علي باب الله, يطارد حسن لقمة العيش, يسعي لها متي تيسرت, في صباحات الشتاء الباردة أو لياليه الماطرة, في حر الصيف عندما يتبخر هواء القاهرة بفعل الشمس الحارقة ولا يتبقي إلا عوادم السيارات, يعمل في أي مهنة, عتال يحمل المونة والأسمنت والطوب علي كتفيه, أو نحات يشق في الحوائط والخرسانة المسلحة بأزميله شقوقا تثبت فيها مواسير الكهرباء, يبيع التين في موسمه أو البلح الأمهات, شابا كان, حصل علي مؤهل متوسط لا يسمن ولا يغني عنه شيئا في سوق العمل, كان سعيدا وراضيا, الشباب والصحة تزين له الدنيا فينهل منها ما استطاع ويضحك ملء فمه, إن وجد عملا واكتسب بعض النقود أنفقها, ولا يحمل هما للغد, وإن لم يجد فلا بأس, هي أيام وتمر. ومرت الأيام وتغير الحال, لم يعد شابا خاليا, بل صار زوجا وسرعان ما رزق بالبنات, منة الله ثم مروة, لم يعد العمل يوما ويوما وحسب الظروف يناسب حاله أو يلبي احتياجات أسرته الصغيرة, بحث عن عمل دائم, وجاءت الفرصة, في الواقع لم تكن فرصة بالمعني المعروف, إنها وظيفة مؤقتة في وزارة الزراعة التحق بها في بدايات عام2002, والراتب؟ لا راتب, بل بدل انتقال قيمته41 جنيها, فكر ألف مرة ألا يلتحق بالعمل, ولكن قيل له لا بأس, عام ويتم تثبيتك وتصبح ذا دخل ثابت, أو ربما عامان, والأيام تمر سريعا, كان يذهب إلي عمله المؤقت في وزارة الزراعة, ينفق أكثر مما يحصل عليه, ثم يعود ليبحث عن عمل يعيش منه هو وأسرته الصغيرة, والأيام تمضي ويكبر الأمل في أن التثبيت قادم. هل مر عام؟ نعم, مر عام وعام, وأصبح الأولاد ثلاثة بعد أن رزقه الله بمحمد, لم يأت التثبيت, مرت أعوام تسعة علي عمله المؤقت وقامت ثورة غيرت وجه الحياة في مصر, وأطلقت الوعود بتثبيت كل المؤقتين, لكن عم حسن, وقد صار كهلا, لم يتم تثبيته, لجأ إلي كل المسئولين, وطرق كل الأبواب ولا مجيب. منذ أيام مرت الذكري الرابعة عشرة لعمله المؤقت, لا يزال عم حسن يعمل بوظيفة مؤقتة بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي, لا يحصل علي راتب, فقط41 جنيها بدل انتقال, كبرت أسرته والتحق أولاده بمراحل التعليم المختلفة, واشتعلت الأسعار, وزادت المسئوليات, وعم حسن خليفة أبو زيد فتح الباب لا يزال يتمسك بالأمل, ويرسل للمهندس عصام فايد, وزير الزراعة, التماسا ورجاء أن ينظر إلي حالته بعين الإنسان, وأن يصدر قرارا بتعيينه في مديرية الزراعة بالقاهرة بالملك الصالح, حفاظا علي مستقبل الأسرة, ورحمة به وتقديرا لما بذله من جهود خلال الأعوام الأربعة عشر التي عمل فيها مؤقتا وبلا مقابل تقريبا. علي حافظ