أسجل إليكم الآن بعض الوقائع الخاصة بمظاهرات25 يناير وما تلتها من أحداث والتي أثارت لدي عدة علامات استفهام حول ما يحدث الآن. نزلت عصر ذلك اليوم لمشاهدة ومتابعة ما يحدث في ميدان التحرير, بعدما أخبرني بعض أصدقائي وزملائي بضرورة مشاهدة ما يحدث في مصر وقتها, والحقيقة أن المشهد كان مبهرا وغريبا للغاية مبهرا لأن المشهد كان يبدو كثورة شعبية حقيقية يعبر فيها الشعب المصري عن رأيه( بغض النظر عن اتفاق البعض أو اختلافه مع مطالب هذه التظاهرة) وغريبا لأننا لم نعتد في مصر علي هذا العدد من المتظاهرين( سواء كانوا ضد النظام أو معه), وبدأت أتابع ما كان يحدث بمنتهي الدقة ولاحظت عدة أمور كان من أهمها: أولا: الإفراط في العنف بين شباب المتظاهرين وبين قوات الأمن المركزي, وهو مشهد لم نشهده من قبل, حيث كان العنف في أي صدامات بين الطرفين من قبل له حدود تخطاها هذه المرة. ثانيا: إقبال الشباب وحرصهم الشديد علي كسب أي مساحات في شارع قصر العيني والسيطرة عليها وكأن قضية الإصلاح والتغيير أصبحت متمثلة في كسب بضعة أمتار من الشارع. ثالثا: أن المجموعات التي كانت تقوم بالرد علي عنف قوات الأمن المركزي المفرط بعنف مفرط مضاد, هي جماعتا الألتراس أهلاوي والألتراس زملكاوي, وهما جماعتان رياضيتان منظمتات تبيحان استخدام العنف عند اللزوم للدفاع وليس للهجوم. رابعا: أن العنف بين قوات الأمن المركزي وبين بعض شباب المتظاهرين كان يحدث من وقت لآخر بشكل مفاجئ ودون أي مقدمات أو احتكاكات, فتجد قوات الأمن تضرب فجأة دون مقدمات لتقوم معركة, ثم تجد بعض شباب المتظاهرين يحتكون ببعض رجال الأمن المركزي, دون مقدمات. خامسا: نزول بعض رموز المعارضة في هذه المظاهرة لم يعتد جموع الناشطين في السياسة علي رؤيتهم في المظاهرات, ومنهم إبراهيم عيسي الذي ينزل للمرة الأولي في حياته للمشاركة في مظاهرة. وهي كلها ملاحظات من الممكن أن تكون عادية لو لم يأت ما يفسر غرابتها علي المشهد السياسي الحالي في مصر علي مدار الأيام اللاحقة ليوم الثلاثاء, وصولا إلي يوم الجمعة. ففي ظهر يوم الجمعة نزلت إلي الشارع لأنضم إلي جموع المتظاهرين وأتابع ما سوف يحدث في يوم تشارك فيه أحزاب وجماعات وتنظيمات ومستقلون جميعهم اتفقوا علي معارضة النظام وطالبوا بالتغيير.. بدأت مشاهداتي من شارع لطفي السيد, حيث كانت الساعة1,30 ظهرا, ثم تحركت المسيرة حتي وصلت إلي شارع رمسيس ثم ميدان رمسيس لتقوم معارك بين رجال قوات الأمن المركزي الذين أمطرونا بسيل من القنابل المسيلة للدموع وبين مجموعات محدودة من شباب المظاهرة, حيث اكتفي السواد الأعظم من المشاركين في المظاهرة بالهتاف ومساعدة المصابين من المعركة الدائرة, إلي أن جاءت الساعة الرابعة عصرا لنكتشف انسحاب قوات الأمن المركزي دون مقدمات, لأتذكر هنا كلمة أحد أعضاء التنظيمات اليسارية السرية قبل ما شاهدته بنحو9 أيام عندما كنت أداعبه مازحا في أحد الحفلات قائلا له: رايح ثورة25 يناير؟. فرد علي قائلا وهو يصافحني ويضغط علي يدي: هانت. لأرد عليه قائلا: طيب ليؤكد لي كلمته قائلا: صدقني هانت.. وقربت.. صدقني المهم تحركت المظاهرة لتصل إلي