متي تنتهي تلك الموجات التصعيدية ضد الاسلام؟ وإلي متي يظل الاسلام عقيدة مضطهدة لدي الآخر؟ ولماذا ينسب تخلف العالم الاسلامي ورجعيته الي الاسلام ؟ وهل تدخل محاربة الأديان ضمن الآليات الحضارية المعاصرة؟ وأي لغة للحوار يتحدث عنها الغرب؟ وهل أصبح الاسلام بالنسبة للغرب هو آلية من آليات النفوذ السياسي؟ ولماذا غابت آليات الدفاع عن الاسلام لدي أهله في لحظات الهجوم الضاري عليه؟ ولماذا لم تنبر الجبهة الاسلامية في نشر وقائع الارهاب الغربي علي مدي التاريخ؟ ولماذا تتولد القناعات بأن الاسلام يدافع عن ذاته أو أنه ليس بحاجة الي دفاع من الأساس؟ ان فرنسا وهي دولة الحريات قد بات يكتنفها الرعب من استشراء الظاهرة الدينية الاسلامية إذ تعالت أصوات تطالب بطرد المسلمين ووقف المد المتوالي للمهاجرين باعتبارهم قوي سلبية مهددة للأمن الفرنسي ومثيرة للشغب ومحركة لأعمال العنف وكان من هذه الأصوات اريك زيمور الذي حاول مرارا استعداء النظام السياسي لتغيير قوانين الهجرة وتحجيم الطاقة الاسلامية داخل المجتمع الفرنسي وشاركه ذلك الأديب ميشيل ويلباك الذي ندد في روايته الأخيرة المسماة( خنوع) والتي استشرف خلالها المستقبل القريب محذرا من ان حزبا إسلاميا سوف يقود فرنسا محاولا تأسيس امبراطورية إسلامية أوروبية علي غرار الامبراطورية الرومانية. وغير ذلك من الأفكار المستفزة التي نقرأها أو نسمع بها لكن لا نعيرها أي اهتمام دون أن نعي أن معني الاعتداء علي العقائد والثقافات هو في جوهره اعتداء علي الهوية ومحاولة إفراغها من أي مكون يستدعي البقاء. إن ومضات الأمل انما يخفت بريقها حين تتصدر نعرة العنصرية في المناخ الثقافي الفرنسي الذي تحكمه مباديء الحرية والاخاء والمساواة, فأي قيمة للمباديء حين تهدر علي أرض الواقع وتستبدل بمصالح زائفة وتشوه التاريخ القومي لدولة في موضع الريادات الحضارية وعلي ذلك فقد تنبه الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري الي تلك الدلالات والمعاني مؤنبا الضمير الفرنسي ومتسائلا: لماذا نذهب الي بلاد المسلمين ونتدخل في شئونهم ونقول لهم يجب ان تتبعوا منهج فرنسا؟ لماذا نقتلهم في مالي كما قتلنا من قبل في بلدان شمال إفريقيا.... وحين يدافعون عن أنفسهم نتهمهم بالارهاب؟! فالمسلمون ليسوا مغفلين كما يظن الجميع في فرنسا وباقي أوروبا والعالم, هم فقط يجتاحهم بعض الضعف ورد فعلهم يكون عنيفا وعاديا في آن واحد لأن ما نفعله بهم في بلدانهم أخطر بكثير, إذ أننا نقتل المئات منهم يوميا وعلي النقيض يتساءل: لماذا لا تذهب فرنسا الي اسرائيل أو الصين أو كوريا أو اليابان من أجل أن تتبع تلك البلدان استراتيجية فرنسا؟ ولماذا تختار دولا ضعيفة كمالي وليبيا والنيجر وافريقيا الوسطي؟ فالمشكل ليس مشكل الاسلام بحال بل هو مشكل عنصرية بغيضة لم تستطع فرنسا أو غيرها أن تبرأ منها, ففي حادث شارلي ايبدو لماذا لم تقل الحكومة الفرنسية للصحفيين توقفوا عن الاساءة لرسولهم في حين أنها قد حذرت الرسامين حين رسموا اليهود بأنه فعل مخجل لكم وأجبرتهم علي الاعتذار لاسرائيل. وانطلاقا لماذا منعت مسرحية ديودوني من العرض أمام المحكمة العليا الفرنسية وأدينت بتهمة معاداة السامية لا لسبب سوي أن هذه المسرحية تستهزيء باليهود وتسخر منهم. إذن لماذا المسلمون فقط؟ لكن حين يتعلق الأمر باليهود فنحن نعادي السامية... نعم اننا لا نكذب إلا علي أنفسنا فكيف نقدم الصور المسيئة ونزعم أنها حرية التعبير فمعذرة الأمور لا يمكن أن تسير هكذا وإلا بات الشعب الفرنسي شعبا منافقا كذوبا وليس شعبا راقيا متحضرا يعرف معني التسامي وجوهر حرية التعبير تلك الذريعة الهشة لحرب الآخر.