حدث بعد أن قمت بإرسال ما التقطت من صور؟ بعد تقديم الصورة ل ناسا بفترة تلقيت رسالة من الموقع تفيد باعتبار الصورة ضمن أفضل100 صورة للحدث من بين آلاف الصور التي شاركت من كل أنحاء العالم ونزلت علي موقع المسابقة التابع ناسا. ويضيف: لا تستهويني حاليا فكرة إقامة معرض, وإن كنت أفكر في وقت ما في جمع الصور التي ألتقطها وإصدارها في كتاب ملون. حدثني عن الأماكن اللي رصدت السما منها؟ تقريبا مصر كلها, امن شرقها لغربها, الواحات ورصدت من فوق حبل موسي وفي سيناء وادي أراضة وعملت كامب هناك وذهبت إلي محمية ابو جالون والبلو هول في دهب والبلو لاجون, وذهبت إلي الصحراء الغرببية الباويطي والصحراء البيضاء والسوداء والواحات وسيوة, الصحراء الشرقية كهف وادي سنور. وكيف كانت رحلتك لرصد السماء من قلب الصحاري المصرية؟ هذه المناطق تعتبر طبيعة بكر لم تمسها يد الإنسان, وكل مكان له جماله وله طبيعته الجيولوجية, فقد أصبح من الصعب أننري السماء من قلب المدن المزدحمة وأضوائها المبهرة, بينما في أي مكان صحراوي يمكن للعين أن تري5000 نجمة في السماء وتري علي مسافات بعيدة بدون تلسكوب, وفنستطيع أن نري من الصحراء مركز المجرة التي نتبعها وهي درب التبانة ميكلي واي, كما نستطيع تحديد المجموعات النجمية حسب توقيت ظهورها خلال السنة ونري مجرات أخري بالعين المجردة. وقد ذهبت لكثير من المواقع الصحراوية في مصر مثل وادي أراضة بين دهب ونويبع وكذلك الواحات الداخلة والخارجة والفرافرة والصحراء البيضاء والسوداء وغيرها. هل تعتقد أنه من الممكن إضافة رحلات رصد النجوم ومراقبة الفضاء ضمن برامج الترويج االسياحي للسياحة في مصر علي غرار مراقببة الطيور في الفيوم؟ لو حدث هذا يصبح أمر جيد جدا, ولا أخفي أني فكرت في هذا الأمر ومع أربعة من أصدقائي المهتمين بنفس المدال حيث أسسنا فريقا, وسنحاول خلال افترة القادمة تنظيم رحلات صحراوية للمناطق التي اختبرناها ونضمن أنها آمنه جدا لمراقبة النجوم, وسنصحب الكاميرات والتلسكوبات والمعدات الخاصة بالتصوير لتعليم الناس كيف يرصدون النجوم. كيف تقبل المحيطون بك هذه الهواية وهل واجهت سخرية من البعض لغرابتها؟ لم أواجه سخرية علي الإطلاق, ولم يحاول احد حد تكسير مجاديفي وقد شجعتني أسرتي ولم تعترض أبدا علي هوايتي لأنهم اعتادوا علي ذلك مني منذ فترة طويلة.