مبني الجمهورية بشارع رمسيس ثم إلي الإسعاف, ويبدأ هنا سلوك جديد علي المتظاهرين, حيث قام بعض المتظاهرين من شباب الأحياء الشعبية بحرق سيارات الأمن المركزي, مستوحين ذلك من حرق بعض أفراد الشرطة قبل دقائق لسيارات الأمن المركزي في ميدان رمسيس. هنا أصبح البلد بلا شرطة وبدأ بعض الأفراد من المندسين علي المظاهرة في القيام ببعض أعمال السرقة والنهب والحرق, شاهدت خلالها مرور بعض سيارات الهيئات الدبلوماسية, واستمرت عمليات السرقة والنهب والحرق حتي نزول القوات المسلحة الي الشارع, وليستمر الاعتصام في ميدان التحرير لأيام كنت موجودا خلالها حتي حدث ما حدث أمس الاربعاء. وهنا لابد لي من لفت النظر الي بعض الأمور الغريبة في هذا المشهد السياسي: لماذا نزلت جماعات الألتراس أهلاوي وزملكاوي الي مظاهرات سياسية لم يعتادوا من قبل النزول لها. لماذا تعاملت الشرطة بشكل غير منظم هذه المرة بالذات مع ما حدث, حيث استخدمت قوات الأمن المركزي استراتيجية تجفيف المنابع مع المتظاهرين, ثم عادت وسمحت لهم بالتجمع ومن ثم سمحت لهم بدخول ميدان التحرير. ثم لماذا استخدمت الشرطة العنف المفرط في التعامل مع المتظاهرين, ثم تركتهم يسيطرون علي الميدان.. ثم عادت قوات الأمن ونفذت اقتحامها الذي أعاد ميدان التحرير تحت سيطرتها في دقيقتين علي الأكثر؟. لماذا ظهر بعض رموز المعارضة لأول مرة في هذه المظاهرة بالذات, منهم رموز محسوبون علي دول معادية لمصر أو تيارات وأحزاب دينية داخلية وخارجية؟. ثم لماذا سمحت الشرطة بخروج المتظاهرين من المساجد ثم حاولت منعهم في الشوارع التي مكنت المتظاهرين من التقدم في مقابل تراجع قوات الأمن؟. ثم لماذا انسحبت الشرطة فجأة ودون أي مقدمات وقام بعض أفرادها بحرق سيارات الأمن المركزي, وهو ما أوحي لبعض الشباب المندس أو قليلي الوعي لحرق سيارات ومنشآت أخري بعد ذلك؟. ولماذا كان نفس الشباب لديهم التصميم والعزيمة لحرق أقسام الشرطة؟ ولو كان توتر العلاقة بين الشرطة والشعب هو الدافع الأساسي.. فلماذا أحرق نفس الشباب مجمع محاكم الجلاء وهو مرفق خدمي؟. ولماذا كانت تجوب سيارات هيئات دبلوماسية شوارع القاهرة في وقت كانت تحذر السفارات فيه رعاياها؟. ولماذا تم اقتحام عدة سجون في أوقات متقاربة بهدف تهريب المساجين؟. ولماذا تم توزيع بعض المنشورات من بعض القوي السياسية علي المتظاهرين تحرضهم علي القوات المسلحة وتتهمها بأنها ليست نفس القوات المسلحة التي انتصرت علي العدو الصهيوني بل هي القوات التي ستقوم بتفريق المتظاهرين وضربهم أو تأهيل الشرطة لتقوم بهذا الدور؟. ولماذا تمت سرقة ملابس القوات المسلحة من قبل بعض المجهولين لينتحلوا صفة رجال القوات المسلحة ويندسوا بين المتظاهرين ويقوموا بالوقيعة بين شعب مصر وقواته المسلحة وهو أمر تغلبت عليه القوات المسلحة؟. خاصة هناك ملاحظة ولابد منها وهي انتشار سيارات الهيئات الدبلوماسية في شوارع وسط القاهرة أثناء المظاهرات مساء الجمعة عقب انسحاب الشرطة. أسئلة كثيرة وملاحظات كثيرة تشير لوجود خلايا نائمة تعمل لحساب دول أجنبية استغلت ظروفنا الاقتصادية لإحداث ثورة وإثارة الفوضي في مصر.