وكأنه ينتظر فرصة للتواصل ما ان اعطي الفنان الكبير عبدالهادي الوشاحي فرصة الحديث الي حشد من اصدقائه وتلاميذه ملأ القاعة الصغيرة بجمعية محبي الفنون الجميلة حتي فاضت الاجساد خارجها, انطلق الوشاحي في حديث طويل غير مرتب اختلطت فيه الحكايات الفنية بالذكريات الشخصية في أول تكريم له في مصر. في تلك القاعة بجمعية محبي الفنون الجميلة حيث اقامت مجلة بورتريه ندوتها التكريمية للنحات الكبير لتمنحه وسام بورتريه الذي صممه الفنان الكبير ايضا السيد عبده سليم وبعدما انتهي الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي من كلمته والناقد محمد كمال من دراسته الموسعة حول المدرسة الفنية التي ابتدعها الوشاحي النحت الطائر انطلق الوشاحي في حكي طويل حول رحلته مع الفن ورحلاته المتعددة للدراسة وممارسة النحت خارج مصر لم ينس الوشاحي ان يسرد مراراته مع وزارة الثقافة التي اختلف معها حتي في خلال فترات حياته وعمله بين اسبانياوفرنسا وايطاليا. يقول الوشاحي وجدت فرصة للعمل والدراسة في اسبانيا فلم اتردد فما تعرضت له في مصر وقتها كان يدفعني دفعا للمغادرة. أذكر انني قررت بعد عودتي من فرنسا ان ازور متحف الانتكخانة وكان موقعه بالقرب من منزلي وفي اثناء سيري في الشارع تعرضت للسباب بالفاظ مقذعة من احد المارة فعدت الي بيتي وقررت ان اقطع صلتي بهذا البلد لكني بعد اعوام قلائل في الخارج وجدت بي حنينا للعودة خاصة ان ابداعي كان منفصلا عن هويتي المصرية وقتها فقررت العودة لاصلاح هذا الخطأ أما شهادات اصدقائه وتلاميذه فنوهت الي مالاقاه الوشاحي من تجاهل واضح من المؤسسة الرسمية رغم قيمته الفنية الكبيرة فلم تقم له القاعات الرسمية التابعة لقطاع الفنون التشكيلية اي معارض رغم غزارة ابداعه وتميزه. وربما كان هذا التجاهل هو مادفع الفنان رضا عبدالرحمن ليصرح لالاهرام المسائي بأن فكرة تكريم الفنانين عبر مجلة بورتريه يأتي بعد أن صارت معايير التكريم في المؤسسة الرسمية مختلة وغير مفهومة الدوافع وان كان يستشف من الاسماء التي تطرح للتكريم بصفة شبه مستمرة أن الولاء للمؤسسة والاحتفاظ بعلاقات قوية مع قياداتها صار شرطا للترشح لجوائزها الممنوحة باسم الدولة او لتكريماتها العديدة وغابت معايير تميز المنجز الابداعي التي يجب ان تكون هي الحكم الوحيد علي قيمة اي مبدع واستحقاقه للتكريم لهذا اتت فكرة قيام مجلة مستقلة كمثال علي قدرة المجتمع المدني وقدرة الفنانين علي ايجاد تكريم مواز او بديل يخضع لمعايير فنية وابداعية تختلف تماما عن تلك التي تخضع لها تكريمات الدولة. ويري الفنان د. رضا عبدالرحمن مؤسس مجلة بورتريه المانحة للتكريم ان مصر من الدول القليلة التي تحكم فيها الدولة قبضتها علي الفن التشكيلي رغم كونه فنا انتاجيا لهذا تعد المبادرات المستقلة التي تهدف لخلخلة تلك القبضة القوية ذات قيمة كبيرة لكونها تصب في نهر استقلال الحركة الابداعية وهو مايتنبأ باتمامه خلال الاعوام القليلة المقبلة مستشهدا بمسارعة كثير من الفنانين بالاستجابة لدعوته التي اطلقها خلال احتفالية تكريم الوشاحي بالاكتتاب لصب تمثاله طه حسين في حالة عدم استجابة وزير الثقافة لمطالب الفنانين كي تقوم الوزارة باداء التزامها بصب التمثال الذي انهاه الوشاحي قبل عشر سنوات. الناقد محمد كمال المشرف علي مجلة بورترية اعاد التأكيد في حديثه لالاهرام المسائي علي معيار اخلاق الفنان الي جانب تميز مشروعه الابداعي كمعيارين وحيدين للتكريم بوسام بورتريه ويقول: الساحة الفنية اختلطت فيها المعايير وصار التزلف للمؤسسة وقياداتها معيارا اصيلا للتكريم لهذا يأتي اختيار عبدالهادي الوشاحي وقبله د. احمد نوار لنيل هذا التكريم لان الأول معروف بمواقفه الرافضة للخضوع للمؤسسة واصراره علي اقامة مشروعه الابداعي دون تدخل منها اما الثاني د. أحمد نوار فرغم كونه ابنا للمؤسسة إلا انه اختلف معها اكثر مما اتفق كما انه اصاب في موقعه التنفيذي كما أخطأ فيه ولا جدال حول كونه رجل ثقافة مميزا الي جانب مشروعه الابداعي المختلف ويأخذ محمد كمال علي وزارة الثقافة كون منهجها في التكريم معتمدا علي الاحتفاليات الضخمة دون ان يوازي شهاداتها التقديرية او اوسمتها جهد علمي حقيقي يؤصل للمدارس الفنية ويقدم للاجيال الشابة والاجيال القادمة نظرة عميقة علي فن المكرم علي عكس ماتنتهجه بورتريه كمؤسسة مستقلة في تكريمها للفنانين والذي يعتمد علي تقديم عدد خاص حافل بالدراسات العلمية الفنية حول ابداع المكرم في يناير من كل عام بالاضافة للندوة التي تصير محلا لإلقاء شهادته وشهادات تلاميذه واصدقائه ومجايليه مطالبا الوزارة باتباع المنهج العلمي ذاته في التكريم حتي لا يصر مجرد شهادة معلقة او ميدالية محفوظة.