بعد يوم من المناقشات الجادة حول تنافسية الاقتصاد المصري أكد خبراء أن هناك مؤشرات تؤكد أن مصر تسير علي الطريق الصحيح, إلا أنهم طالبوا بضرورة تغيير مؤشرات ضعف الثقة في الاداء الحكومي لارتباطها بتقييم الاقتصاد المصري دوليا و ضرورة الاستناد علي قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة وسليمة وتقييم دوري للسياسات والاجراءات الحكومية من اجل ضمان تحقيقها للنتائج المرجوة. واكدت الدكتور نهال المغربل مساعد أول وزير التخطيط والمتابعة والاصلاح الاداري ان رؤية الحكومة لعام2030 تهدف الي تحسين مركز مصر في مؤشر التنافسية عالميا الي المركز ال30 مقابل المركز116 حاليا, مشيرة الي انه لتحقيق هذا الهدف نحتاج لإحداث اصلاح شامل لبيئة الاقتصاد الكلي بما يخفض عجز الموازنة العامة لما يتراوح بين3% و5% من الناتج المحلي مقابل نحو12% العام المالي الماضي, وايضا تخفيض نسبة الدين العام من اكثر من90% حاليا الي ما يتراوح بين60% و70% بحلول عام.2030 وكشفت عن وجود مناقشات حاليا داخل وزارة التخطيط والوزارات المعنية بتحقيق هذه المؤشرات حول اولويات تحقيق هذا الاصلاح وهل تنصرف جهود الحكومة الي زيادة معدلات النمو الاقتصادي طبقا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيادة النمو1.5% سنويا عن مستوياته الحالية من اجل توفير المزيد من فرص العمل وبالتالي تخفيض معدلات البطالة بنسبة1.5% ايضا ام نهتم اولا بتخفيض الدين العام كما تقضي التكليفات. جاء ذلك خلال مؤتمر اصلاح منظومة ادارة المالية العامة في مصر والذي نظمه المجلس الوطني المصري للتنافسية ضمن مبادرة الادارة المالية العامة كاداة لدعم الشفافية والمساءلة, بالتعاون مع وزارتي التخطيط والمالية وحضره مساعد اول وزير المالية الدكتور محمد معيط, والدكتورة يمني الحماقي استاذ الاقتصاد بعين شمس, ومي البطران ومنال ماهر عضوا مجلس النواب وعدد كبير من الخبراء والمهتمين بسياسات المالية العامة. وقالت د.نهال المغربل ان المناقشات تركز ايضا علي ايجاد آليات جديدة لحل ما يبدو انه تعارض في الاهداف, مشيرة الي ان مبادرة مجلس التنافسية تاتي في وقت بالغ الاهمية للمساهمة في حل تلك المعضلة من خلال اكتشاف خيارات ومسارات جيدة يمكن ان تتبعها الحكومة من أجل تحسين تنافسية الاقتصاد المصري وزيادة قدرته علي جذب الاستثمارات المحلية والاجنبية حتي يحقق معدلات النمو المطلوبة بصورة مستدامة. واشارت الي ان وزارة التخطيط تتطلع لتوصيات المؤتمر لمساعدة صناع القرار والعاملين بالجهاز الحكومي علي انجاز مهمتنا في ايجاد بيئة اقتصادية اكثر تنافسية, مؤكدة الاصلاح الاقتصادي ليس بالمهمة السهلة ودائما لها تكلفة. من جانبه اثار زهير داسو المستشار الاقتصادي لبرنامج الشراكة العربية التابع للسفارة البريطانية بالقاهرة قضية تزايد الانفاق العام في مصر لمستويات تجاوزت المائة مليار دولار في آخر عامين, وهو ما يعادل الناتج المحلي لدول المغرب وتونس وكينيا مجتمعين وهو ما يدل علي أن الاقتصاد المصري اقتصاد متنام, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا مدي العائد الذي سيتحقق للمواطنين اذا احسن توجيه هذه المبالغ وارتفع العائد المحقق من الاستثمارات العامة, وهو ما يوضح اهمية مبادرة مجلس التنافسية الخاصة باصلاح ادارة المالية العامة. وقال ان النجاح الاقتصادي لا يعني تحقيق حلم في المستقبل وانما احداث تحولات اقتصادية في المجتمع كما فعلت النمور الآسيوية التي حسنت بدرجة كبيرة من مستويات خدمات الصحة والتعليم وايضا مثل الصين التي تعد حاليا اكبر مساهم في الحد من الفقر علي مستوي العالم. واشاد بسياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي وخططه لإنشاء