يقول مسئولون أمريكيون بارزون ومديرون تنفيذيون بكبري شركات السلاح في الولاياتالمتحدة إن تلك الشركات تلهث لتلبية الطلب المتزايد علي الصواريخ دقيقة التوجيه وغيرها من الأسلحة المستخدمة في الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد( داعش) وفي صراعات أخري بالشرق الأوسط. وزاد الطلب العالمي بشكل مطرد علي الصواريخ أمريكية الصنع وعلي ما يطلق عليها القنابل الذكية منذ استخدامها في حرب الخليج الأولي لكن الولاياتالمتحدة وعددا من حلفائها يسارعون الآن لضمان توفير إمدادات ثابتة من تلك الأسلحة لحرب يتوقع أن تستمر طويلا ضد( داعش)الذي أجج استفحال قوته الصراع في سوريا ومناطق مختلفة من الشرق الأوسط. ويقول مسئولون أمريكيون إن صانعي السلاح أقروا ورديات عمل إضافية واستعانوا بمزيد من العمال لكنهم يواجهون صعوبات تتعلق بقدرات مصانعهم وقد يحتاجون لتوسيعها بل وفتح مصانع جديدة لمواصلة تدفق الأسلحة. وقد يسفر هذا عن قوائم انتظار أخري في وقت يجهر فيه حلفاء الولاياتالمتحدة بالقلق من البطء الشديد من قبل واشنطن في نظر طلبات السلاح. وأدت الهجمات الدامية التي نفذها( داعش)في باريس الشهر الماضي إلي زيادة الضغط علي حملة القصف التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد التنظيم في العراقوسوريا.. وخلال الحملة نفذ الحلفاء8605 غارات جوية بتكلفة تقدر بنحو5.2 مليار دولار منذ بدأت وحتي الأربعاء الماضي. في نفس الوقت يشن تحالف تقوده السعودية ويضم البحرين والإمارات وتدعمه واشنطن حملة عسكرية في اليمن منذ تسعة أشهر ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران.. كما تزود دول الخليج العربية جماعات معارضة تقاتل قوات الحكومة السورية بسلاح أمريكي الصنع. وقال مسئول تنفيذي بإحدي شركات صناعة السلاح الأمريكية مشترطا عدم نشر اسمه إنه مجال نمو هائل بالنسبة لنا.. كل من في المنطقة يتحدث عن تخزين أسلحة لفترة تتراوح بين خمس وعشر سنوات. ويقولون إنها ستكون معركة طويلة ضد داعش. ويبدو تأثير ذلك واضحا في مدينة تروي بولاية آلاباما الأمريكية حيث تصنع شركة لوكهيد مارتن صواريخ جو-أرض من نوع هيلفاير في منشأة شديدة التأمين علي مساحة كبيرة من الأرض تحفها غابات ومراع للخيول. وقالت كاثلين سوير رئيسة غرفة التجارة بمقاطعة بايك إن عملية التوسع ستساعد المجتمع المحلي الذي يسجل بالفعل واحدة من أدني معدلات البطالة في الولاية.. وأضافت انظروا لمنطقة وسط المدينة لدينا.. كل المتاجر تقريبا مفتوحة ونحن في انتظار فتح المزيد. وقال مسئول تنفيذي مطلع إن لوكهيد أضافت وردية عمل ثالثة في مصنعها الذي يعمل به325 شخصا اعتبارا من فبرايروهذا هو الحد الأقصي الذي يمكن للمصنع استيعابه من العمال. وأعلنت الشركة في فبراير الماضي أنها ستضيف240 عاملا آخرين بحلول2020 وستوسع مصنعها الذي ينتج أيضا صواريخ جو-أرض لا يتم رصدها بالرادار زنة الواحد907 كيلوجرامات. وقال فرانك كيندول رئيس قطاع المشتريات بوزارة الدفاع الأمريكية( البنتاجون) لرويترز الأسبوع الماضي إن هناك طلبا قويا علي صواريخ هيلفاير بالتحديد, وسعر الصاروخ الواحد منها بين60 ألفا و100 ألف دولار وهو رخيص بالمقارنة بصواريخ أخري كثيرة ويمكن إطلاقه من أي مكان مثل طائرة أو هليكوبتر أو سفينة لتدمير عربات مدرعة أو اختراق بناية. وقال كيندول ومسئولون أمريكيون كبار آخرون لرويترإنهم يعملون مع لوكهيد مارتن وشركتي رايثيون وبوينج لتسريع وتيرة إنتاج الذخيرة الدقيقة وربما إضافة قدرات جديدة. وأضاف نحن نراقب عن كثب وندرس الحاجة لزيادة القدرات. وحققت أسهم شركات الدفاع أداء قويا في الأشهر الماضية مع توقعات بنتائج أفضل. وارتفعت الأسهم أكثر بعد هجمات باريس. وزادت الموافقات علي مبيعات الأسلحة الأمريكية للخارج بنسبة36 بالمئة لتسجل46.6 مليار دولار منذ بداية2015 وحتي سبتمبرالماضي مقارنة بنحو34 مليارا عن عام سابق. وقفزت الموافقات علي مبيعات الصواريخ والقنابل الذكية وغيرها من الذخيرة لحلفاء الولاياتالمتحدة إلي مبلغ يقدر بستة مليارات دولار في العام المالي2015 