إن تنفيذ برنامج الرئيس مبارك لتطوير التعاونيات الزراعية يتطلب الاستفادة من التجارب التعاونية العالمية وفي المقدمة التجربة الألمانية. وتعتبر التعاونيات الزراعية في ألمانيا التي نشأت علي يد أبو الائتمان التعاوني الزراعي في العالم فيلهم رايفأيزن منذ165 عاما هي النموذج الأمثل لأنه يطبق في أكثر من مائة دولة. وللحقيقة أن الدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق شكل في عام2001 لجنة تطوير التعاونيات الزراعية بالاستفادة من هذه التجربة الألمانية الرائدة في إطار اتفاقية التعاون الفني بين مصر وألمانيا طبقا لاقتراح الدكتور سعد نصار المشرف علي المشروعات الألمانية. وقد ضمت اللجنة نخبة ممتازة من القيادات التعاونية الزراعية الشعبية والعلمية والتنفيذية علي رأسها المهندسون محمد رضا اسماعيل ومحمد رسلان وفريد عبدالشافي وأحمد صادق وأبو العباس عثمان ومحمود أبوغريب والمهندس فؤاد أبوالدهب وسيد حماد مصطفي والدكاترة ابراهيم صديق والمرحوم مصطفي رأفت ومنير فوده ويحيي زهران وكل من المستشار حسني أبوالسعود ومحمد رشاد والمهندسة بدر توما والمهندسون صالح يونس وعادل طلعت ونبيل صبري. كما ضمت اللجنة من الجانب الألماني الدكتور باول أرمبوستر مدير ادارة التعاون الدولي باتحاد رايفأيزن التعاوني مهندس إصلاح التعاون الزراعي في بلدان أوروبا الشرقية وراي مفوبودا أبرز خبراء التدريب التعاوني وكرسيتيان بولاك مدير مكتب هيئة المعونة الفنية الألمانية بالقاهرة, والدكتور جيرهارد أولدا رئيس فريق العمل الألماني. وقد انتهت اللجنة بعد عمل جاد متواصل من خلال ندوات نقاشية وورش عمل علي امتداد24 شهرا من اعداد مشروع استراتيجية التعاونيات الزراعية حتي عام2017 والتي قرر مجلس ادارة الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي اعتمادها كخطة عمل للاتحاد ابتداء من عام2005 2006 وقد اتيحت لي الفرصة لدراسة التجربة التعاونية الزراعية عن قرب في زيارات ميدانية أكثر من مرة نظمها الدكتور فتحي باطه مدير مشروع مؤسسة ناومان لتطوير التعاونيات الزراعية بالاسماعيلية خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي, كما أتاح لي الدكتور يوسف والي عام2003 القيام بزيارة ميدانية لاعداد تقرير للجنة تطوير التعاونيات عن الصورة الحالية للتطبيق التعاوني الزراعي في ألمانيا. توجد في ألمانيا حوالي3200 جمعية تعاونية زراعية ريفية بعد أن كانت9000 جمعية في الثمانينيات من القرن الماضي تضم4.31 مليون عضو.. هي القاعدة الديمقراطية للانطلاقة العصرية العلمية التي تعيشها الزراعة الألمانية اليوم. ويبلغ نصيب التعاونيات الزراعية الريفية20% وتبلغ مبيعاتها السنوية37 مليار يورو تمثل50% من المبيعات الزراعية في ألمانيا من الناتج الاجمالي القومي. إن عدد الفلاحين بألمانيا حوالي700 ألف فلاح, ولكن كل فلاح باختياره الحر لمبدأ عضوية الباب المفتوح عضو في أكثر من جمعية تعاونية زراعية متخصصة. وطبقا للأصول الخاصة بالادارة العلمية العصرية فإن الحركة التعاونية الزراعية الألمانية تضم في مختلف مستويات بنيانها بتخصصاته المختلقة14 ألفا من الخبراء الفنيين والعاملين. إن نشاط التعاونيات الزراعية الالمانية يصل الي أعمق مظاهر حياة الأعضاء إذ تساعد الفلاحين علي سبيل المثال في بيع المنتجات الزراعية( عبر تعاونيات التسويق) بأفضل الشروط التسويقية, وعلي شراء مستلزمات الانتاج والآلات الزراعية( عبر تعاونيات الشراء) وتزويد المناطق الزراعية بالسلع والموارد الضرورية كالوقود بأسعار مناسبة( عبر التعاونيات الاستهلاكية) والحصول علي قروض مناسبة( عبر تعاونيات القروض المصرفية) ويشمل نشاط وخدمات هيئات رايفأيزن التعاونية أيضا ميادين مختلفة ومتنوعة تزيد علي مجرد البيع والشراء والاستهلاك والقروض, إذ تقدم هذه الهيئات لأعضائها المشورة علي اختلاف أنواعها الي جانب التدريب المهني والدعاية بالوسائل والطرق العلمية الحديثة. وقد ساهمت تعاونيات حفظ المواد والمنتجات وتبريدها في تقديم عروض ومنتجات واسعة ذات أسعار معقولة وثابتة في نفس الوقت الذي زالت فيه أخطار زيادة عرض المنتجات الزراعية في المواسم الغنية التي كانت تؤدي الي خسائر كبيرة للمزارعين, كما ساهمت وظيفة الادارة والتسويق في تصريف المنتجات الزراعية السريعة العطب كمنتجات الالبان ومشتقاتها والفاكهة والخضراوات. ولم تعد الحركة التعاونية الزراعية في المانيا تقتصر علي توزيع السلع والبضائع إلا بهدف تطوير الزراعة وتنشيط الحركة المصرفية والتأثير عليها فقط بل برزت تعاونيات التصنيع التي أدخلت التعاونيات في مرحلة الانتاج نفسها إذ أخذت هذه التعاونيات تسعي الي خفض نفقات الانتاج الداخلية وخفضها عن طريق ادخال الوسائل والطرق التكنولوجية علي كثير من أعمال المؤسسات التعاونية. وتقوم تعاونيات الآلات والتبريد اليوم علي سبيل المثال بتأمين الامكانيات اللازمة لتحقيق الادارة الاقتصادية العلمية, كما أدخلت أساليب التقدم التكنولوجي في تعاونيات التسويق.