صحيح الإبداع ابتداع يعاود الحنين بين حين وآخر, يؤجل العمل في أي شيء سوي تحقيق احلام اليقظة تلك, يؤجج بها مشاعره فتضرم النار في صدره, ولا يتنازل عن أعلي درجة في السلم الذي ابتدأ تسلقه, تلك مرحلة والاخري حين يتناول في ذات اللحظة, لحظه الوصول تلك إلي قمة السوامق بإرادته الحرة الواعية, يتناول حبة المغامرة والشجاعة المغموسة في التحدي والتهور والمخاطرة فيلقي بنفسه وقد فرد ذراعية كجناحين, اما ان يطير أو يهوي من حالق, حانق الفؤاد نحو هاوية. وحتي ان استطاع قارئ نهم, مجرب لفن قراءة ما وراء الأفكار وتخيل عمق معاناة الكاتب وهو يسطر في الليل واجزاء النهار رؤيته الابتداعيه فلن يستطيع الاحساس بذلك الوجد والانتظار للحظه تنوير والانتصار التي يستنقذها المؤلف من العدم لنفسه قبل بطل القصة والهدف من تضفير الكتاب بروايات الزمن السالف, للتالف من الحياة. مدخل(2) سرة البلد للكاتب الكبير أحمد عبده تبحث عن شك يكون وليد مجتمعنا وليس نسخة مكررة من الروايات الاخري استفاد فيها من خبرته الطويلة الايجابية بأشكال الفنون الأخري( الشعر, المسرح, الفن السابع) فجاءت متواليته الروائية عملا براقا وخلاقا( كان كثعلب خرج من حجره ليستطلع الامر ثم انطلق يجري إلي حقول الفول الحراتي. التهم منه ما استطاع, ثم توجه ناحية النهر..) إنه ادم الذي سكن وادي النيل منذ ازل لا نعلم كم يحصي من الاعوام, تقلب في العوز وعنت الايام وضيق الحياة, فكان ان أطلق المؤلف عليه اسم الحديدي والذي يرحل من مكان إلي آخر, متنقلا بين البلاد, يعاند العمد والاحتلال وله في كل يوم كبير عظيم من أيام مصر حضور وخصومة تجاوز القاص أحمد محمد عبده الامتداد التاريخي أو الزمني لأحداث المتوالية الروائية التي شرع في تربيط أجزائها في ذهنية القارئ إلي فعل اعمق في حرفيه الحكي وهو دلالة تربيط الجزيئيات أو الالمام بالكليات والتي يجيدها من خلال تمكنه واحترافه في القصة القصيرة وظهر ذلك في( جذور الخروع, سيرة الحديدي. الطوطم أي الضم) ثم ها نحن نربط ذلك( بأحوال تل السباخ( وأيام السخرة) وهكذا تصبح الفصول عناوين في شكل القصص القصيرة وفي ذات الوقت ذات رابطة دائرية بالرواية متعدده المراحل والمراجل تتفاعل مع بعضها ذاتيا علها تضفي من البعد الرمزي المستولد بعدا اخر يصور الصراع والآلام التي في ضمير المصريين والاحزان والتي تتوالد لغياب العدالة والضمير, صراع لا ينتهي إلي حسم نتيجة أو الوصول إلي مفترق طرق والمفترض ان الجريمة والامتلاك والفقر والموت والاصرار علي الحياة واليقين الذي لا يهدأ كلها تشمل معا فنيات وادوات الكاتب يتصاعد بها نحو الذروة في عقد وحيكات والتي تصتدم بالقوة الروحية التي تعادي وتفوق الماديه وتسقطها في النهاية لتكون هكذا في قلم الاديب نهاية أو خاتمه الصراع والروايه. مدخل(3) لدينا اذن عوامل ساعدت علي ان تكون( سرة البلد للكاتب الكبير أحمد محمد عبده) بهذا الشكل الذي لا يشابه مرويات الأخرين ولا حتي أعماله السابقة( مكاشفات البحر الميت, ثعالب الدفرسوار) استشفها من الاحوال التي طرأت علي التواصل الذي ينشده الكاتب وحياة الناس والذي أصبح نتيجة تجدد الصراعات واستمراريتها في حقبة حرب حقيقية تمارس وتتماس مع الشكل الذي اختاره محدثا نوعا من التوازن بين الحدوته بتفاصيلها الفنية والذات الجمعية للبشر الان ومن قبل وهو بذلك لم يهمل العمق والاستبطان بين ظاهر العمل والنص وداخله وحتي لا يتهم بتعمد الغموض الموحي لغرض دلالات قدسية بعض القصص والكلمات التي في الميثولجي الشعبي أصل لبعض الأمثال في السياق مخترعا أو راويا متي ضرب ولأي شيء قيل وهو في الافق البعيد( بينما موكب الخديوي يثير العفار والغبار) وهذا النص علي ما فيه من قدره علي المباشره له نفس القدرة علي التأويل والمخاطرات الزلقه نحو( قبر ينقصه شاهد ص76) ويجعلني أتساءل رغم الاجتهادات التي املكها: ما فلسفه هذا الشكل لدي الكاتب أحمد عبده ودلاله التعبير عن لحظات زمنية طويلة بطريقة خاصة وخاطفة في سرعة ايقاع عصرية وهل هذا الايقاع سيحكم نصوصا في المستقبل أو تصمت حائرة ونتأملها في تردد, ولدينا تماما اعتقاد, انه ربما لم نمعن التفكير وتاه منها في دواخلنا عدة رموز بين السرد والوصف والبوح الصادق الصادم ودائرة العفوية ليصل بنا النص في النهاية لمساحة جديدةمن القص رغم ان الادباء والكتاب لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة في ذلك الاتجاه الا وتفاعلوا معها ذهابا وايابا وبأتجاه السماء ايضا وها نحن بصدد نص ينحي تقنيات الحداثه وبلاثوب تقليدي يكثف تفاصيل الانشاء ليصل إلي ان( المباراة انتهت) والجميع قد خسر النقاط ولا يفعل ذلك إلا ذو مهارة ودراية, اليس كذلك يا استاذ أحمد محمد عبده... ام قد أفلت الحديدي من فكي الواقع ونجح في ألا يموت؟