بينما منحت الدولة علاوة اجتماعية15% من الراتب الأساسي لايزال ملف الأجور مشتعلا ولا تجدي معه المسكنات مع استمرار الاحتجاجات الفئوية والمطالبات اليومية بمعالجة الفروق الشاسعة بين رواتب العاملين بنفس القطاع والمطالبة بتنفيذ قرار المحكمة الإدارية الصادر في العام المنصرم2010 والذي يقضي بالزام الحكومة بوضع حد أدني للأجور قيمته1200 جنيه والذي لم ينفذ بحجة أن الاقتصاد المصري لا يحتمل هذه القيمة. خبراء أكدوا أن سياسة الأجور في مصر في حاجة إلي تغيير جذري يربط الحد الأدني بزيادة معدلات الإنتاج وارتفاع الأسعار لضمان تحقيقه لمستوي معيشي كريم. كما أكدوا ضرورة وضع مسافة موحدة للفرق بين الحد الأدني والأقصي علي الا تزيد علي20 ضعفا تتساوي فيها جميع قطاعات العمل بالدولة. وقال د.عبدالرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن إعادة هيكلة الأجور ليست بالعملية العسيرة ويتوقف علي اتخاذ قرارات جادة تعي ضرورة تناسب الحد الأدني للأجور مع المستوي المعيشي حتي يحمي المواطن من ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم. وطالب بضرورة الا يتعدي الفرق بين الحد الأدني والأقصي قيمة تتراوح بين14 إلي20 ضعفا. وقال عليان ان التفرقة الحقيقية في الرواتب تأتي في أغلبها من خلال الحوافز والمكافآت للقائمين بأعمال إضافية ترتبط بزيادة الإنتاج والدخل العام لأي مؤسسة, ولكن هناك من يتخذها كثغرة تنفذ منها قرارات تؤدي إلي ارتفاع خيالي في الرواتب علي حساب فئات أخري من العاملين بنفس المؤسسة لذلك من الضروري وضع سياسة عامة لهذه المكافآت, واقترح أن يتم الاقتداء بنظم ولوائح المؤسسات الغربية لتطبيقها بالمؤسسات المصرية. أضاف: لقد سافرت إلي ماليزيا ووجدت انها اتخذت بالفعل نفس هذه الأساليب الغربية ولم يكن هناك أي صعوبة في تنفيذها. وطالب بضرورة ربط الحد الأدني للأجور بثلاثة محاور أولها الإنتاج ثانيا معدلات التضخم وثالثها مستوي الدخل القومي لضمان تحقيقه للمستوي المعيشي الملائم. وقال عليان إن وضع قيمة محددة للحد الأقصي للأجور لابد أن يأتي بصورة تدريجية قائلا من الصعب أن ينخفض راتب أحد العاملين بالقطاعات المميزة من20 مليون جنيه حتي30 ألف جنيه دفعة واحدة لذلك يجب ان تعالج العملية بشكل شريحي وعلي من لا يستجيب لهذه الضوابط أن يتنحي جانبا ويترك موقع عمله لمن هو أجدر منه بالأجر المناسب. وقال ان النظام التدريجي لخفض الرواتب الخيالية سيساهم في معالجة الميزانية العامة للأجور بحيث يساعد علي توفير حد أدني يناسب الغالبية الذين يعانون من تدني رواتبهم. واقترح أن يتم تطبيق حد أدني يصل إلي600 جنيه يعالج الرواتب الشحيحة للمواطنين لحين استرداد الاقتصاد المصري عافيته لفترة تقدر بعام يتم بعدها دفع الرواتب إلي الحد المطلوب والذي قدر سابقا ب1200 جنيه إذا كان الاقتصاد المصري لا يحتمله دفعة واحدة وقال أتوقع أن المصريين الذين شاركوا في ثورة25 يناير لن يمتنعوا عن ذلك لحين انتعاش الاقتصاد المصري مرة أخري. من جانبها قالت د.نوال التطاوي الوزيرة الأسبق للاقتصاد انه أصبح من المعترف به أن الحد الأدني المعمول به حاليا غير ملائم لمستوي معيشي كريم لذلك فان رفعه أمر لا محالة عنه ولكن لابد أن يتم ذلك بصورة تدريجية بحيث يصل إلي أقرب قيمة مناسبة لحين ارتفاع معدلات التنمية مرة أخري لتضاف بعد ذلك الزيادات التي تتواكب مع معدلات الإنتاج والتنمية قائلة أن أي زيادة مفاجئة ستؤثر علي اتاحة الوظائف في ظل ارتفاع حصيلة الرواتب وهو ما يرتبط سلبيا بحل قضية البطالة. وقالت أنه في المقابل لابد من مراقبة الأسواق وتفعيل دور حماية المستهلك خلال الفترة المقبلة لضمان عدم زيادة الأسعار بما يوازي زيادة الرواتب حتي لا يظل الوضع محلك سر. ورفضت التطاوي عودة التسعيرة الموحدة علي التجار مرة أخري قائلة أنها تلجئ التجار لاستغلال السلع بصورة عكسية من خلال السوق السوداء. أما الدكتور غريب ناصف الخبير المالي والمصرفي فيري أن زيادة الأجور مرتبطة بتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الا تقتصر زيادات معدلات الإنتاج والنمو علي فئة معينة.. وفي نفس الوقت يجب ألا يعتبر العامل أن الأجر حق مكتسب لمجرد وجوده وهو ما يسمي بالبطالة المقنعة التي تضر باقتصاد الدولة لذلك لابد من تحسين اداء العمل ووضع خطط تساعد علي الارتقاء بمستوي الإنتاج حتي يعود علي العاملين وعلي باقتصاد الدولة بما يحقق الأجور الملائمة.. وأضاف أن محاسبة الفاسدين واستعادة الثروات المنهوبة عليهما عامل كبير في تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الميزانية المطلوبة لتحسين الأجور.