في الشرق الأوسط ثمة حروب بثلاثة بلدان شرق أوسيطة, إضافة إلي مواجهة حاسمة حول طموحات إيران النووية. لذلك يبقي الأفضل لمقاربة اللقاء الذي تم بين أوباما, وقادة دول مجلس التعاون الخليجي. هو التساؤل المطروح: هل مثل فرصة مواتية لصياغة رؤية كبري للاستقرار في المنطقة؟ وفق التحليلات الأمريكية تأمل دول الخليج العربية الست في مزيد من الدعم الأمريكي ضد العدوان الإيراني علي جبهات عدة تمتد من اليمن إلي لبنان. ورغم ذلك يواصل أوباما محادثاته مع إيران لإبرام اتفاق بشأن برنامج طهران النووي, والحيلولة دون وقوع سباق تسلح نووي في المنطقة. واللافت أن واشنطن تعمل مباشرة مع طهران من أجل محاربة داعش في العراق, ويأمل أوباما في أن يؤدي الاتفاق النووي المرتقب إلي نهاية للتشدد الإيراني القائم منذ ثورة1979, وانتهاج سياسات معتدلة. أوباما يري بأنه من الممكن أن تستفيد إيران من رفع العقوبات, وتبدأ في التركيز علي الاقتصاد لخدمة شعبها لا طموحاتها الإقليمية. يبدو أن الولاياتالمتحدة تتحرك في الاتجاهين فهي من وجهة تكتسب مزيدا من الوقت, وتنأي بنفسها عن الانخراط في حرب جديدة, وأوباما يحاول إيجاد سياسة متوازنة تضمن الاحترام المتبادل بين الدول وصون كرامتها. ولكن التساؤل المطروح بشدة: إلي أي مدي يمكن الوثوق في إيران في حال وقعت اتفاقا نوويا؟ يجيبك المحللون الأمريكيون أنه بإمكان واشنطن أن توفر عددا من التدابير الملموسة, وينبغي أن توفرها لدول الخليج, علي سبيل المثال توفير الالتزامات الأمنية, ونقل الأسلحة والانتشار العسكري, لكن قادة دول مجلس التعاون الخليجي يبحثون عما هو أكثر من مجرد خطوات مرئية تقوم بها الولاياتالمتحدة فهم يريدون أيضا تعهدا بأن الاتفاق النووي لن يبعد الولاياتالمتحدة عن دورها التقليدي المتمثل في احتواء طموحات الهيمنة الإيرانية. وفي غياب هذا الالتزام, لن يكون للتدابير الأخري قيمة تذكر, فغموض التصريحات الرسمية الأمريكية حتي الآن يثير القلق حول ما إذا كانت الإدارة الأمريكية قد تعتمد بدلا من ذلك مقاربة من جانب واحد. في القمة, وتصريحات أوباما بعدها لم يقدم إجابة واضحة علي السؤال الأكثر إلحاحا لدول الخليج, هل الاتفاق المزمع مع إيران يشكل أداة تعامل أم تحول؟ أوباما لم يضع حدا للغموض الذي يسود طبيعة الصفقة مع إيران, والغرض منها فإذا كان الاتفاق تعامليا فعندئذ لا يمكن توقع حدوث أي تغيير كبير في إيران أو في العلاقة. ولكن إذا تم اعتبار الاتفاق النووي تحوليا أي إذا كانت الإدارة الأمريكية تؤمن بأن توقيع الاتفاق سيحول المواقف الإيرانية بسرعة إلي تأدية دور إيجابي يقوم علي الوضع الراهن في المنطقة فعندئذ سيكون من الصعب طمأنة دول مجلس التعاون الخليجي المتشككين. السيد أوباما يحاجج ويفترض أن الاتفاق سيحول إيران إلي عضو طبيعي, وأن بإمكان إيران أن تصبح قوة إيجابية في المنطقة, وهنا مكمن المعضلة. فالكثيرون حتي داخل واشنطن لا يتفقون مع فرضيات الرئيس أوباما فالسلوك الإيراني لا يؤيد فرضيته مما يجعل, الثوابت السياسية الأمريكية أكثر اهتزازا وضبابية. من هم أعداء أمريكا ومن هم حلفاؤها؟ بعد عقود من كونها ثابتا غير قابل للتحريك في السياسة الخارجية الأمريكية. لقد بات واضحا أن المصالحة مع إيران, وإعادة دمجها في سياسة واشنطن وانفتاحها الاقتصادي أمام الشركات الأمريكية الكبيرة, تشكل أولوية قصوي بالنسبة للرئيس أوباما. وبذلك, أصبح إرثه في السياسة الخارجية يعتمد إلي درجة كبيرة علي تأمين اتفاق نووي مع إيران. ومن أجل الحصول علي اتفاق, تبدو الحكومة الأمريكية مستعدة لقطع أشواط طويلة. ومن ثم فإن التطمينات التي قدمها أوباما لا يمكن أن تكون أقنعت دول الخليج. ومن ثم فقد فشل اللقاء في تقديم فرصة مواتية لصياغة رؤية كبري للاستقرار في المنطقة. أقله وفق المعطيات الحالية.