ليس واضحا ما إذا كان ما يجرى فى أروقة الإدارة الأمريكية على فضاءات وسائل الإعلام العالمية من تبادل الاتهامات والإهانات العلنية بين الجمهوريين والديمقراطيين انقساما حقيقيا بين الحزبين الكبيرين حول السياسة الأمريكية الواجب إتباعها إزاء البرنامج النووى الإيرانى أم أنه سيناريو متفق عليه من قبيل توزيع الأدوار بينهما لتحقيق أقصى استفادة ممكنة فى إدارة هذا الملف المهم. ليس واضحا ما إذا كان ما يجرى فى أروقة الإدارة الأمريكية على فضاءات وسائل الإعلام العالمية من تبادل الاتهامات والإهانات العلنية بين الجمهوريين والديمقراطيين انقساما حقيقيا بين الحزبين الكبيرين حول السياسة الأمريكية الواجب إتباعها إزاء البرنامج النووى الإيرانى أم أنه سيناريو متفق عليه من قبيل توزيع الأدوار بينهما لتحقيق أقصى استفادة ممكنة فى إدارة هذا الملف المهم. بدأت أحداث ما يمكن وصفه بالأزمة - التى قد تكون مفتعلة بين الفريقين - يوم الخميس الماضى بعد نشر وكالات الأنباء خبرا عن مسودة قرار محتمل لبحث إمكانيات رفع العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الإسلامية منذ سنوات مقابل وقف الثانية تخصيب اليورانيوم وغيره من الأنشطة النووية الحساسة فى حال تم التوصل لاتفاق بهذا الشأن خلال محادثات الدول الكبرى أو ما يعرف ب(1 + 5) مع إيران فيما وصف وقتها بالصفقة، وهو ما اعترضت عليه إسرائيل بشدة فى كلمة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أمام ال"آيباك" والأعضاء الجمهوريين فى الكونجرس الأمريكى خلال زيارته الأخيرة إلى الولاياتالمتحدة التى تمت بدعوة مباشرة من الجمهوريين من دون التنسيق مع البيت الأبيض، وهو ما يعكس موقف الجمهوريين المعارض للصفقة. السيناتور الجمهوري بوب كروكر حذر الرئيس باراك أوباما من عواقب اتخاذ الإدارة الأمريكية أى خطوة تتجاوز فيها الكونجرس بإحالة الاتفاق مع إيران إلى مجلس الأمن الدولى مباشرة دون عرضه على الكونجرس معتبرا ذلك "إهانة مباشرة للشعب الأمريكي"، هذه أولى الإهانات الافتراضية فى الأزمة. رغم أن جين ساكى المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية حاولت خلال تصريحات أدلت بها للصحفيين فى وقت لاحق إزالة هذا الالتباس أو سوء الظن لطمأنة الجمهوريين بقولها أن صدور أى قرار عن مجلس الأمن الدولى لن يحد من قدرة واشنطن على العمل من جانب واحد بشأن إيران، ولن يجبرها على رفع العقوبات ومن بينها الكثير من العقوبات النووية التى تسبق عقوبات الأممالمتحدة فى حال عدم التزام إيران بالاتفاق فى المستقبل. لم يكتف الجمهوريون بتحذير أوباما وحده، بل بعث نحو 47 نائبا منهم برسالة تحذير مفتوحة إلى قيادات إيران تؤكد لهم أن أى اتفاق مع أوباما يتجاوز مجلس الشيوخ لن يكون ملزما للولايات المتحدة وقد يتم إلغاؤه، مع ما فى هذا من إهانة مباشرة للرئيس الأمريكى لما فيها من محاولة التقليل من شأنه من خلال دعوة ملالى إيران إلى عدم الثقة فى قدرة أوباما على تطبيق الاتفاق رغم كونه رئيس أقوى دولة فى العالم، فى إشارة إلى إلغاء وجوده تقريبا، بينما أعلن مسئولون غربيون مقربون من المحادثات إن تأييد مجلس الأمن للاتفاق سيجعله ملزما لدول الاتحاد الأوروبي. أوباما أعرب عن صدمته وانزعاجه من رسالة خصومه الجمهوريين لإيران التى يعدها عدو أمريكا اللدود بصيغة مخففة وغير مفهومة بقوله: "أنا منزعج لأجلهم"، معتبرا أن خطوتهم تكاد تكون غير مسبوقة. ألمانيا بدت غير راضية عن خطوة الجمهوريين وانتقدت خطابهم المفتوح لإيران بشدة على لسان وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينمار بقوله أن المفاوضات مع طهران كانت صعبة بما فيه الكفاية بدون هذا الخطاب، وأن المفاوضات النووية أصبحت به أكثر صعوبة. والواضح أن خطاب الجمهوريين لإيران سيترك أثرا سلبيا على سير المفاوضات النووية التى تستأنف جلساتها اليوم فى مدينة لوزان السويسرية وسيعطل التوصل للاتفاق الذى يهدف لكبح جماح الأنشطة النووية الإيرانية لمدة 10 أعوام على الأقل، وهو ما أكده وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أمس الأول خلال مشاركته فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ بقوله للصحفيين: لا يمكننى أن أقول لكم ما إذا كنا سنتوصل إلى اتفاق، وأوضح أن هدف هذه المفاوضات ليس مجرد التوصل لاتفاق وإنما التوصل للاتفاق الصحيح، فى الوقت الذى يرى فيه المراقبون أن العقوبات المفروضة على إيران سيتم رفعها تدريجيا!. ورغم مخاوف كيرى من إمكانية تأثر المحادثات سلبا برسالة الجمهوريين إلا أنه أكد أن أى اتفاق يبرمه أوباما قد يستمر خلال الفترة المتبقية من رئاسته، وأن الكونجرس لا يملك سلطة تغيير الاتفاق، ما يشير إلى أن الاتفاق ماض فى طريقه وأن أكبر ضغط ممكن على المفاوضين الإيرانيين خلال الجولات المقبلة.