بالتزامن مع الاحتفال بيوم اللغة العربية, وهو اليوم الذي اختارته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ألكسو في2009 للتأكيد علي مكانة اللغة العربية في مختلف مجالات الثقافة والتعليم والإعلام بمختلف وسائله وأشكاله, دشنت المنظمة مقرها الجديد في تونس العاصمة في الأول من مارس الحالي بحضور الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي والدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية. المبني الجديد مقام علي مساحة3000 متر مربع وصممه المهندس المعماري التونسي العجمي ميميتا علي شكل كتاب وشارع للثقافة, وحرص المصمم علي الدمج بين الأصالة عبر تزيين واجهته البلورية برسوم من الخط العربي للفنان التشكيلي التونسي نجا المهداوي والحداثة باستعمال الواجهات البلورية واللوحات الرخامية من الجرانيت الملون. ويضم المبني الذي يتكون من سبعة طوابق قاعة شرفية وقاعة عرض وثلاث قاعات للاجتماعات وقاعات للتدريب ومكتبة وقاعة للمطالعة إضافة الي مكاتب مخصصة للعاملين بالمنظمة. الاحتفالية الخاصة بتدشين المقر الجديد ل الألكسو جرت تحت شعار غير معلن مضمونه مواجهة الإرهاب وبدا ذلك واضحا سواء في الكلمات التي ألقيت في الاحتفال بافتتاح المقر الجديد او الندوات التي عقدت علي هامش الاحتفال بما يؤكد ان المقر الجديد سيكون بمثابة منصة ثقافية عربية لمواجهة الإرهاب الذي يهدد الوطن العربي علي اتساعه شرقا وغربا. الرئيس التونسي أشار في كلمته القصيرة في حفل الافتتاح الي أهمية دور الألكسو في توحيد العمل العربي المشترك وضمان تقدم المجتمع العربي وإكسابه المناعة المعرفية والانفتاح الثقافي والفكري الحر لترسيخ قيم الحداثة ومواجهة التطرف والإرهاب, انطلاقا من مجالات تخصصها التربوية والثقافية والعلمية. أهمية دور الثقافة في مواجهة الإرهاب كانت أيضا محور حديث الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي أكد ان الوحدة الثقافية تعد عاملا أساسيا في وحدة شعوب المنطقة العربية لمواجهة خطر التطرف الديني والفكري ومكافحة ظاهرة الإرهاب المتنامية ودعا في ذات الوقت إلي العمل علي إصلاح منظومة التعليم بالوطن العربي وتطويرها والعمل علي القضاء علي الأمية من أجل بناء أسس دول حديثة ومتماسكة وصنع المستقبل الزاهر. وأشار إلي أهمية حماية اللغة العربية والمحافظة علي ثقافتنا وانتصار العقل والهوية العربية والتنوع في المنطقة وضرورة الاهتمام بالتفكير العلمي والمنهج العلمي في العلوم والآداب. المدير العام ل الألكسو الدكتور عبد الله محارب أشار الي أن المنظمة وهي تبدأ مرحلة جديدة انطلاقا من مقرها الجديد تضع التعليم ودعمه وتطويره في مقدمة الأولويات لأمتنا ومجتمعاتنا العربية, فهو الأمل الباقي لبناء مستقبلها المشترك.. مؤكدا ان تهميش العملية التعليمية وغياب الاهتمام بها منذ عقود طويلة أحدث ضررا مباشرا للإنسان العربي والذي أصبح مهمشا وحائرا بين حاضر مرتبك ومستقبل غائم. وأشار إلي أن هناك قضية كبري وهي اللغة العربية والمحافظة عليها ونشرها وتحبيبها إلي القلوب الناشئة لأنها لب وحدتنا الثقافية والحصن الحقيقي الذي يجمع العرب من المحيط إلي الخليج بالإضافة إلي قضية الأمية حيث يضم المجتمع العربي نحو14 مليون طفل محرومين من التعليم ويمكن تحويلهم بكل بساطة إلي مشروع إرهابي وأن تقديرات المرصد العربي للتربية عام2015 تؤكد أن هناك54 مليون أمي وأمية من الفئة العمرية البالغة15 عاما فما فوق منهم6 ملايين من فئة15-25 عاما أي بنسبة تتجاوز11% من مجموع الأميين وأن هذا العدد عام2024 سيتزايد بشكل مخيف إذا لم يتغير حال الوضع التعليمي في جميع الدول العربية. وعلي هامش الاحتفال بافتتاح المقر الجديد عقدت3 ندوات الأولي عن دور الإعلام في مواجهة التطرف والإرهاب والثانية عن دور الفنون والأخيرة عن تحديات مشروعات النهوض باللغة العربية.. كما أقيمت معارض فنية شملت معرض الصور الفوتوغرافية عن مدينة القدس ومعرض التراث العالمي في البلدان العربية ومعرض صور القيروان.. المنبع ومعرض المسلك الأموي. وحذرت ندوة دور الإعلام من السعي وراء السبق الصحفي والترويج للتنظيمات الإرهابية, وطالبت بوجوب وضع آليات وميثاق إعلامي عربي لمواجهة الإرهاب.. وكذلك تفادي السقوط في فخ تضخيم دور الإعلام في مواجهة التطرف الفكري والإرهاب باعتبار الإرهابيين يستخدمون الميديا الاجتماعية في كافة مراحل العمليات الإرهابية من استقطاب وتخطيط وتنفيذ ومتابعة. بينما أكدت ندوة الفنون أن الفن قادر علي مقاومة الإرهاب إذا ما تم توفير المؤسسات الثقافية الكفيلة باحتضانه وتشجيعه وتحقيق المصالحة بينه وبين شباب العالم العربي.. وأشارت إلي أن الدول العربية تحتاج إلي ثقافة فعلية وعميقة ومتأصلة تكون سلاحا لمقاومة التطرف وذلك من خلال العمل علي إعداد منظومة تربوية تعلم الموسيقي والرسم والأدب لتشكل قاعدة فنية تراهن علي خلق مواطن متوازن وسوي. واختتمت فعاليات الاحتفال بتدشين المقر الجديد ل الألكسو بعرض موسيقي صوفي قدمته فرقة ابن عربي في قاعة المملكة العربية السعودية بمقر المنظمة, أنشد فيه عبد الله منصور الخليع, قصائد عربية رائعة لابن الرومي وابن عربي.