أكتوبر.. علامة فارقة في تاريخ العسكرية المصرية والعربية, صنعناه بالدم والدموع والعرق, صنعناه بالسهاد والاجتهاد , صنعناه بالعمل وروح الاستشهاد, صنعناه بتضحيات رجال أقسموا علي استرداد الأرض وحماية العرض, صنعناه بروح الفريق ووحدة الهدف ووحدة المصير, صنعته قيادة تقول للجندي اتبعني بدلا من تقدم, كان الضباط في الصفوف الأولي بعكس ما تعارفت عليه العلوم العسكرية. أكتوبر.. أكبر دليل علي أن العلم كان ولا زال هو مفتاح الانتصارات والتغلب علي المشكلات وإدارة الأزمات, أخذ المصريون بأساليب التخطيط العلمي فصنعوا معجزة العبور حين أسندت المناصب للأكفاء وتواري الفهلوية والجهلاء. أكتوبر اتحد فيه العرب في لحظة نادرة استثنائية لم تحدث في تاريخهم المعاصر, كان الجندي الجزائري والعراقي والسوداني والمغربي جنبا إلي جنب مع الجندي المصري, اختلطت دماء العرب علي ارض سيناء, وقف الملك فيصل رحمه الله أحد أبطال أكتوبر قائلا:البترول السعودي ليس اغلي من الدم المصري وقطع إمدادات البترول عن الغرب المنحاز لإسرائيل في بطولة نادرة في أيامنا الصعبة, ضرب الرئيس الجزائري بومدين بقبضته طاولة الاجتماعات الروسية معنفا لهم علي التأخر في إمدادات السلاح لمصر وقدم مائة مليون دولار, فضلا عن3 أسراب طيران انضمت لسلاح الجو المصري وقال بومدين لن ننسي فضل مصر في حرب تحرير الجزائر ولا فضل عبد الناصر, تلك هي روح التضامن العربي التي صنعتها أكتوبر فانظروا الآن حال العرب وأمنهم القومي في مهب الريح! أكتوبر اتحدت فيه الأمة المصرية كلها والتفت حول قواتها المسلحة من أجل هدف واحد معلن للجميع هو تحرير الأرض وتلقين العدو درسا لم ينسه حتي الآن!, لقد حرم المصريون أنفسهم من الطيبات ووفروا المال والرجال والعتاد للقوات المسلحة وأودعوا فلذات أكبادهم عن طيب خاطر عند قيادة محترمة وجيش نبيل لم يخذلهم وصنع المعجزة, اتحد المصريون قبل المعركة وأثناء المعركة.. حتي اللصوص توقفوا عن جرائمهم ولم تسجل حالة سرقة واحدة طوال أيام الحرب! إنني اسأل كل مصري ومصرية ماذا بقي من أكتوبر العظيم في قلوبنا وحياتنا وواقع أمتنا؟ هل أصبح أكتوبر يوم أجازة وحسب؟ هل مناسبة الانتصار اليتيم في تاريخ العرب الحديث والمعاصر تحولت إلي فرصة للكسل والخلود إلي الراحة والدعة؟ ما أحوجنا إلي روح أكتوبر ونحن نواجه الأعاصير والمؤامرات والصراعات الدولية من حولنا, حسبنا تلك الأخطار المحدقة بنا في غرب مصر وما يجري في ليبيا وجنوبها وما يجري في إثيوبيا وسد النهضة الذي سيكون وبالا عليهم إن شاء الله! ما أحوجنا إلي روح أكتوبر لنزرع غذاءنا ونصنع دواءنا وننسج كساءنا ونكف عن استيراد سلاحنا, ما أحوجنا إلي روح الوحدة الحقيقية التي صنعتها حرب أكتوبر لنعبر المرحلة الانتقالية الصعبة بدلا من مناورات الأحزاب وتقلبات الساسة وصناعة الفتنة ومحاولات الإقصاء وسعار إعلام غبي يقسم أبناء الوطن سيساوي ومرساوي وفلول وناصري وساداتي وأهلاوي وزملكاوي! هل يتحد المصريون خلف قيادتهم الوطنية وقواتهم المسلحة صانعة أكتوبر وحامية مقدراتنا عبر ثورتين؟ هل يتحد المصريون الآن لقهر الفقر والأمية وسوء توزيع الثروة؟ نريد أن نعمل بروح أكتوبر القتالية لبناء مصر فهل من سميع أو مجيب؟ تحية للشهداء الأبرار صناع النصر الحقيقيين وتحية لكل جريح نال وسامه علي جسده ليظل علامة علي انه كان من أنبل الناس وأشرف الناس, تحية للرجال الذين جعلونا نشعر بالكرامة حين استرددنا أرضنا, تحية لقواتنا المسلحة التي حمت الوطن وحفظت مقدراتنا ولا تزال. أستاذ الإعلام بجامعة المنيا رئيس جمعية حماية المشاهدين والقراء