تأتي أهمية مسألة السياسات التي تحكم أسعار الفائدة وأسعار صرف العملات من جانب الحكومة كأداتين حاكمتين من أدوات السياسة المالية والنقدية بما لهما من تأثير جوهري علي جذب الاستثمار والتجارة مع العالم الخارجي من خلال التصدير أو الاستيراد حيث أن أسعار الفائدة السائدة وكذلك أسعار الصرف مسألتان معقدتان تختلف الآراء حولهما,علي الرغم من أن استقرار سعر العملة شيء طيب جدا في الظروف العادية,الا أنه ينطوي علي مشكلة كبيرة إذا كان اقتصاد الدولة يعاني من معدل كبير من ارتفاع الأسعار(التضخم). ومن المتعارف عليه أنه لا ينبغي أن يقل معدل سعر الفائدة عن معدل التضخم في الدولة وإلا أصبح ذلك بمثابة عقاب للمدخرين ومشجع علي الإسراف في الاستهلاك.. كما أن الفوائد العالية والمعفاة من الضرائب هي معوق للاستثمار طويل الأجل, وتزيد من تدفق ما يسمي برؤوس الأموال..فإذا ما كانت الحكومة لا تريد التدخل مباشرة في سعر الجنيه, فإنه لا خيار أمامها الا اتخاذ خطوات جريئة لتشجيع الاستثمارات والصادرات, مما يتطلب في هذه الحالة تخفيض أسعار الفائدة مع اي تحسن تدريجي في معدل التضخم. وسوف يترتب علي هذا التخفيض ثلاثة نتائج إيجابية..أولها:تخفيض تكاليف تمويل الاستثمارات الجديدة مما يعتبر عاملا مكملا للإجراءات التي تتخذها الحكومة لتشجيع تلك الاستثمارت وتشجيع التصدير,بسبب التأثير غير المباشر لانخفاض سعر الفائدة علي سعر الصرف,مما يجعل سعر السلع المصرية أقدر علي المنافسة في الخارج..وحماية الاقتصاد القومي من التقلبات التي تترتب علي وفود أموال كبيرة تبحث عن ربح سريع وتهرب عند أول بادرة بتوافر ربح أكبر في الخارج. إن ثبات سعر الصرف( أي ارتفاعه الحقيقي) سوف يترتب عليه زيادة أسعار جميع السلع المستوردة بعد تقويمها بالجنيه المصري..واذا كان من الممكن التخفيف من عبء الزيادة بتخفيض الجمارك,وهذا التخفيف سوف يقتصر علي السلع التي تخضع للجمارك ولا تستفيد منه السلع المعفاة من الجمارك. وقد يترتب علي تخفيض سعر الصرف إحجام بعض الذين يحولون أموالهم الي مصر بغرض الاستثمار في ودائع عن تحويل أموال جديدة,وان كان التخفيض سوف يغري آخرين بمزيد من التحويل لحصولهم علي مبالغ اكبر بالجنيه المصري خاصة اذا ظلت أسعار الفائدة عالية كذلك يترتب علي تخفيض سعر الجنيه زيادة المبالغ التي تلتزم الحكومة بدفعها لخدمة ديونها الخارجية عند تقييم تلك المبالغ بالجنيه في الموازنة العامة للدولة..ومن شأن تخفيض سعر الصرف أن يساعد في الظروف في زيادة السياحة باعتبار ان الإقامة بمصر سوف تصبح اقل تكلفة بالنسبة للزائر من الخارج. في موقف معقد كهذا,واضح أن علي الحكومة أن تختار,فإذا كانت الحكومة تريد تشجيع الصادرات والسياحة والحد من الواردات عليها أن تقوم بتخفيض سعر الجنيه.وإذا كانت تخشي من ارتفاع اسعار السلع المستوردة ولا تريد تخفيض سعر الصرف فان عليها ان تفعل شيئا آخر لتشجيع الصادرات والسياحة والحد من الواردات..فإما أن تخفض الحكومة الجنيه وتقوم بنفس الوقت بدعم السلع الضرورية المستوردة لاستهلاك الفقراء والتي لا يمكن تخفيض الجمارك عليها بنفس النسبة لأنها معفاة من الجمارك( مع احتمال ارتفاع عجز الموازنة في هذه الحالة الا اذا كانت الزيادة في الدعم في حدود زيادة حصيلة الجمارك علي السلع الاخري التي تزيد حصيلتها بالجنيه)..أو لا تتدخل الحكومة في سعر الجنيه وتحافظ علي الجمارك العالية وتقوم بدعم الصادرات والسياحة..وأخيرا فإنه إذا لم تفعل الحكومة هذا ولا ذاك,فإن النتيجة الحتمية هي استمرار انخفاض الصادرات المنظورة وغير المنظورة,وزيادة الواردات أو زيادة الجمارك عليها وتبعا لذلك استمرار الركود والبطالة. عضو المجالس القومية المتخصصة [email protected]