الإرهاب حدث وسيحدث عندنا وعند غيرنا في العالم, فلا يوجد نظام أمني محصن مائة بالمائة ضد خطر الإرهاب. فقد ينجح الإرهابيون في استغلال تراخ يصيب أجهزة الأمن بمرور الزمن, وخاصة عندما تتحول إجراءات الأمن إلي روتين ممل, فيتسرب لدي القائمين عليه- خاصة في المستويات الدنيا- شكوك فيما إذا كانت إجراءاتهم الروتينية هي السبب في منع الإرهاب, أم أن خطر الإرهاب غير موجود أصلا. الإبقاء علي مستوي استعداد الأجهزة الأمنية مسئولية القائمين علي الأمن, والمقصرين منهم يجب أن يحاسبوا وإلا كان في الأمر دعوة لانتشار التقصير. لكن الإرهابيين المصممين علي إلحاق الأذي بالناس والأوطان لديهم القدرة علي تطوير الأساليب التي تسمح لهم بالالتفاف حول إجراءات الأمن مهما كانت مشددة. فالإرهابيون يخلقون الثغرات في أقصي نظم الأمن إحكاما, والعبء يقع علي أجهزة الأمن لسد الثغرات كلما اكتشفت واحدة جديدة, حتي لو يكن في الأمر تقصير. هذه الحرب المستمرة بين أجهزة الأمن وجماعات الإرهاب ستظل جارية ولن تتوقف أبدا, وبقدر ما سيكون علي أجهزة الأمن العمل بجدية لمنع هجمات الإرهاب, فإن علي المجتمع والدولة أن يكونوا مستعدين لتلقي الضربة الإرهابية القادمة التي لا أحد يعرف متي وأين ستحدث. فقد كشفت هجمة الإرهاب في الإسكندرية عن قصور في استعداد الدولة والمجتمع للتعامل مع خطر الإرهاب. فمن المفهوم أن يخرج المواطنون بعد الحادث الإرهابي للتعبير عن تضامنهم مع الضحايا ولإدانة الإرهاب, ولكن أن يخرج البعض من المواطنين لإعلان غضبهم ضد الدولة وضد مواطنين آخرين فهذا يكشف عن تقصير سياسي واجتماعي خطير. الإرهاب الذي ضرب الإسكندرية استهدف ما هو أبعد من عشرات الأقباط الذين راحوا ضحايا للحادث الإرهابي. تأليب المصريين ضد بعضهم البعض وضد مؤسسات دولتهم هو الهدف الأبعد للإرهاب, وهؤلاء الذين يوجهون غضبهم ضد الدولة وضد مصريين آخرين إنما يساعدون الإرهابيين علي تحقيق أهدافهم. هذا هو ما حدث في الحادي من سبتمبر, وهذا ما سعي الإرهابيون في الإسكندرية لتحقيقه. فقد رد الرئيس جورج بوش علي هجمات الإرهاب بغضب وبشن الحرب مدفوعا برغبة الانتقام فكانت النتيجة خسارة فادحة للولايات المتحدة, وتأجيج للعداء بين الغرب وشعوب المسلمين, وهذا هو بالضبط ما أراده الإرهابيون. فتنفيس الغضب قد يريح النفس لبعض الوقت, لكننا نستيقظ جميعا في اليوم التالي لنكتشف أننا خسرنا مرة عندما كنا ضحايا للإرهاب, ومرة عندما كنا ضحايا للغضب.