منذ عام2003, بدأنا في المنطقة العربية بالتفكير فيما قد يحدث لدولة العراق, والآن بدأت الصورة تتضح نسبيا, ولايزعم أحد أن لديه إجابة كاملة بشأن' ماهية العراق' الجديد, لكن هناك شيئا ما لن يصبح أسوأ علي الأرجح وبعدها مباشرة بدأت عملية أخري للتفكير فيما قد يحدث للبنان, الذي مزقته حرب إقليمية ثم' حرب صغيرة' داخلية, ولايزال يئن تحت الضغط, ولاتوجد إجابة بشأن مستقبل لبنان, ثم جاء دور فلسطين التي انقسمت أراضيها, واليمن التي تعاني من أعراض الفشل, ثم السودان التي هي علي وشك الانفصال, ولاتوجد إجابات. لم يكن أحد في تلك الأثناء يفكر في تونس, فهي إحدي دول شمال إفريقيا المستقرة نسبيا كدول قديمة قوية, وكان من الممكن دائما أن يتم تصور إمكانية حدوث اعمال عنف مسلحة في تلك المنطقة كما يجري في الجزائر, أو أعمال إرهاب متقطعة كما يحدث في المغرب او اضطرابات داخلية محدودة النطاق, كما يجري في الدول الثلاث, لكن أن تصل الأمور إلي حالة عدم الاستقرار الداخلية الحادة التي تجري حاليا, والتي تطرح نفس الاحتمالات الصعبة, التي ارتبطت بالدول سالفة الذكر, فإن ذلك كان بعيدا عن التصورات. لقد ذهبت إلي تونس مايقرب من6 مرات علي الأقل, للمشاركة في مؤتمرات أكاديمية حول قضايا مختلفة, توجد مراكز دراسات هناك تهتم بها, وفي كل مرة كان الأصدقاء هناك يحدثوننا عن تحول ما مكتوم في العادة, بخلاف المرة الأولي, عام1995, التي كانت تونس الخضراء البيضاء المتسامحة تبدو فيها مثل تركيا' الصغيرة', فهي مدنية منفتحة منطلقة تفكر في البحر وأوروبا, رغم أن احد أسمائها هو إفريقيا. ولايحتاج الأمر إلي تحليل, فالمسيرة واضحة, إذ سيطر الجمود, ثم ساد التطرف, ثم سيطر الضغط, ثم عادت السلفية, قبل أن يعود الانغلاق, والآن, تبدأ الاضطرابات, وليس لدي احد إجابة. [email protected]