تتجه المنطقة بخطوات واسعة نحو مواجهة عسكرية شاملة, ربما تكون الأعنف من نوعها عقب الحرب العالمية الثانية, التي خلفت وراءها عشرات الآلاف من القتلي والجرحي, وتقسيم مناطق النفوذ الغربي, بين دول مستعمرات ذليلة وتابعة لانجلترا, وأخري لفرنسا وثالثة لايطاليا, قبل أن تنطلق موجات التحرر العربي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي, وتشرق شمس الاستقلال والحرية عقب قيام ثورة يوليو, بعد عقود من الاحتلال والمذلة. تقف المنطقة العربية علي برميل من البارود المشتعل, في ضوء التصعيد الأخير الذي لعبت فيه تركيا دورا كبيرا, بعد حادث إسقاط المقاتلة الروسية, وهو الحادث الذي ردت عليه روسيا بنشر منظومة صواريخS400 للدفاع الجوي في قاعدة حميميم السورية, وإعلانها علي لسان وزير دفاعها سيرجي شويجو, أنها سوف تدمر أي هدف جوي, يمكن أن يشكل خطرا علي الطيران الروسي, أثناء عملياته المتواصلة في ملاحقة ما يعرف ب تنظيم الدولة, وامتدادته علي الحدود العراقية والتركية. منذ بداية عام2015 وكثير من المحللين في دنيا السياسة الدولية, يتساءلون بقوة: متي ستندلع الحرب العالمية الثالثة؟, وقد ذهبت تقديرات البعض الي تحديد خمس بؤر ملتهبة تصلح كبداية لاشتعال الأزمة الدولية الجديدة, يتصدرها الملف السوري بالطبع, بعدما لفت تنظيم ما يسمي الدولة الإسلامية انتباه الدول الأكثر نفوذا في العالم, بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدةالأمريكيةوروسيا, ويري هؤلاء أن مواجهة جوية عابرة, بين حلف شمال الأطلسي الناتو وروسيا وقد بدأت نذرها تلوح في الأفق علي خلفية حادث إسقاط السوخوي الروسية يمكن أن تؤدي إلي اتخاذ قرارات تكتيكية سيئة, في حال إذا ما أطلقت بعض الطائرات النار بشكل عارض تجاه الطرف الآخر. وتذهب كثير من التقديرات إلي أنه حتي لو نشأ تحالف ما بين القوي العظمي لمكافحة قوي الإرهاب في الشرق الأوسط, وعلي رأسها تنظيم داعش, فإن هذا التحالف قد يؤدي في النهاية الي صراع بين هذه القوي نفسها علي مناطق النفوذ الجديدة, وهو أمر يمكن أن يؤدي إلي سيناريوهات سيئة للغاية, في حال إذا ما قررت بعض هذه القوي, التدخل لمصلحة فصائل بعينها يجري دعمها علي نحو لافت, وهو ما يتجلي حاليا في الدعم التركي السعودي لبعض الفصائل العاملة في سوريا, في مقابل الدعم الإيراني الروسي لنظام بشار الأسد, وهي تدخلات يمكن أن تؤدي الي وضع شديد التعقيد, يرفع وتيرة التوتر الي الدرجة القصوي, وربما يفجر قتالا عنيفا بين هذه القوي علي الأراضي السورية تتزايد مع الوقت احتمالات انتقاله إلي أجزاء أخري في المنطقة, بعد أن يجذب دولا أخري صراحة, وفي مقدمتها تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية, وحلفاؤهم في منطقة الخليج العربي. ويبدو السؤال هنا ضروريا: ما الذي يمكن أن تفعله مصر, في مواجهة تلك التعقيدات, والي أي جانب سوف تقف؟. ربما لا يملك أحد حتي اليوم إجابة واضحة عن هذا السؤال الخطير, في ظل تشابك العلاقات المصرية بأطراف الأزمة من ناحية, ومدي الجاهزية علي مستوي الجبهة الداخلية في مواجهة الإعصار القادم, ولعل النقطة الأخيرة تكون هي الأخطر, في ظل ما تشهده الساحة من فوضي علي كل المستويات, السياسي منها والاقتصادي والاجتماعي, وهي فوضي تتطلب من كل القوي الحية في مصر, أن تتحرك فورا ومن الآن, للبحث عن حل ناجز لجميع تعقيداتها, قبل أن نجد أنفسنا فجأة في قلب عاصفة عاتية, بينما أوتاد خيمة الوطن في مهب الريح.