في26 يناير الماضي أطلع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر مجلس الامن بواسطة دائرة تليفزيونية مغلقة من صنعاء علي المستجدات, وقال لاعضاء المجلس ال15 ان اليمن علي الحافة حيث يحكم الحوثيون السيطرة علي صنعاء, وهو ما استمر حتي اضطر الرئيس عبد ربه منصور هادي لتقديم استقالته رغما عنه في22 يناير للبرلمان حسبما أعلن الحوثيون بعدما أخفوا الرئيس. ونجح في الخروج الصعب نحو عدن, الذي لم يوافق عليها في22 يناير الماضي, ورئيس الوزراء وحكومة الدكتور خالد بحاح بعد يوم واحد من سيطرة ميليشيات أنصار الله علي الرئاسة والتحفظ علي الرئيس ورئيس حكومته, وقد رفض كلاهما العدول عنه, لتقع البلاد في الفراغ السياسي والدستوري الذي ود الانقلابيون ملأه عبر إعلان انقلابي ينفردون بصياغته وفرضه! إن التمرد الحوثي ليس إلا نتيجة طبيعية لتأخر الرد الدولي ضد الميليشيات الحوثية, وعدم معاقبة من يقف وراءها ويدعمها سواء في ذلك نظام الولي الفقيه, أو الاتفاق غير المعلن بينهم وبين أنصار علي عبد الله صالح, رغم معارضة الأخير للإعلان الانقلابي, والذي صدرت فيه خلال العام الأخير أربعة قرارات بالإجماع عن مجلس الأمن! تعاقب اسما ورسما المتورطون في ابتلاع هذه الدولة لم تنفذ إحداها, كما لم تنفذ كل الاتفاقات السابقة بينهم وبين القوي السياسية في اليمن. لم يكن الإعلان الدستوري الذي أصدرته جماعة وميليشيا الحوثي في السادس من فبراير الماضي إلا محاولة لشرعنة انقلاب علي دولة وثورة ورئيس معا, وابتلاع لمختلف مؤسساتها, وحلقة من مسلسل انزلاق هذه الميليشيات باليمن نحو الاحتراب الأهلي والطائفي, وهو ما تتصاعد أدلته منذ سيطرة هذه الميليشيات علي العاصمة صنعاء في21 سبتمبر الماضي, وحصارها للرئاسة والرئيس في يناير الماضي, بينما تجري محاولات الحوار والتوافق تحت ظل أسلحتهم, وسبق أن دعي عبد ربه منصور هادي الرئيس المصر علي استقالته لنقل جلسات الحوار لتعز بعيدا عن ضغط هذه الجماعات المسلحة. من جانبه وفي السابع من فبراير الماضي أعلن مجلس التعاون لدول الخليج, رفضه ما أقدم عليه الانقلابيون الحوثيون من إصدار ما سموه ب( الإعلان الدستوري) للاستيلاء علي السلطة, ليعرب عن رفضه المطلق للانقلاب الذي أقدم عليه الحوثيون باعتباره نسفا كاملا للعملية السياسية السلمية التي شاركت فيها كل القوي السياسية اليمنية, واستخفافا بكل الجهود الوطنية والاقليمية والدولية التي سعت مخلصة للحفاظ علي أمن اليمن واستقراره ووحدته, وتحقيق تطلعات الشعب اليمني. وليس أدل علي نسف الحوثيين للعملية السياسية في اليمن وتفجيره حربا طائفية وجهوية وقبلية, شاملة, من التناقض الحاصل بين الدعوة لحوار بين القوي السياسية(16 حزبا وقوة سياسية), حيث اشترطت ميليشيات الحوثي اعتماد إعلان الحوثيين الدستوري مرجعية وحيدة لأي حوار, فأي حوار بشروط المتغلب المسلح, وماذا كان الحوار الوطني الذي استمر عاما, وأتت مخرجاته حلا تصالحيا ومنشئا لدولة يمنية حديثة, تعبر عن كل مكوناتها, ولم يلتزم به الحوثيون رغم مشاركتهم فيه! مع التطورات لا يساند الانقلاب الحوثي إلا حزب الإصلاح الإخواني, ومازالت جولته مستمرة برئاسة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة وممثله الخاص في اليمن جمال بن عمر, والتي انتهت يوم11 فبراير دون نتيجة, تتوجه ميليشيات الحوثي للمحافظات الجنوبية ونجحت في السيطرة علي مدينة البيضاء, بمساعدة من قوات الحرس الوطني هناك! وتنشط المظاهرات في تعز ورداع, وتمت اشتباكات واسر لعدد من جنود وعناصر هذه الميليشيات التي تسعي لابتلاع الدولة اليمنية! وتستمر ميليشيات الحوثي متمردة علي أي توافق وخارجة علي أي اتفاق وطني أو دولي أو إقليمي.. ليستمر مسلسل ابتلاع اليمن وتسرق ثورته من الفصيل والميليشيا المنظمة كما كان دائما في مصر وغيرها.