مدن مليونية جديدة والتي اصبحت قيد الانشاء الآن, وايضا التزامه بالمعايير الدستورية الخاصة بالانفاق علي التعليم والصحة والبحث العلمي, لافتا الي ان مجلس النواب الجديد سيكون له دور في عملية الاصلاح الذي يحتاج كما اثبتت دراسة بريطانية اجريت عام2009 الي3 عوامل ادارة جيدة وشعب جيد وساسة جيدين. من جانبه اكد سيف الله فهمي رئيس مجلس ادارة المجلس الوطني المصري للتنافسية ان مبادرة المجلس جزء من مبادرات يتبناها المجلس لتعزيز الحوار المجتمعي بين صناع القرار والمجتمع المدني ممثل في منظمات الاعمال والبرلمانيين والخبراء والاعلاميين, حيث نحتاج لتعريف المجتمع بما يفعله الحكوميون وذلك ليس من خلال اصدار توصيات توضع في الادراج وانما من خلال تبني حوار فعال ومستمر بين جميع الاطراف كي تنفذ ما يخرج من توصيات وافكار جديدة لعلاج مشكلاتنا الاقتصادية والاقناع باهمية الاصلاحات وما ستحققه من نتائج تنعكس علي حياة المجتمع ككل. وأكدت امينه غانم المدير التنفيذي للمجلس الوطني للتنافسية اهمية مبادرة اصلاح ادارة المالية العامة التي ظهرت اهميتها علي الساحة العالمية مع الازمة المالية العالمية حيث كشفت ازمات اليونان والبرتغال عن اهمية تفعيل حقيقي لمبادئ الشفافية والمساءلة في ادارة السياسات المالية. وقالت انه بدون حوار مجتمعي وتفهم لقضايا الاصلاح واهدافه لن نضمن تحقيق النتائج المستهدفة ناهيك عن استمرار تنفيذ الاصلاح, مشيرة الي ان العجز الحالي بالموازنة العامة يظهر مدي الحاجة لاستمرار تنفيذ اصلاحات ادارة المالية العامة لتحسين تنافسية الوضع الاقتصادي والتغلب علي مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في الحصول علي تمويل من الجهاز المصرفي. واضافت ان مبادرة المجلس لإدارة حوار مجتمعي حول قضايا السياسات المالية يستهدف تغيير ضعف مؤشرات ثقة المواطنين في السياسات الحكومية وفي السياسيين حيث ان هذه الانطباعات الخاطئة ترتبط ايضا بالمؤشرات الاحصائية لتنافسية الدول. وقالت ان مجلس التنافسية يسعي الي ان يصبح منبر جامع للاطراف المعنية بسياسات ادارة المالية العامة وترشيد الانفاق العام وتعزيز كفاءة ادارته في دائرة من الحوار المنظم. من ناحيته اكد ماركو كانجيانو مساعد مدير صندوق النقد الدولي الاسبق واستاذ الاقتصاد بجامعتي هارفرد ونيويورك, ان تجربة الاتحاد الاوروبي مثال جيد لفشل سياسات الاصلاح وتعثرها لسنوات قبل ان تحقق النجاح اخيرا, حيث تعلمت تلك الدول من عثراتها كيف تصنع النجاح, مؤكدا ضرورة الاستناد علي قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة وسليمة وتقييم دوري للسياسات والاجراءات الحكومية من اجل ضمان تحقيقها للنتائج المرجوة. وقال انه يثق ان مصر علي المسار الصحيح للاصلاح الاقتصادي من خلال تبني صناع القرار لحوار مجتمعي حول الاصلاح وضروراته. واشار الي ان معظم دول العالم تعاني من تمتعها بموارد قليلة واحتياجها للانفاق علي العديد من البرامج والقطاعات لتحقيق التنمية الاقتصادية, وهو ما يمثل صعوبات امام صانع القرار لإدارة مالية الدولة والتي تعني المساعدة في ارساء مناخ اقتصادي مستقر وزيادة كفاءة المخصصات المالية التي تقدمها الموازنة العامة, وهو ما يؤكد اهمية تحسين ادارة المالية العامة. واضاف ان التجارب العالمية للارتقاء بآليات ادارة المالية العامة اسفرت عن وضع40 اداة وهي البيفا لقياس فعالية ادارة المالية العامة كما وضع صندوق النقد الدولي معايير لقياس فعالية الادارة المالية, ومع كل هذه المعايير يجب ان ندرك ان حاجات المجتمعات تتغير وبالتالي فانه لا توجد اجندة موحدة للاصلاح وانما يجب ان يراعي صناع السياسة ظروف مجتمعاتهم واحتياجاتها والتحديات التي يواجهونها.