مقارنة مع3.5 مليار دولار عن عام سابق. وهذا العام وحده أقرت الحكومة الأمريكية بيع صواريخ هيلفاير لكوريا الجنوبية وباكستان والسعودية ولبنان وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا. وفي يونيو الماضي قال الجيش الأمريكي إنه طلب من لوكهيد مارتن زيادة إنتاج صواريخ هيلفاير من500 صاروخ كل شهر إلي650 بحلول نوفمبر. وقال مسئول بوزارة الخارجية الأمريكية طلب عدم الكشف عن هويته هناك قوائم انتظار كبيرة لصواريخ هيلفاير والشركة لا تنتج العدد الكافي. ورفضت لوكهيد تقديم تفاصيل إضافية عن الطريقة التي تنوي بها تلبية الطلب المتزايد علي هذا النوع من الصواريخ وعلي الذخيرة الأخري. وبالإضافة للمبيعات المعتمدة لجيوش أجنبية فإن الكثير من مبيعات الذخيرة يخضع لاشراف وزارة التجارة الأمريكية ويجري التفاوض فيها مباشرة بين الدول والشركات. وقال كيندول إن الطلب كبير أيضا علي معدات قذائف هجومية من إنتاج بوينج لديها القدرة علي تحويل ذخائر غير موجهة إلي قنابل ذكية واستخدمت مرارا في ضرب أهداف لداعشفي العراقوسوريا. والشهر الماضي أقرت وزارة الخارجية الأمريكية صفقة بقيمة1.29 مليار دولار مع السعودية لبيع22 ألفا من معدات القذائف الهجومية وأنواع أخري من القنابل دقيقة التوجيه. وقالت بوينج إنها زادت إنتاجها اليومي من هذه المعدات في مصنع خارج سانت لويس بنسبة80% في يوليو الماضي لتلبية طلب من الجيش الأمريكي ومن25 بلدا آخر..ورفضت شركة رايثيون وهي واحدة من كبار منتجي الذخائر في الولاياتالمتحدة التعليق علي إنتاجها من الصواريخ. وقال كيندول إن الشركة لديها منشأة كبيرة تنتج الصواريخ في تاسكون بولاية أريزونا وانها قد تزيد الإنتاج بنسبة كبيرة..وأضاف أن المصنعين الأمريكيين استجابوا بشكل جيد جدا لكن بعض المصانع وصلت بالفعل للطاقة القصوي وإن الشركات ستحتاج لسنوات لتقوم بالتوسعات اللازمة. وقال أيضا إن الحكومة الأمريكية قد تتقدم للمساهمة في تكاليف المصانع الجديدة لكن التعامل سيجري مع كل حالة علي حدة. ويستغرق الأمر وقتا من نظام الإدارة الأمريكي لنظر الطلبات من الخارج والداخل وتحويلها لعقود للشركات لكن هذا ما يحدث الآن ووصل بكثير من المصانع للطاقة القصوي وفقا لمسئولين تنفيذيين قالوا إنهم غير مخولين بالحديث. وقال جو ريكسي مدير وكالة التعاون للأمن الدفاعي بالبنتاجون وهو ضابط كبير بالبحرية إن صناعة السلاح تفي بالطلب حتي الآن لكن الضغوط في ازدياد. واضاف:نحن نتحرك لتحقيق المطلوب. نعمل علي زيادة طاقة العمل والورديات. وتعززت أسهم الشركات العاملة في مجال الدفاع بعد إقرار الكونجرس ميزانية تضمن تمويلا مستقرا للعامين الماليين2016 و2017 وتضمن كذلك عمليات إعادة بيع الأسهم وتحقق نموا في الثقة بقرب انتهاء مشاكل الإيرادات. وقالت رايثيون لمحللين في أكتوبرالماضي إن مبيعاتها من الصواريخ التي تقدر بنحو28% من إجمالي الإيرادات قد قفزت بنسبة11% في الربع الثالث وتبدو مهيأة لمزيد من النمو في الربع الأخير من العام. ولا تطرح لوكهيد وبوينج أي تفاصيل عن مبيعاتهما من الصواريخ لكن المحللين يقدرون أنها تشكل نسبة صغيرة نسبيا وإن كانت في ازدياد من مبيعاتها في قطاع الدفاع. ومن المتوقع أن تؤدي زيادة الطلب علي الأمد الطويل إلي تعزيز إيرادات كبار موردي السلاح مثل أوربيتال وإيروجيت وروكيتداين هولدينج التي تنتج أنظمة الدفع لكثير من الصواريخ. وقال الجنرال مارك ويلش رئيس أركان سلاح الجو الأمريكي إن طلبات الجيش الأمريكي زادت خلال السنوات الماضية لسد النقص في مخزوناته وزيادتها لكن الأمر يحتاج لمزيد من العمل..وأضاف أن واشنطن تشجع حلفاءها علي فعل الشيء نفسه. وقال ويلش قبل أيام بعدما ألقي خطابا في مؤسسة المجلس الأطلسي علينا جميعا أن نعمل بشكل أفضل فيما يتعلق بالتخطيط المسبق للذخائر لأنها غالية الثمن ولا نملك قاعدة صناعية قادرة علي التوسع بين عشية وضحاها لإنتاجها. وبالنسبة للبلدات والمدن الأمريكية التي تعتمد في النمو علي صناعة الأسلحة فإن التوسع يمثل لها انباء اقتصادية جيدة رغم الزيادة في الصراعات العالمية.