يستعد الفريقان السياسيان في لبنان الأكثيرية(14 آذار) والمعارضة(8 آذار) ومكوناتهما الطائفية لمرحلة مابعد صدور القرار الاتهامي في قضية اغتيال رفيق الحريري من قبل المحكمة الدولية, للتعامل مع القرار وتداعياته, وتعتمد تلك الاستعدادات وكيفية التعامل علي مضمون القرار والمدي الذي يذهب إليه في توجيه الاتهام وعلي ماستتضمنه الأفكار المطروحة من جانب الأطراف الاقليمية المعنية( السعودية وسوريا وتركيا وإيران وقطر) لمعالجة التداعيات بطريقة تحفظ الاستقرار, وكذلك علي مواقف الادارة الأمريكية وفرنسا من القرار من منظور رؤيتهما للوضع الاقليمي في المنطقة. وفي الوقت الذي تجري فيه مشاورات اقليمية ودولية تتعلق بقضايا المنطقة بما فيها الوضعفي العراق والصراع العربي الاسرائيلي لتأمين الاستقرار حتي لاينفلت عيار أحد في الداخل اللبناني فإن لدي كل الأطراف حرصا علي أن يكون حل الأزمة اللبنانية لبنانيا بالأساس سواء من خلال الأليات الدستورية في حالة التسوية كرئاسة الجمهورية ومجلس النواب باعتبار أن اتفاقية إنشاء المحكمة بين الحكومة والامم المتحدة تمت من دون توقيع الرئيس ومصادقة مجلس النواب حسب الدستور وفي غياب وزراء المعارضة عن اجتماع الحكومة الذي أقر الاتفاقية ومن ثم لزم مراجعتها أو من خلال في حالة عدم اللجوء لذلك التعامل العقلاني والحكيم مع القرار الاتهامي وإجراء مناقشة لما فيه من أدلة يمكن أن تنتهي برفضه. ووسط الحديث عن حوافز لكل فريق لحل الأزمة لتقديمها الي جمهوره, يميز تحرك سعد الحريري رئيس الحكومة وسط هذه الرغبة في توفير معطيات إقليمية تساعد لبنان علي تجاوز الأزمة وتداعيتها, وذلك بالسعي لتطوير العلاقات مع كل من إيران وتركيا وسوريا, وخلاصة التطور في العلاقة مع طهران تأكيدها رفض الفتنة المذهبية وإعلانها دعم حكومته, وهو من جانبه أكد دور إيران في دعم الاستقرار في بلاده ويدعو إلي فتح صفحة جديدة في العلاقات العربية الايرانية لازالة الهواجس المتبادلة وسواء كانت رسالة الحريري تنطلق من رؤية استراتيجية أم من ضرورة ظرفية فالمؤكد هو ان الحريري حسبما أعلن سيزور إيران للمرة الثانية في فبراير القادم لرئاسة اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي تم الاتفاق علي إنشائها لتدعيم التنامي في العلاقات فقد فتحت زيارة الرئيس الايراني أحمدي نجاد للبنان في أكتوبر الماضي وزيارة الحريري طهران في الشهر التالي بابا واسعا أمام العلاقة وتتجلي هذه الأفاق في قول وزير الاعلام اللبناني طارق متري أن لبنان صديق لايران ولن يقف في يوم من الأيام في صف أعدائها فإيران لاتريد العداء للعرب وتسعي لتحسين العلاقات معهم أما فصل الخطاب فجاء علي لسان الحريري باعلانه لقد قطعت الشك باليقين..ايران دولة صديقة..وتريد الخير للبنان ولبنان لن يكون طرفا في العداء لها وبعطف هذا التطور في العلاقات اللبنانية الايرانية علي التنامي في العلاقات اللبنانية التركية يكون لبنان الحريري أمام منعطف إقليمي جديد لجهة بناء معطيات تساعده علي حل مشاكله, فقد تم قبل يومين توقيع اتفاقية التعاون الرباعي( لبنان تركيا وسوريا والاردن) الاقتصادي والتجاري من جانب القطاع الخاص بعد توقيع الاتفاقية بين المؤسسات الرسمية وانشاء اللجنة الاستراتيجية العليا للتعاون والتنسيق برئاسة الحريري ونظيره التركي رجب طيب أردوغان, وتأسيس منطقة تجارة حرة, وذلك كله في إطار التحضير لزيارة الحريري لتركيا في شهر مايو المقبل ليشارك مع أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني في إعلان قيام التجمع الرباعي الاقليمي للتشاور والتنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي تحت اسم المجلس الاعلي التركي السوري اللبناني الأردني للتعاون الاستراتيجي. أما علي صعيد العلاقة مع سوريا فبرغم البرودة التي تعتريها في الأسابيع الأخيرة علي خلفية الأزمة الداخلية حول المحكمة, فقد اطلق الحريري سلسلة من المواقف الايجابية تجاه دمشق بالتوازي مع المسعي السعودي السوري لايجاد تسوية للأزمة, فبعدما برأها من تهمة التورط في اغتيال والده واعترف بالخطأ واعتذر من سوريا يشدد الحريري علي مواصلة تعزيز العلاقات معها في جميع المجالات وأعلن من منبر إعلامي أمريكي واشنطن بوست أن العلاقة مع سوريا أفضل عشر مرات عما كانت عليه في الماضي خلال الأيام العشرة الماضية قام سعد الحريري بزيارات مكوكية بين نيويورك للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عاهل السعودية ومسئولين أمريكيين أخرهم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أمس الأول السبت وبين السعودية حيث التقي عددا من المسئولين السعوديين أيضا بعدها اعترف بوجود مبادرة سعودية سورية لايجاد تسوية للسجال حول المحكمة بين الفرقاء كان فريقه السياسي أنكر وجودها!؟ ويبقي لاعلان تفاصيل المبادرة ضوء أخضر أمريكي وقبول الفريق الأخر التزاماته وفق هذه المبادرة حسب ما أعلن الحريري نفسه وبين شكوك هنا ومخاوف هناك ينتظر لبنان نتائج جولة المفاوضات بين إيران ومجموعة5+1 في اسطنبول يوم20 الشهر الجاري وقبلها نتائج القمة الأمريكية الفرنسية اليوم..وبين هذا وذاك يواصل الحريري مساعيه لتوفير معطيات إقليمية تضمن الاستقرار والهدوء في مرحلة مابعد صدور القرار الاتهامي يبدو أن لبنان بصدد دخولها قريبا ربما بسبب هذا التحرك الاقليمي وتجاوب الحريري مع مساعي السعودية وسوريا لاتجد المعارضة اللبنانية والعلاقة مع سوريا أفضل من الحريري زعيما للأكثرية ورئيسا للحكومة